اخر الاخبار

يتشابك نزاع غرب افريقيا مع انظمة نزاع اخرى في منطقة البحيرات والقرن الافريقي، تهدد في مجملها الاستقرار بعرض السافنا من المحيط الهندي الى الاطلسي، بحسب خبراء في التنمية، ابرزهم الراحل د. الطيب حاج عطية، في ندوة عام 2006 بمقر صحيفة الصحافة السودانية.

أرقام مرعبة

وفي هذا العام وحده، رصدت مواقع اخبارية، مقتل 20 شخصاً في هجوم ارهابي شرق بوركينا فاسو، ومقتل 129 ارهابياً خلال شهر. كما قتلت جماعات ارهابية مئات الاشخاص، ما دفع بنصف مليون شخص للفرار، وافقد الحكومة سيطرتها على خارج العاصمة. وتشهد هذه البلاد هجمات منذ عام 2015 ادت الى مقتل 850 شخصا، واجبرت 840,000 شخص على الفرار.

وفي موزمبيق  تتوالي الهجمات منذ عام 2017 على المباني الحكومية.

الاستثمارات الاجنبية تغذي النهب

هذا غير النزاعات التي تتخذ شكل صراعات على السلطة في تشاد والكونغو  وغيرها من دول غرب افريقيا. وهذه النزاعات  مرتبطة بالمعادن خاصة الذهب واليورانيوم والغاز الطبيعي والياقوت وغيرها من الثروات التي لم تغير في واقع الانسان هناك لاستمرار النهب بواسطة الاستثمارات الاجنبية.

واذا اخذنا مقاطعة مثل (كابو دلجاو) وهي المركز الاقتصادي الاضخم في موزمبيق بفضل امتلاكها رواسب الياقوت الازرق الوردي في العالم، نجد ان شركة (جيم فيلد) البريطانية  تمتلك امتيازا في المقاطعة يوفر40    في المائة من الصادرات العالمية من الياقوت. كما ان المقاطعة المشار اليها تحظي بحقول النفط  والغاز الكبيرة والتي تديرها  شركتا (انداركو الامريكية  وايني الايطالية)، ورغم ذلك يشتكي الموزمبيقيون من العطالة، ما دفعهم الى الارهاب المرتبط بثروات الذهب  والجرافيت في ظل انعدام سبل اخرى. كما ان المقاطعة  المذكورة تعج بكنوز  جعلتها قبلة للمنظمات الارهابية.

مالي.. ما لها وما فيها

وفي مالي، الدولة الاغنى في غرب افريقيا، بحسب موقع (العين الاخباري)  توجد جماعات ارهابية عديدة. وان الدولة تتمتع  بثروات معدنية  كبيرة  مثل اليورانيوم. وتعتبر الدولة الثالثة بعد جنوب افريقيا وغانا في انتاج الذهب؛  حيث تنتج 61,63 طناً  الى جانب الثروات الزراعية والحيوانية. الا انها تعد من افقر الدول  الافريقية،  وتصل نسبة الفقر فيها  الى 42,7% وفق تقرير لصندوق النقد الدولي، ونسبة البطالة فيها 9,8% من اجمالي السكان  والديون الخارجية 4 مليارات دولار، بينما الاستثمارات الاجنبية 4,4 مليار دولار امريكي ما يمثل 26% من الناتج المحلي، بحسب تقرير صندوق الاستثمار العالمي لعام 2019.

ضعف سلطان الدولة

اما بوركينا فاسو، فتعتبر اكبر منتج للذهب في غرب افريقيا، حيث تنتج 52 طنا سنوياً،  ويمثل الذهب 11% من الناتج المحلي، ويعمل به 1,5 مليون شخص.

لكن رغم ذلك، اكدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 2018  اضطراب البلاد من الناحية الامنية  وتعرض العاملين للارهاب والاختطاف.

وتحاول مراكز الدراسات العالمية المنحازة للاستثمار بديلاً للتنمية، ان ترمي بالائمة على الجماعات الارهابية، ذات الطابع الاسلامي. لكن المعروف ان تلك الجماعات لا تنشط الا في المناطق التي يضعف فيها سلطان الدولة. كما انها تبحث عن تمويل لنشاطها لعدم تمكنها من التعامل عبر النظام المصرفي العالمي، فوجدت ما تبحث عنه في معادن غرب افريقيا وانظمتها الامنية الهشة. كما انها لم تعدم من يتعاون معها عالمياً في مجال  تهريب الذهب؛ حيث اشارت تقارير عالمية الى عدد من الدول، التي تتعامل في الذهب القادم من مناطق النزاعات مثل الامارات والهند.

التحول المناخي

من جانبها، تردد الجماعات الارهابية التي تمارس اعمالاً اقرب الى السخرة في ظل انعدام القانون، حديثاً يخاطب اشواق الاهالي بعيداً عن الدين، مثل سيطرة الشركات الاجنبية على موارد البلاد والبطالة.

ويشير الوضع المتدهور والمرتبط بأنظمة نزاع اخرى بعضها  متعلق بالتحول المناخي الذي قاد  الى فقر التربة والتداخل بين الزرعة والرعي، كما تعكس ذلك صراعات المزارعين والرعاة، يشير الى ان التنمية في تلك الدول، يجب ان تجيب على اسئلة سياسية وطنية واجتماعية. وان لاتتوقف عند حدود  المشاريع الانتاجية. وتنطلق من حقيقة ان فشل المحميات الاجنبية في افريقيا مرتبط الى حد كبير بنشاط الاستثمارات الاجنبية. وان الارهاب وجد دول لاتطمح نخبها السياسية في اكثر من ان تكون وكيلة لراس المال الاجنبي ولاتسعي لبناء دول قادرة على مجابهة التحديات الوطنية الامنية بعيداُ عن الحماية الاجنبية المرتبطة بالعطالة والفقر. ذلك في ظل ضعف الخطاب الوطني الذي كان من الممكن ان يقدم تفسيراً صحيحاً للظاهرة.

عرض مقالات: