اخر الاخبار

في بداية الشهر الحالي، نشر الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين أوراق باندورا، وهي مجموعة مهمة من السجلات المالية الخاصة التي تكشف عن الأعمال التجارية العالمية للتعتيم على الثروة والتهرب الضريبي من قبل فاحشي الثراء. التسريبات التي تضم قرابة 12 مليون ملف وتحتوي على أسماء أربعة عشر رئيس دولة، شكلت دليلا جديدا، على أن نسبة 1 في المائة المهيمنة على المال في العالم، العابرة للحدود الوطنية، تنشط بشكل متزايد الآن وفقًا لقواعدها الخاصة وتستخدم شبكة من الملاذات الضريبية والثغرات القانونية للحفاظ على ثرواتها.

وللكشف عن طبيعة الحدث وتداعياته، وارتباطه بطبيعة النظام الرأسمالي كحاضنة للفساد، أجرت مجلة جاكوبين اليسارية حوارا مع جاك كولنز مدير برنامج عدم المساواة والرفاهية في معهد دراسات السياسة ومؤلف كتاب “مكتنزو الثروة. كيف تدفع الملايين لإخفاء التريليونات”. فيما يلي خلاصة لموضوعات هامة تضمنها الحوار.

الخلفيات

نشر “أوراق باندورا” كشف النقاب عن استراتيجيات التهرب من دفع الضرائب لأثرياء العالم، الذين يمتلكون أصولا تزيد عن 30 مليون دولار.

لقد كان نتيجة “التعاون الصحفي الأكبر على الإطلاق”: شارك فيها 600 صحفي من 170 دولة، بتنسيق من الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين. وبمشاركة الواشنطن بوست والغاردنيان.

تسريب أوراق باندورا أكبر بكثير من سابقتها أوراق بنما. كانت الأخيرة بيانات تخص شركة محاماة واحدة في بنما هي موساك فونسيكا، في حين تشمل التسريبات الحالية وثائق سرية لأربعة عشر مرفقا ماليا مختلفا لخدمات الأصول الخارجية في سويسرا وسنغافورة وقبرص وساموا وفيتنام وهونغ كونغ وكذلك من شركات في ملاذات ضريبية معروفة مثل بليز سيشيل وجزر الباهاما وجزر فيرجن البريطانية. تساعد هذه الشركات الأفراد الأثرياء والشركات الكبيرة على الاستفادة من جميع الحيل القانونية في البلدان منخفضة الضرائب والملاذات الضريبية.

تضمنت الأوراق قرابة 12 مليون ملف لهذه الشركات، بما في ذلك رسائل البريد الإلكتروني المسربة والمذكرات والإقرارات الضريبية والبيانات المصرفية ونسخ جوازات السفر ومخططات هيكل الشركة والحسابات السرية وعقود الأراضي السرية. وتسمية المالكين الحقيقيين لشركات صناديق البريد المبهمة لأول مرة. وستوفر مجموعات البيانات تفاصيل ومعارف جديدة.

ولا تتضمن أوراق باندورا العديد من أسماء الأثرياء الأمريكيين، لأن الوثائق تخص مرافق مالية في اثنتي عشر دولة، لا يفضل الأمريكيون الاستفادة منها لحماية ثرواتهم. وعلى الرغم من ذلك هناك أكثر من 700 شركة تم الكشف عنها ينحدر مالكوها من الولايات المتحدة. لذا فإن القصة لم تنته بعد.

وسائل إخفاء الثروات

الشبكات العابرة للحدود الوطنية لنخبة الثروة العالمية، وحركة رؤوس الأموال، تتيح لفاحشي الثراء سبلا لإخفاء ثروتهم منها: دفع تكاليف لتوظيف خبراء متطورين في “صناعة حماية الأصول”، محامي الضرائب، ومديري الأصول، ومراجعي الحسابات، أو لإنشاء “مكاتب عائلية” لإدارة أصول عائلاتهم الحاكمة على مدى أجيال. وعبر مجموعة من الأدوات المعروفة: الحسابات المصرفية وشركات البريد الإلكتروني المجهولة في الولايات أو الأقاليم، حيث القوانين التي تطالب بالكشف عن الملكية محدودة، وخصوصية القوانين المدنية في هذه الأماكن.

الأنظمة التي يستخدمها الأثرياء معروفة منذ فترة طويلة، ولكن الجديد هو الكشف عن هوية 206 من أصحاب صناديق الاستئمان المنشأة في بعض الولايات الأمريكية. لذلك أصبح الحديث عن أناس حقيقيين، كثير منهم ذو سمعة سيئة.

سبل العلاج

في النظام العالمي الحالي، حيث يمكن لرأس المال أن يختفي في الظلمة وتتنافس عشرات البلدان والأقاليم على استضافته، سيكون من الصعب فرض ضرائب فعالة على الأغنياء. ستكون هناك دائمًا أماكن مثل جزر كوك على استعداد لبيع سيادتها وخفض سقف شروطها من أجل جذب تلك الثروات. لكن من الواضح أن الولايات المتحدة تمثل حوتا اقتصاديا يتحمل مسؤولية أكبر وفرصا أكبر لإصلاح النظام السائد، اذ يمكن للقوانين الاتحادية تجاوز التساهل الكبير الذي تنطوي عليه قوانين الولايات إزاء حركة الأموال وامكانيات اخفائها، لكن يجب أن تتوفر إرادة لتذليل المعوقات.

ينبغي أن تتخذ الولايات المتحدة عددًا من الإجراءات لإغلاق ملاذاتها الضريبية الخاصة وحظر أو إعاقة تشكيل صناديق الاستئمان بأشكالها المختلفة. ويجب ضبط الصناديق التي تزيد أصولها عن مبلغ معين في سجل عام، والإفصاح عن المستفيدين منها. ويمكن أيضًا تمرير قانون اتحادي يحظر صناديق الاستئمان ذات المدة غير المحددة ويحدد امدها.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تشارك الولايات المتحدة في صياغة المعاهدات العالمية والاتفاقيات التجارية التي يمكن استخدامها لفرض المزيد من الشفافية على الشركات، فإذا تعاونت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لرفع المعايير (بدلاً من خفضها أكثر) وفرض الشفافية كجزء من شروط التجارة والأنشطة الاقتصادية الأخرى، فسيكون لذلك تأثير كبير.

وللوصول إلى حد أدنى عالمي للضريبة على الشركات، كما تدرس الآن دول مجموعة العشرين، ينبغي أن تكون هناك تقارير ضريبية خاصة بكل بلد. ويتعين مثلا على شركة مثل آبل الإفصاح عما تدفعه في كل دولة على حدة، ومقدار المبيعات التي تحققها، وعدد الموظفين لديها وما إلى ذلك. هذه كلها نقاط انطلاق ممكنة لبدء التغيير.

ستحرك أوراق باندورا المياه. وسيكون من المفيد الحصول على المزيد من التسريبات حول الشركات الأمريكية لكي تكتمل الصورة.

عرض مقالات: