اخر الاخبار

نتائج الانتخابات البرلمانية في جمهورية التشيك، وضعت قوى اليسار، ويسار الوسط خارج البرلمان، لأول مرة منذ تأسيس البلاد بشكلها الحالي في عام 1993. وهي هزيمة ثقيلة ستكون لها عواقب بعيدة المدى لا يمكن توقعها اليوم. لم يستطع الحزب الشيوعي والحزب الديمقراطي الاجتماعي تجاوز العتبة الانتخابية (5 في المائة)، وحصل الحزبان على 3.6 و4.6 في المائة على التوالي.

ولم يكن حال حزب القراصنة الذي يطرح نفسه كبديل يساري أفضل من سابقيه، فقد حصل الحزب على 15,6 في المائة فقط. والمعروف ان الحزب كان قد دخل الانتخابات بتحالف انتخابي مع أحزاب صغيرة، والنظام الانتخابي النافذ، يغير تسلسل المرشحين في القوائم المشاركة على أساس ما يحصلون عليه من أصوات. فكانت النتيجة حصول الحزب على 4 مقاعد، بخسارة 18 مقعدا مقارنة بالانتخابات السابقة.

اوضاع اليسار

بدأت تراجعات الحزب الشيوعي، في انتخابات البرلمان الأوربي في عام 2019، انطلاقا من عدم اهتمام ناخبي الحزب التقليديين بالاتحاد الأوربي. وكان التحدي الكبير الذي واجه الحزب حينها تجميع ناخبيه ودفعهم للتصويت له. وعلى الرغم من الظروف المضادة استطاعت كاترينا كونينا ان تشغل مقعدا واحدا للشيوعيين في البرلمان الأوربي، في حين فشل الحزب الديمقراطي الاجتماعي في دخول البرلمان الأوربي. وفي العام الماضي تعمقت خسارات قوى اليسار في الانتخابات المحلية في تشرين الأول 2020 .

جاء نجاح الحزب حينها لتشكيله قائمة انتخابية يسارية مع المنظمات اليسارية غير الحزبية. وقد صاحب تشكيل القائمة جدلا داخل الحزب، الذي اعتمد طيلة السنوات السابقة استراتيجية الاعتماد على جمهور ناخبيه الثابتين. شكلت هذه القائمة الانتخابية انقطاعًا مهمًا مع الاستراتيجية السابقة للحزب الشيوعي، الذي تعامل بصعوبة مع عمليات التجديد لفترة طويلة. توقفت استراتيجية الانفتاح الجديدة هذه فور انتهاء الانتخابات الأوربية. وعاد الحزب إلى أسلوبه السابق، حيث يرى الخبراء الاستراتيجيون في الحزب أن هذه هي أكثر الطرق أمانًا للدخول إلى البرلمان، انطلاقا من ان قانون الانتخابات البرلمانية النافذ قد يؤدي في القوائم المفتوحة إلى تقدم المرشحين غير الحزبيين على ممثلي الحزب. والآن يشير هؤلاء الخبراء إلى ما حل بمرشحي حزب القراصنة.

فاستراتيجية الحملة الانتخابية للحزب، لم تأخذ بنظر الاعتبار التغيير في نظرة الناخبين تجاه الحزب بسبب دعمه لحكومة رئيس الوزراء أندريه بابيش، بعد ان كان الحزب دوما حزبًا احتجاجيًا وابتعد عن جميع الفضائح الحكومية. لقد حمل الناخبون الحزب جزءا من المسؤولية عن القرارات الحكومية. واستراتيجية التواصل التي طورها الحزب لاحقا، والتي ركزت على مفردات برنامجه، أصبحت ذات تأثير محدود في ظل الاستقطاب الذي ساد الحملة الانتخابية مع أو ضد رئيس الحكومة. لقد شهدت الحملات الانتخابية استقطابا غير مسبوق طرفاه حزب رئيس الحكومة، وتحالفان معارضان، في حين ضاعت الأحزاب التي دخلت السباق الانتخابي بقوائم منفردة، في مسار احتدامه. انعكس هذا الواقع سلبا على الحزب الشيوعي، ولم يعد مفيدا للحزب انهاء دعمه للحكومة في نهاية الدورة البرلمانية، وأدى الاستقطاب أن يكسب الحزب الحاكم، وسطا واسعا من ناخبي الشيوعيين في معاقلهم التقليدية. وأصاب الاستقطاب أيضا الحزب الديمقراطي الاجتماعي الذي كان شريكا أصغر في التحالف الحكومي.  

نتائج اولية

وعندما أعلنت النتائج الأولية في مناطق البلاد المختلفة، أصبح واضحا أن الحزب خارج البرلمان الجديد، وان استراتيجية الحزب الانتخابية لم تكن منتجة. وبناءً على ذلك، استقالت قيادة الحزب بالكامل.  وسيعقد الحزب مؤتمرا استثنائيا في 23 من الشهر الحالي سيقرر مستقبله. ويعتقد العديد من المراقبين الآن أن مهمة قوى اليسار اصبحت أكثر صعوبة. وفي مساء إعلان النتائج، أعلنت كاترينا كونينا، عضوة البرلمان الأوربي، عن استعدادها لتولي قيادة الحزب، لتطوير أدائه، وشددت على موضوعة التحالف اليساري العريض، ولكن يبقى السؤال ما هي الآليات التي يمكن اعتمادها في المستقبل؟ إن التعامل مع الهزيمة الانتخابية أكثر صعوبة، من الظروف التي سبقتها. وبسبب الأغلبية الليبرالية المحافظة، التي ستحدد مسار السياسة التشيكية في المستقبل، سيتم تهميش القضايا التي يتبناها اليسار.