اخر الاخبار

“ الاثنية قنبلة موقوتة تنسف وحدة اثيوبيا” بهذه العبارة استخلص الرئيس الاثيوبي الحالي ابي احمد اهم العبر والدروس من تجربة الفيدرالية الاثنية التي اوصلته الى السلطة، داعياً في الوقت نفسة الى ضرورة قيام الاحزاب على الافكار وليس على الاثنيات.

وقد بادرت الى هذا التحالف جبهة تحرير شعب التيغراي  التي تكونت عام 1975، بعد سنة واحدة من انقلاب منغستو هايلي مريام. واللافت ان الانقلاب اعتبر نفسه ماركسياً، كما ان الجبهة المعارضة له اعتبرت نفسها ماركسية. وقد اسسها طلاب في جامعة اديس ابابا، وشرعت في العمل العسكري الذي لم يتطور الا بعد دخولها في تحالف مع حركات اخرى من الامهرا والاروميا والبني شنقول والعفر وجبهة تحالف شعوب الجنوب. ثم توحدت جميعها في مؤتمر عقد عام 1988.

وكانت قبل ذلك قد دخلت في تحالف مع الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة الاريترية، مما طور العمل العسكري واصبح اسم التحالف الجبهة الشعبية لتحرير شعوب اثيوبيا، وهو الذي وصل الى الحكم في ايار 1991. ورقم ان التيغراي يمثلون 6 في المائة فقط من السكان، فقد كانت الجبهة مسيطرة على التحالف. وكان الرمز الاساسي بعد اول رئيس (عندوم) الذي اطيح به لاتهامه في قضايا فساد، هو (ملس زناوي) الذي اصبح الرئيس.

ومن اهم انجازات التحالف، اجازة الدستور الفيدرالي الاثيوبي عام 1995 الذي اعتمدت عليه الفيدرالية الاثيوبية  وقسمت بموجبه البلاد الى 9 اقاليم، كل منها باسم اثنية ويتمتع بسلطات  كبيرة. وظل هذا التحالف يقود اثيوبيا حتى وفاة ملس زناوي. ولكن انسحبت منه مجموعات مثل جبهة تحرير الاورومو والجبهة الديمقراطية لبني شنقول ومجموعات من الامهرا.

كما ان التحالف بعد وصوله الى السلطة تخلى عن الماركسية، واصبح اقرب الى الليبرالية. مع انه لم يذهب باتجاه ممارسة ديمقراطية حقيقية واجراء انتخابات. وتلك التي اجراها في عامي 2005  و 2010  مشكوك في نتائجها.

وعند وفاة ملس زناوي لمفاجئة عام 2012  كان هناك تململ  وسط المجموعات العرقية المختلفة. ووقتها اقترح التحالف هايلي مريام ديسالي رئيساً للوزراء. وهذا كان مقرباً من ملس زناوي وهو من شعوب الجنوب. وقد بدأت في فترته الاحتجاجات الشعبية، خاصة من الاروميو، الذين يمثلون 40 في المائة من الشعب، لكنهم ظلوا تاريخياً يشكون من التهميش. وكان طابع الاحتجاجت في البداية اجتماعيا يتعلق بملكية الارض،  ثم تحولت الى مطالب سياسية في عامي 2016 ـــ2017 . مما دفع ديسالي الى الاستقالة.

وتشكل  تكتل ضم الارومو والامهرا وشاركت فيه بعض شعوب الجنوب والصوماليا والعفر،  وقدم مرشحا واحدا للمجلس المركزي في مواجهة مرشح التيغراي.

وفاز الرئيس الحالي ابي احمد برئاسة الوزراء، وبدأت معركته مع التيغراي، حين قام بتصفية مراكز قوتهم باعفاء ثلاثة شخصيات مهمة. وهؤلاء هم رئيس اركان الجيش  ومدير الشرطة  اللذان بقيا في هذين المنصبين لمدة 17 عاماً الى جانب مدير جهاز الامن. مما جعل التيغراي يشعرون بالاستهداف.

ثم اتهم مجموعة من قياداتهم بالفساد المالي خاصة في مشروع سد النهضة، فانسحبت هذه القيادات من العاصمة وذهبت الى اقليم التيغراي. وطالب بهم ابي احمد لكن حكومة الاقليم رفضت تسليمهم. كما اعلنت عن اجراء انتخابات وكونت لجنة لذلك لم تعترف بها لجنة الانتخابات المركزية. لكنهم ااجروها، فقامت الحكومة المركزية بوقف تحويلات الميزانية اليهم  وفسرت تصرفهم بانه تمرد، فاعلنت حكومة الاقليم بانها سوف تذهب الى حق تقرير المصير. وهاجموا قيادة الجيش الشمالية. فاعلنت الحكومة المركزية الحرب عليهم باسم عملية فرض القانون والتي اشتعلت منذ نوفمبر الماضي.

 لكن هذه الحرب واجهت مازقاً بسبب قيام تحالفين مع ابي احمد وهما تحالف قوات الامهرا واسمها (فانو) مما فتح باب الصراع التاريخي بينها والتيغراي حول السيادة على اثيوبيا، الى جانب خلافات حول ملكية الارض. والثاني هو التحالف مع اريتريا الذي جعل الجيش الاريتري يدخل المعركة بسبب ان افورقي له عداء تاريخي مع جبهة التيغراي. مما ازم الموقف وسبب صراعاً اثنياً بعد ان كان بين الدولة واقليم متمرد عليها. واصبحت هناك مخاوف من ان يهدد وحدة البلاد.

ولعل ذلك ما دفع الرئيس ابي احمد الى اعادة النظر في كامل تجربة الفيدرالية الاثنية في كتابه بعنوان( مدمر) الصادر باللغة الامهرية، والذي دعا فيه الى قيام الاحزاب على اساس الافكار وليس الاثنيات.

عرض مقالات: