أكد المرصد العراقي لحقوق الإنسان، أنه بعد مرور 5 أعوام على انطلاق احتجاجات "تشرين" الشعبية في العراق، التي راح ضحيتها مئات القتلى وآلاف الجرحى، لا يزال الجناة بلا عقاب، فيما لم يتم إنصاف المتضررين.
وعبر المرصد في تقرير نشره اليوم الثلاثاء (1 تشرين الأول 2024)، بمناسبة الذكرى الخامسة على انطلاق احتجاجات "تشرين"، عن استياء وأسى نتيجة استمرار غياب العدالة لضحايا الاحتجاجات، ومحاسبة الجناة.
أدناه نص التقرير:
في الذكرى الخامسة لاحتجاجات تشرين 2019، يعبر المرصد العراقي لحقوق الإنسان عن أسى واستياء عميقين نتيجة استمرار غياب العدالة لضحايا الاحتجاجات التي شهدت نزول الآلاف من العراقيين، خصوصاً الشباب، إلى الشوارع مطالبين بحياة كريمة ووطن خالٍ من الفساد.
ورغم الطابع السلمي للاحتجاجات، فقد تم مواجهتها بعنف مفرط أودى بحياة أكثر من 600 شخص، بالإضافة إلى إصابة الآلاف بجروح بليغة، ناهيك عن الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري الذي طال الناشطين.
احتجاجات تشرين، التي اندلعت في الأول من أكتوبر 2019، كانت بمثابة صرخة شعبية ضد التدهور الاقتصادي، والفساد المستشري، وسوء الإدارة، والبطالة. خرج العراقيون بأمل كبير في التغيير السلمي، لكنهم وُوجِهوا بقمعٍ قاسٍ، استخدمت فيه القوات الأمنية الرصاص الحي، الغاز المسيل للدموع، والقنابل الصوتية لتفريقهم.
تروي إحدى الأمهات التي فقدت ابنها البالغ من العمر 22 عاماً في الاحتجاجات: "كان يقول لي دائماً: 'العراق سيصبح أفضل يا أمي، علينا أن نخرج ونطالب بحقوقنا. لم أستطع منعه، رغم خوفي الشديد. في يوم وفاته، كان في الصفوف الأمامية بمنطقة السنك في بغداد، حيث أُطلقت عليه النار من قبل قوات مجهولة وسقط قتيلاً. عندما استلمت جثته، شعرت وكأنني فقدت روحي. أخذوا حلمه من بين يديه، ومن بين أيدينا جميعاً بلا رحمة".
ورغم الوعود المتكررة من الحكومة العراقية، خصوصاً بعد استقالة حكومة عادل عبد المهدي في نوفمبر 2019، لم تفضِ التحقيقات إلى نتائج حقيقية، ولم يُقدَم المسؤولون عن هذه الجرائم إلى العدالة. لجان التحقيق التي تشكلت كانت بلا صلاحيات فعلية.
أصبحت سياسة الإفلات من العقاب، واحدة من أخطر تداعيات هذا القمع. لم تتم محاسبة القوات الأمنية ولا الفصائل المسلحة التي شاركت في قمع المتظاهرين. يقول أحد الآباء الذي فقد ابنه البالغ من العمر 19 عاماً: "كنت فخوراً به، كان دائماً يتحدث عن التغيير وحقه في العيش بكرامة. لكنه لم يعش ليرى هذا التغيير. حين فقدته، شعرت أن كل أحلامي وآمالي قد تلاشت معه".
لم تقتصر الانتهاكات على القوات الأمنية فقط؛ بل كانت الفصائل المسلحة المدعومة من قوى سياسية نافذة، متهمة بالعديد من عمليات الاغتيال والترويع التي استهدفت الناشطين والمنظمين للاحتجاجات. وثق المرصد العراقي لحقوق الإنسان حالات اغتيال متعددة، أبرزها اغتيال إيهاب الوزني وأمجد الدهامات، فضلاً عن محاولات اغتيال أخرى استهدفت ناشطين مثل مجيد الزبيدي ولوديا ريمون.