اخر الاخبار

قبل الانتخابات العامة الأخيرة في المانيا، رفض حزب الخضر التمييز بين ديكتاتور جيد وأخر سيء. وقالت وزيرة الخارجية أنالينا بيربوك حينها: «لا مكان للأسلحة في مناطق الحروب. السعودية تشارك في حرب اليمن وتنتهك حقوق الإنسان. والحظر المفروض على صادرات الأسلحة إلى السعودية يجب أن يستمر». لكن كل شيء مختلف الآن. الطغاة والمستبدون في الشرق الأوسط يُأملون ويحصلون على أسلحة.

في نهاية ايلول، وافقت الحكومة الألمانية على تصدير معدات عسكرية وذخائر للطائرات المقاتلة إلى السعودية ودولة الإمارات. أعلن ذلك وزير الاقتصاد الالماني روبرت هابيك (الخضر) في رسالة إلى اللجنة الاقتصادية في البرلمان الالماني. سيحصل الطرفان الرئيسيان في التحالف العسكري ضد اليمن على أسلحة ومعدات عسكرية المانية بقيمة إجمالية 37,4 مليون يورو، حصة السعودية منها 36,1 مليون. وتحصل الإمارات على قطع غيار مقابل 1,3 مليون. أبو ظبي تحتاج هذه المعدات لناقلاتها، والتي بدونها لا يمكن أن تستمر حرب اليمن.

وتتلقى دول أخرى منخرطة في الحرب في اليمن أسلحة المانية، مثل الكويت التي حصلت في الفترة 8 – 13 أيلول على 14 موافقة تصدير ألمانية فردية بقيمة 1و3 مليون يورو. وحصلت مصر على ثلاث موافقات بقيمة 377 ألف يورو. والبحرين والسودان مدرجتان أيضًا في قائمة المستفيدين. جميع هذه الدول تشارك في التحالف الذي تقوده السعودية في حرب اليمن.

أولوية الغاز والنفط على حقوق الإنسان

تتزامن الموافقات على تصدير الأسلحة إلى الدول الدكتاتورية المتحاربة مع زيارات إلى الدول العربية قام بها وزير الاقتصاد الألماني هابيك، والمستشار أولاف شولتز. بعيدًا عن سياسة خارجية ملتزمة بحقوق الإنسان، وهدف هذه الزيارات هو الحصول على مزيد من الغاز والنفط. وعلى الرغم من تأكيدات وزير الاقتصاد هابيك، في أكثر من مناسبة، بوجود خزين من الغاز يكفي لتجاوز شتاء هذا العام، إلا أن هناك ضغطًا كبيرًا للعثور على بدائل لعمليات التصدير الروسية المتعثرة. تقوم السعودية ودولة الإمارات بشراء النفط الروسي بأسعار مخفضة، على الرغم من ان البلدين منتجان للنفط، ويحولانه إلى ديزل، ثم يبيعانه.

وتريد السعودية إنتاج المزيد من النفط والغاز في المستقبل والاستثمار بكثافة في مشاريع الهيدروجين. والهدف هو أن تصبح أكبر منتج للهيدروجين في العالم. وتريد الحكومة الألمانية الآن الاستفادة من ذلك، ولهذا فتحت وزارة الاقتصاد الألمانية، في شباط الفائت، مكتبًا هناك لـ «دبلوماسية الهيدروجين». وتلعب هنا موافقات تصدير السلاح دور عامل إضافي مساعد.

وبهذا الصدد أكد يورغن غريسلن المتحدث باسم مؤسسة السلام الألمانية، إحدى أقدم منظمات حركة السلام تأسست في عام 1892، على ان موافقة الحكومة الألمانية على تصدير السلاح لدول متحاربة فعل همجي وغير انساني، على الرغم من قيام هذه الدول بضرب اهداف مدنية في اليمن، وهذا يعني أن القتل يمكن أن يستمر دون رادع، بالأسلحة والذخيرة الألمانية ولهذا طالب مجددا بوقف تجارة الأسلحة. وكشف غريسلن عن زيف وعود الحكومة الالمانية الجديدة بتقييد تصدير السلاح، وخصوصا وزارة الاقتصاد التي يديرها قيادي في حزب الخضر، الحزب الذي تأسس من داخل حركة السلام، وعبر عن توجهات تقدمية في سنوات نشاطه الأولى، ولكن سرعان ما ابتلعته ماكينة الهيمنة الرأسمالية.

استمرار الحرب مرهون بتصدير السلاح

تعتبر الأمم المتحدة الوضع في اليمن أسوأ أزمة إنسانية في عصرنا، بسبب الحرب المستمرة منذ عام 2015 والحصار المفروض على أفقر دولة في المنطقة، منذ عام 2016، من قبل التحالف الحربي بقيادة السعودية. ويتفق الخبراء على أن الحرب، التي أودت بحياة قرابة 400 ألف شخص وحوَّلت الملايين إلى لاجئين، لا يمكن أن تستمر بدون السلاح القادم من دول الغرب الصناعية.

كان هناك وقف لإطلاق النار في اليمن لمدة نصف عام، استمر نتيجة تمديده مرتين.  لقد انتهت الهدنة في 2 تشرين الأول، بالتزامن مع موافقات تصدير الأسلحة الألمانية إلى التحالف الحربي بقيادة السعوديون، ولم تتوصل الأطراف المتحاربة إلى تمديد جديد.

ويقول مراقبون دوليون في اليمن إن «وقف إطلاق النار وضع حداً للمجازر ومكن العديد من النازحين من العودة إلى ديارهم». لكنهم يحذرون، من ان ما يريده اليمنيون شيء، ومصالح القوى الإقليمية المتصارعة في اليمن (السعودية وإيران) شيء آخر. بالإضافة إلى النفط والغاز اليماني، الذي تحاول الدول الغربية جعله أحد المصادر البديلة للنقط والغاز الروسي

لذا سيهاجم الحوثيون حقول النفط والغاز في السعودية والإمارات بالمسيرات والصواريخ، وستواصل السعودية وحلفاؤها قصف فقراء اليمن بالأسلحة الألمانية والغربية.

عرض مقالات: