أمرت محكمة العدل الدولية حكومة الاحتلال الإسرائيلية، امس الأول الجمعة، بالوقف الفوري لعملياتها العسكرية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة سحب قواتها، استجابة للدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا، واتهمت فيها الدولة العبرية بارتكاب إبادة جماعية.
منع الإبادة الجماعية
وذكر نص قرار المحكمة، أنه «وفقا لمعاهدة منع الإبادة الجماعية فإن أي عمل إضافي في رفح قد يؤدي إلى دمار جزئي أو كلي».
واعتبرت المحكمة، أن «الهجوم البري على رفح تطور خطير يزيد معاناة السكان»، مشيرة إلى أن «إسرائيل لم تفعل ما يكفي لضمان سلامة وأمن النازحين».
وقال رئيس محكمة العدل الدولية، القاضي نواف سلام: «يجب على إسرائيل أن توقف على الفور هجومها العسكري وأي عمل آخر في رفح قد يلحق الضرر بالسكان الفلسطينيين في غزة ويؤدي إلى تدميرها المادي كليا أو جزئيا».
وأعلن سلام عن تصويت المحكمة لصالح إصدار أمر بفتح معبر رفح وضمان إدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن عدد من القرارات الأخرى التي صوتت عليها المحكمة، وطلبت المحكمة من «إسرائيل» تقديم تقرير بعد شهر حول التزامها بتنفيذ أوامر «العدل الدولية».
ورحّب المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة بالقرار، وقال إن «الرئاسة ترحب بالقرار الصادر عن محكمة العدل الدولية، وهو يمثل إجماعا دوليا على المطلب بوقف الحرب الشاملة على قطاع غزة».
نتانياهو منبوذ عالميا
وذكر تحليل لشبكة «سي أن أن» الأمريكية، أنه «لم يسبق أن تعرضت إسرائيل لمثل هذا الضغط الدولي المكثف والمستمر من جبهات متعددة بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين».
وقال التحليل، إنّ نتنياهو انضم هذا الأسبوع إلى صفوف زعماء العالم الذين يوصفون بالمنبوذين دوليا عندما أصبح هدفا للمحكمة الجنائية الدولية، التي يسعى المدعي العام فيها كريم خان إلى إصدار مذكرة اعتقال ضده وضد وزير دفاعه يوآف غالانت للاشتباه في ارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الحرب الإسرائيلية على غزة.
كما أنها أمرت أمس الأول الجمعة دولة الاحتلال بالوقف الفوري لعمليتها العسكرية المثيرة للجدل في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، قائلة إن الوضع الإنساني هناك كارثي ومن المتوقع أن يتفاقم أكثر.
فشل الحرب الانتقامية
ويرى التحليل، أن الاحتلال فشل في حربه الانتقامية، ولم يستطع تحقيق أهدافه حيث لا يزال كبار قادة حركة حماس طلقاء، ولا يزال 125 أسيرا محتجزا في القطاع.
وذكر التحليل، أن الضغوط على إسرائيل تتواصل لحملها على إنهاء الحرب من كافة الجهات: الجامعات الأمريكية، والمحاكم الدولية، والمشاهير الأمريكيين، وحلفاء إسرائيل الغربيين، وحتى عائلات الأسرى.
وكان أهم الضغوط ذلك الذي قد يكون الإجراء القانوني والدبلوماسي الذي تم اتخاذه ضد الاحتلال هذا الشهر.
ويسعى مسؤولو دولة الاحتلال جاهدين لاحتواء التداعيات، واتهموا منتقديهم بمعاداة السامية وتعهدوا بعدم التراجع في مواجهة الضغوط الدولية وفق الشبكة.
وتابع التحليل، أنه «لسنوات عارض المسؤولون الإسرائيليون الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية، خشية أن يؤدي ذلك إلى تمكين الفلسطينيين من تقديم إسرائيل إلى المحاكم الدولية وإضعاف موقفها في مفاوضات السلام المستقبلية».
ولذلك فقد فشل الفلسطينيون في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بسبب اعتراضات الولايات المتحدة، الحليف الأقرب لإسرائيل والمدافع الرئيسي عنها على الساحة العالمية.
دعم دولي للفلسطينيين
ومع ذلك، فإن التصويت غير الملزم في الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 أيار، أظهر دعما دوليا ساحقا لقيام دولة فلسطينية مستقلة، ما ترك الولايات المتحدة وعددا قليلا من حلفاء إسرائيل في عزلة.
ومع استمرار إسرائيل في رفض احتمالات الاستقلال الفلسطيني، فقد اختارت بعض الدول التصرف بشكل مستقل.
وأعلنت إيرلندا وإسبانيا والنرويج هذا الأسبوع عن خطط للاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية، قائلين إنهم يأملون أن تؤدي هذه الخطوة إلى حث الدول الأوروبية الأخرى على أن تحذو حذوها.
ويقول التحليل، انه «بصرف النظر عن الجهود الدولية لإنهاء الحرب، يتعرض نتنياهو أيضا لضغوط شديدة محليا للتوصل إلى اتفاق مع حماس لإعادة الأسرى».
وبحسب التحليل، فإن ذلك أدى إلى حدوث صدع بين حلفاء إسرائيل الغربيين وتحالف متزايد من دول الجنوب العالمي التي تمتد من آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية التي تطالب بصوت عال بشكل متزايد بمحاسبة إسرائيل على أفعالها في غزة.
كذلك أدى القرار الذي اتخذته المحكمة الجنائية الدولية بمتابعة أوامر الاعتقال ضد نتنياهو وغالانت إلى إحداث انقسام بين حلفاء إسرائيل الغربيين.
وفي حين نددت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بهذه الخطوة، فقد أكدت دول أوروبية مثل فرنسا وألمانيا ودول أخرى استقلال المحكمة ولم تستبعد إمكانية اعتقال مسؤولين «إسرائيليين» إذا دخلوا أراضيها بعد صدور مذكرة قضائية.
وكانت الاستجابة لطلب مذكرة التوقيف شرسة بشكل خاص في الكونغرس الأمريكي، حيث تجري الآن جهود بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لمعاقبة المحكمة الجنائية الدولية، وربما بما في ذلك فرض عقوبات».
وعلى الصعيد الميداني، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حصار محيط مستشفى كمال عدوان، وإطلاق النار على بوابة المستشفى، كما كثفت عملياتها العسكرية على مواقع عدة في قطاع غزة، بينها رفح.