اخر الاخبار

بعد ساعات على دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله والكيان الصهيوني حيز التنفيذ، ازدحمت الطرق المؤدية إلى الجنوب، بالنازحين الذين وصل عدد كبير منهم إلى منازلهم المدمرة، وبدأوا فوراً بحملة إعمار ما يتمكنون من أجل الاستقرار، في المقابل رفض المستوطنون الصهاينة في شمال فلسطين المحتل العودة إلى منازلهم، واعتبروا أن اتفاق وقف إطلاق النار لا يعيد الأمان لهم، كونه "أعرج ويعيد الوضع تماما إلى ما كان عليه: حزب الله سيسلح نفسه، إنها مسألة وقت فقط".

مناطق محظورة

وقال جيش الاحتلال إنه أطلق أعيرة تحذيرية في الهواء بعد رصد عدد من المركبات تتجه نحو مناطق لبنانية محظورة، حسب وصفه. فيما ذكر موقع والا الإسرائيلي أن عناصر من حزب الله وصلوا إلى كفر كلا قرب الحدود مع المطلة، وإن الجيش الإسرائيلي أطلق أعيرة تحذيرية وأبعدهم.

في السياق نفسه، قالت وزارة الدفاع الإسرائيلية إن الوزير يسرائيل كاتس أوعز إلى الجيش بالتحرك فورا "ضد كل من يعرض قواتنا في جنوب لبنان للخطر".

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن الوزير أمر القوات باعتقال أي عنصر من حزب الله يقترب من "المناطق المحظورة".

انتقادات لكلمة نتنياهو

انتقد عدد من الاسرائيليين كلمة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التي تبين أنه اقتطع جزء منها فور تسجيلها، وهو ما وصفته وسائل إعلام بالتراجع عن تحذيرات أطلقها خلال تسجيل الكلمة، ولم يدع نتنياهو سكان شمال الأراضي المحتلة إلى العودة إلى مستوطناتهم، رغم أن أهداف الحرب المعلنة ضد لبنان هي: "تطهير المواقع العسكرية والبنية التحتية التي أنشأها حزب الله بالقرب من الحدود، وعودة عشرات آلاف الإسرائيليين الذين نزحوا بسبب الضربات عبر حدود إسرائيل ولبنان إلى منازلهم".

ويقول مراقبون، إن نتنياهو ينسب أي نجاح مزعوم لشخصه، ويخرج بتصريحات مباشرة، لكنه عاد إلى كابينته الحكومية للمصادقة على قرار وقف إطلاق النار، خوفاً من عدم تحقق كامل الشروط، وذلك للنأي بنفسه عن الفشل الذي حصل في وعود الحرب على لبنان.

وعرض نتنياهو بالتفصيل تحركات الاحتلال في مختلف قطاعات الحرب، بما في ذلك الصراعات ضد إيران، وحماس في غزة، والضفة الغربية، والحوثيين في اليمن والعراق. معتبراً أن أحد أسباب وقف القتال هي لغرض التركيز على التهديد الايراني، ولم يتوسع في الحديث عن ذلك، وتابع أن " السبب الثاني هو التحديث الكامل وتجديد القوات، ليس سرا، كانت هناك تأخيرات كبيرة في توريد الأسلحة، والسبب الثالث قطع الساحة وعزل حماس عندما يخرج حزب الله من الصورة، وحماس وحدها في الحملة.. سيزداد الضغط وهذا سيساعد في المهمة المتمثلة في تحرير الرهائن".

المعارضة الإسرائيلية

واعترض عدد من المسؤولين الصهاينة على هذا القرار ووصفوه بالخسارة، إذ قال عضو الكنيست يائير لابيد: "حكومة اليمين لم تطرح أي مبادرة سياسية منذ عام كامل، لذلك تم جرها إلى اتفاق مع حزب الله، دمرت المستوطنات، دمرت حياة السكان، تآكل الجيش وأنتم تروجون للقوانين، القضاء على نصر الله وتفجيرات ونجاحات عملياتية تستحق كل الثناء، لكن حكومة 7 تشرين الأول لم تعرف كيفية عكسها من أجل نصر سياسي".

وأضاف لابيد أيضا: "نتنياهو لا يعرف كيفية جلب الأمن إلى إسرائيل، وادعاؤه بأنه لم يواجه الضغوط الأمريكية هو ادعاء مشين، الآن نحن بحاجة إلى عقد صفقة رهائن بشكل عاجل، وإعادة المواطنين إلى وطنهم وإنهاء الأمر، الحرب في الجنوب أيضاً. في عهد نتنياهو، حدثت أعظم كارثة في تاريخنا، لا اتفاق مع حزب الله يمحو الفوضى، لن يغير أي تصريح لوسائل الإعلام التاريخ".

من جانبه قال وزير الأمن القومي المتطرف بن غفير: "هذه عودة إلى مفهوم الهدوء مقابل الهدوء، وقد رأينا بالفعل إلى أين يقود. هذا الاتفاق لا يفي بالغرض من الحرب". وتابع: "يجب ألا نعتمد على أي شخص سوى أنفسنا (...) هذا خطأ تاريخي!".

