اخر الاخبار

في فنزويلا، سقطت مهزلة على الحكومة المؤقتة المدعومة من الولايات المتحدة والتي كان من المفترض أن تطيح بالحكومة اليسارية الشرعية المنتخبة ديمقراطيا بزعامة الرئيس مادورو، والتي اعترفت بها الولايات المتحدة الامريكية ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى على الفور وحتى يومنا هذا. لقد تم حلها من قبل وزرائها الذين نصبوا أنفسهم، بعد ان أعلن غوايدو في الشارع تعيين نفسه رئيسا لحكومة مؤقتة. في 22 كانون الأول، لم تعد حكومة خوان غوايدو المؤقتة موجودة، بعد ان صوتت الأحزاب اليمينية الثلاثة الداعمة لها، للمرة الثانية على انهاء وجودها الوهمي رسميا.

كان التبرير الذي أعلنته هذه الأحزاب، في اجتماع تم نقله مباشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بلا معنى: الحكومة المؤقتة “لم تحقق أهدافها”.

عكس رد غوايدو على ما أعلنته الأحزاب الثلاثة غضبه، وفي تغريده له في التويتر، اقتبس مقولة من الرئيس الفنزويلي اليميني الاسبق كارلوس أندريس بيريز، الذي كان مسؤولاً عن قمع الاحتجاجات الشعبية التي بلغت ذروتها في عام 1989 في مذبحة كاراكازو، والذي تم عزلة في عام 1993 بتهمة الاختلاس، واعتقل في العام التالي: “أتمنى ان يساعد الله من تسبب في هذا الصراع العبثي على عدم الندم عليه”.

في الواقع، لن يتذكر أحد الرئيس الدمية، الذي كان بلا حكومة، بلا جهاز إداري، بلا قوات مسلحة، وبلا تفويض شعبي.

كان صعود غوايدو خرافيا. كان نائباً غامضاً وغير معروف إلى حد كبير، عن حزب يميني متطرف عندما تولى رئاسة الجمعية الوطنية التي سيطر عليها اليمين في 5 كانون الثاني 2019، بعد خسارة تحالف اليسار في الانتخابات البرلمانية عام 2015، وهي الانتخابات الوحيدة التي خسرها اليسار.  وبعد بضعة أيام من ترأسه الجمعية الوطنية، في 23 كانون الثاني، وفي مظاهرة ضد حكومة مداورو، فاجأ البلاد بأداء اليمين كرئيس مؤقت لفنزويلا على رأس حكومة مؤقتة كان من المفترض أن تستمر 12 شهر فقط، لكنها امتدت إلى قرابة 4 سنوات.

وهكذا بدأت محاولة اسقاط الحكومة الشرعية، بدعم فوري من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ورؤساء أمريكا اللاتينية اليمينيين.  وفي وقت لاحق بذلت إدارة ترامب قصارى جهدها لمنحه عوامل قوة، كان واضحا ان الجهود لأسقاط حكومة اليسار كانت تجري خارج البلاد. وفق استراتيجية معروفة جربت في العديد من البلدان، ومثلها الأبرز اسقاط حكومة الوحدة الشعبية بزعامة سلفادور اليندي في تشيلي في عام 1973: خنق البلاد بواسطة حرب اقتصادية، وتهيئة الظروف لغزو البلاد عسكري.  وهي استراتيجية أقرها غوايدو صراحةً، حيث كان يراهن على “استيلاء تدريجي ومنظم”،  يعتمد في جوهره على الاستيلاء على أموال فنزويلا الموجودة في المصارف الغربية في الخارج.

الخيار العسكري، الذي دعا إليه غوايدو وطالب به باستمرار،  بدا ، منذ البداية،  غير عملي نظرًا لامتلاك الحكومة الشرعية قوات مسلحة قدر عديدها بـ 230 ألف مقاتل مسلحين بشكل جيد، مقابل عدد محدود من المنشقين من المؤسسة العسكرية، بالإضافة الى امتلاك حكومة مادورو علاقات جيدة في إطار التوازنات الدولية القائمة.

وعلى الرغم من ذلك كانت هناك مخاوف مرتبطة بما سمى بعملية المساعدات الإنسانية، والتي كان من المفترض أن تصل فنزويلا بعد شهر من إعلان غوايدو نفسه رئيسا مؤقتا، عبر مدينة كوكوتا في منطقة الحدود الفنزويلية – الكولمبية، حيث تتواجد الميلشيات اليمينية في عهد حكومة اليمين الكولومبية، التي ازاحها من السلطة الانتصار التاريخي لليسار الكولومبي في العام الفائت، الذي أعاد في هذه الاثناء سياسة التعاون وحسن الجوار مع حكومة مادورا.

يعد ذلك جاء دور المحاولة الانقلابية المضحكة  التي نفذها في 30 نيسان التيار  الأكثر تطرفاً في  المعارضة ، دون دعم من الجيش  والسكان ، عندما ظهر غوايدو  قرب قاعدة جوية ، محاطا بجنود واسلحة ثقيلة  ، على ما يبدو كان الهدف بدء انتفاضة للتحريض وإثارة رد فعل حكومي لتبرير تدخل عسكري أجنبي. النتيجة كانت حملة واسعة ، صور وتعليقات ساخرة من الانقلابين على مواقع التواصل الاجتماعي.

منذ ذلك الحين، كان الخط البياني للرئيس المؤقت في هبوط متسارع ، فقد تراجعت شعبيته، جراء الوعود التي لم تتحقق، وفضائح الفساد ، ودعمه للغزو الأجنبي ومقاطعته كل  محاولات للحوار، ولهذا لم تكن نهايته على ايدي حلفاء الامس مفاجئة.

عرض مقالات: