اخر الاخبار

أعلنت لجنة الانتخابات في سريلانكا، مساء الأحد الفائت، نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في اليوم السابق. وفاز فيها أنورا كومارا ديساناياكي (55 عاما)، زعيم الائتلاف اليساري. وهو زعيم جبهة التحرير الشعبية، وريث حزب ماركسي لينيني كان يتبنى الكفاح المسلح، ولكنه اتبع نهجا جديدا، ويضم اليوم كفاءات مهنية وناشطين في المجتمع المدني ورجال دين بوذيين وطلبة.

وخلال حملته الانتخابية حاول ديساناياكي اتباع نهج مختلف، مع التركيز أساساً على أتباعه من الشباب، الذين وعدهم بإحداث "تحول اجتماعي واقتصادي وسياسي في البلاد"، وذلك بفضل الدور الذي لعبه ائتلافه في الاحتجاجات الواسعة التي اسقطت الرئيس الأسبق جوتابايا راجاباكسا عام 2022. ويراهن ديساناياكي على "التعليم ودولة الرفاه والتحول الرقمي ومكافحة الفساد وإلغاء النظام الرئاسي من أجل العودة إلى الديمقراطية البرلمانية".

وينتقد ديساناياكي الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، ويقول إنه يرغب في إعادة التفاوض بشأن بعض شروطه، ويرغب في التخفيف من تأثير الأزمة الاقتصادية على السكان، ليس فقط من خلال الرعاية الاجتماعية، ولكن أيضاً من خلال الإصلاحات الضريبية.

وبعد انتهاء فرز الأصوات، حصد المرشح الماركسي ديساناياكي 42,3 في المائة من الأصوات، وفق ما أعلنته اللجنة الانتخابية على موقعها الإلكتروني، مؤكدة أن نحو 75 في المائة من الناخبين المؤهلين البالغ عددهم 17 مليونا أدلوا بأصواتهم. وحل زعيم المعارضة ساجيث بريماداسا في المركز الثاني بحصوله على 32,76 في المائة من الأصوات، فيما جاء في المركز الثالث الرئيس المنتهية ولايته رانيل ويكريمسينغه بحصوله على .17,27

انتصار للشعب

وقال ديساناياكي في منشور على إكس: "هذا الإنجاز ليس نتيجة عمل شخصي، بل هو نتيجة جهد جماعي لمئات الآلاف منكم. لقد أوصلنا التزامكم إلى هذا الحد، ولهذا، أنا ممتن للغاية. هذا النصر ملك لنا جميعًا".

ويبدو ان الرئيس الجديد على دراية بأدوات ضغط المؤسسات على البلدان المعرضة للإفلاس والتي يصل فيه اليسار الى السلطة، كما حدث في اليونان، لذلك قال ديساناياكي إنه سيعيد التفاوض على صفقة صندوق النقد الدولي، التي ابرمت بعد مفاوضات صعبة عام 2023، لجعل تدابير التقشف أكثر قبولا للاحتمال.

وخلال حملته، دان ديساناياكي من سماهم الزعماء "الفاسدين" المسؤولين في نظره عن الفوضى التي حدثت عام 2022، ووعد بتخفيض الضرائب والرسوم على المنتجات الغذائية والأدوية لتأثيرها المباشر على حياة السكان. وكان الرئيس المنتخب قد حصل في انتخابات 2019 على 3 في المائة فقط.

الاعتراف بانتصار اليسار

وأقر الرئيس المنتهية ولايته مساء الأحد بخسارة الانتخابات قائلا في تصريح "بكثير من المحبة والاحترام لهذه الأمة التي أقدرها، أضع مستقبلي بين يدي الرئيس الجديد". وهنأ وزير الخارجية علي صبري ديساناياكي على المنصة الاجتماعية إكس وقال إنه يأمل أن "يقود البلاد بالتزام بالشفافية والنزاهة". وأضاف صبري: "أتمنى للسيد ديساناياكي وفريقه كل النجاح في جهودهم لقيادة سريلانكا إلى الأمام".

وقال بيمال راتناياكي، عضو المكتب السياسي في حزب "جبهة تحرير الشعب" اليساري لوكالة الصحافة الفرنسية، "لن نلغي خطة صندوق النقد الدولي… رغبتنا هي التعاون مع الصندوق وإدخال تعديلات معينة".

وهذه هي أول انتخابات منذ انهيار اقتصاد سريلانكا عام 2022 بسبب نقص حاد في النقد الأجنبي، مما جعل الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي غير قادرة على سداد ثمن واردات المواد الأساسية، بما في ذلك الوقود والأدوية وغاز الطهي.

وفي العام 2022، شهدت البلاد "أسوأ" أزمة اقتصادية في تاريخها، وأدت احتجاجات إلى الإطاحة بالرئيس آنذاك غوتابايا راجاباكسا الذي حاصر متظاهرون غاضبون قصره واقتحموه، ليضطر إلى مغادرة البلاد، وخلفه ويكريميسينغه الذي قاد سياسة تقشف وصفت بالقاسية، وزاد الضرائب وخفض الإنفاق العام.

أزمة اقتصادية

وكانت الحكومة المنتهية ولايتها قد أعلنت الخميس الفائت، أنها تجاوزت العقبة الأخيرة في إعادة هيكلة الديون من خلال التوصل إلى اتفاق مبدئي مع حاملي السندات الخاصة. في وقت تخلفها عن السداد، بلغ إجمالي ديون سريلانكا المحلية والأجنبية 83 مليار دولار. وتقول الحكومة إنها أعادت هيكلة أكثر من 17 مليار دولار الآن.

وعلى الرغم من التحسن الكبير في الأرقام الاقتصادية الرئيسية، فإن السريلانكيين يعانون من الضرائب المرتفعة وتكاليف المعيشة.

ونتجت الأزمة الاقتصادية في سريلانكا إلى حد كبير عن الاقتراض المفرط على مشروعات لم تدر إيرادات. وساهم تأثير جائحة كوفيد-19 وإصرار الحكومة على استخدام الاحتياطيات الأجنبية النادرة لدعم العملة، الروبية، في انهيار اقتصاد البلاد.