وانتقد رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت الاتفاق: "النجاح العسكري الهائل لمقاتلي وقادة الجيش الإسرائيلي يترجم إلى فشل أمني سياسي كامل".

كما انتقد رئيس حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان القرار قائلا: "قال نتنياهو إن الحرب مستمرة حتى النصر الكامل، لكنه لم يقل انتصار أي طرف".

وكتب وزير الحرب السابق، يوآف غالانت: "في الشرق الأوسط، لا معنى للكلمات والإعلانات وحتى الاتفاقات المكتوبة - مستقبل الشمال وأمن السكان سيحددهما شيء واحد فقط: تصميم الحكومة الإسرائيلية على إصدار تعليمات إلى مؤسسة الدفاع بالهجوم بالقوة على أي محاولة لانتهاك حزب الله على الفور. هذا هو المبدأ الذي وقفت عليه طوال الحرب في محادثاتي مع مختلف الوسطاء".

موقف رؤساء بلديات المستوطنات

فيما شن رؤساء بلديات مستوطنات في شمال إسرائيل هجوما حادا على نتنياهو، مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال رئيس المجلس الإقليمي في منطقة مروم الجليل عميت صوفر للهيئة: "هذا اتفاق يترك الحدود الشمالية دون حماية".

بدوره، قال رئيس المجلس الاستيطاني "ماتيه آشر" موشيه دافيدوفيتش لهيئة البث: "هناك جانب واحد مبتهج وسعيد وهو حزب الله وسكان جنوب لبنان، وجانب واحد حزين ومتألم وهم سكان الشمال".

فيما قال رئيس بلدية مستوطنة "شلومي" غابي نعمان لإذاعة الجيش الإسرائيلي: "كل ما قدمه لنا رئيس الوزراء ورئيس الأركان هرتسي هليفي يشير إلى أن الجولة المقبلة على الأبواب، سواء بعد شهر أو شهرين أو عشر سنوات".

ترحيب دولي واسع

ولقي الاتفاق ترحيبًا دوليًا واسعًا، التي أكدت دعمها لهذه الخطوة التي تُعتبر ضرورية لوقف دوامة العنف وتحقيق بعض الاستقرار على جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

فقد رحب الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاتفاق، معتبرين إياه خطوة مهمة لحماية إسرائيل من تهديدات حزب الله المدعوم من إيران.

فيما اعتبر رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي أن وقف إطلاق النار هو "خطوة أساسية نحو بسط الهدوء والاستقرار في لبنان". وأضاف أن هذا التفاهم هو بداية لمرحلة جديدة في البلاد، مع التأكيد على التزام الحكومة اللبنانية بتطبيق القرار الدولي رقم 1701 وتعزيز دور الجيش في الجنوب اللبناني.

من جانبها رحبت إيران بالحفاظ على "سلامة لبنان"، وأكدت دعمها الكامل للحكومة والشعب اللبناني، مشيرة إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يعد خطوة إيجابية في وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان.

وكذلك رحبت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك بالاتفاق، معتبرة أنه "شعاع من الأمل" لمنطقة الشرق الأوسط، فيما أعرب رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر عن أمله في أن يُسهم الاتفاق في إيجاد حل سياسي دائم في لبنان.

جنون الصهاينة

وقبل ساعات من سريان اتفاق وقف إطلاق النار، شن الاحتلال غارات مكثفة على الجنوب اللبناني، قابله حزب الله بقصف مكثف.

وأعلنت وكالة الأنباء السورية، عن قصف إسرائيلي استهدف معبري العريضة والدبوسية على الحدود السورية اللبنانية. فيما قال حزب الله إنه قصف مدينة نهاريا شمالي فلسطين المحتلة و4 تجمعات لقوات إسرائيلية، مع استهداف معسكرين في الجولان المحتل للمرة الأولى، وذلك ضمن 13 عملية أعلن عنها قبل بدء الاتفاق.

ويرد الحزب ببعض هذه الاستهدافات على تكثيف الاحتلال غاراتها الجوية، الثلاثاء، على العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية.

وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا عن 3 آلاف و768 شهيدا و15 ألفا و699 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن نحو مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين.

ماذا قالت حركة حماس؟

قالت حركة المقاومة الإسلامية إن قبول الاحتلال الاسرائيلي الاتفاق مع لبنان دون تحقيق الشروط التي وضعتها يمثل محطة مهمة في تحطيم ما وصفتها بأوهام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتغيير خارطة الشرق الأوسط بالقوة، وأوهامه بهزيمة قوى المقاومة أو نزع سلاحها.

وأشادت حماس في بيان بالدور المحوري الذي تلعبه المقاومة اللبنانية، إسنادا لقطاع غزة والمقاومة الفلسطينية، وثمنت صمود الشعب اللبناني، وتضامنه الدائم مع الشعب الفلسطيني، في مواجهة الاحتلال الصهيوني وعدوانه الغاشم".

وأعربت عن التزامها بالتعاون مع أي جهود لوقف إطلاق النار في غزة، مؤكدة أن محددات وقف العدوان على غزة، التي جرى التوافق عليها وطنيا، هي وقف إطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإنجاز صفقة تبادل للأسرى حقيقية وكاملة.