اخر الاخبار

في يومي 26 - 27 شباط الفائت عقد المؤتمر السابع لحزب اليسار الألماني بطريقة لا مركزية وعبر تقنيات العالم الافتراضي. وانتخب المؤتمر قيادة ثنائية جديدة للحزب، خلفا لزعيمي الحزب المنتهية ولايتهما، وفقا النظام الداخلي، كاتيا كيبينغ وبيرند ريكسنغر، اللذين قادا الحزب منذ منتصف عام 2012. وناقش المندوبون البالغ عددهم 600، الوثيقة السياسية المقترحة من قيادة الحزب والموسومة: “كيفية الخروج العادل من الأزمة – مع تغيير اجتماعي بيئي سلمي للنظام”. وجرت عمليات التصويت الكترونيا، على ان يجري تأكيدها لاحقا بريديا.

وقبل بدء جلسات المؤتمر اكدت كيبنغ أن القيادة الثنائية الجديدة “ستعكس اتساع الحزب”. وقال ريكسينغر إن الحزب أصبح أكثر توجهاً نحو الحركة والحملات السياسية والاجتماعية. وإن أعضاءه البالغ عددهم 60 ألفا هم في المتوسط أصغر سنا وأكثر تنوعا مما كانوا عليه في عام 2012. ومن المسلم به في عموم المجتمع “أن هناك حزبا اشتراكيا على يسار الحزب الديمقراطي الاجتماعي”. وسبق له ان أشار الى ان ثلث أعضاء الحزب دون سن 35 عاما.

قيادة نسوية

انتخب المؤتمر رئاسة ثنائية جديدة ضمت جانين فيسلر المولودة عام 1981 وهي شخصية ماركسية شابة ورئيسة الكتلة البرلمانية للحزب في برلمان ولاية هسن في غرب المانيا، وممثلة الجناح الاكثر تمسكا بقيم اليسار الجذرية، وأكثر من تلقى تهديدات، ضمن وجوه أخرى من الحزب، من النازيين الجدد. وصوّت لصالحها 84,2 في المائة، ولم تنافسها مرشحة أخرى على قائمة النساء. وصوّت لصالح سوزانه هنش - فيسلوف مواليد 1977 وممثلة الجناح الذي يميل الى الوسطية ويدعو الى المشاركات الحكومية على صعيد الاتحاد وحكومات الولايات، 70,5 في المائة. وتنافس معها مرشحان مغموران على القائمة العامة، حصل أقربهم على 19 في المائة. والمعروف ان المرشحين للمواقع الأولى، يكونون معروفين بشكل غير مباشر مسبقا، ويمثلون التعددية الفكرية والتنظيمية الذي يقوم عليه الحزب. ويحدث ان يرشح مندوبون آخرون انفسهم، ولكنهم في الغالب لا ينالون ثقة الأكثرية. وفي نفس الوقت ليس هناك ضمانة لفوزهم، كما حدث خلال المؤتمر لماتياس هون مسؤول السياسات الأمنية في كتلة الحزب البرلمانية، والمرشح لمنصب نائب الرئيس، الذي فشل في نيل ثقة المندوبين. وكان قد طرح ورقة قبل المؤتمر تدعو لتخفيف موقف الحزب الرافض للمشاركات العسكرية خارج حدود المانيا، وإمكانية تصويت الحزب لصاح المشاركة في قوات مرسلة من قبل الأمم المتحدة لبلدان النزاعات. وجدد المندوبون الثقة بمسؤول المالية، وانتخبوا بقية أعضاء قيادة الحزب. وستمتاز القيادة الجديدة بغلبة الوجوه الشابة فيها، فهل سينعكس على قدرة الحزب في كسب المزيد من الأعضاء والناخبين؟

انطلاقة جديدة

وأكدت كلتا القائدتين الجديدتين بعد انتخابهما، وأيضا زعيما الحزب المنتهية ولايتهما كاتيا كيبينغ وبيرند ريكسينغر، على مدى أهمية البقاء معا والنضال من أجل انطلاقة جديدة. تقول جانين فيسلر، من البداية الجديدة “يجب أن تأتي إشارة الانطلاقة”. وكان رئيس الكتلة البرلمانية للحزب، ديتمار بارتش، قد شدد على ضرورة تحقيق انطلاقة جديدة: “نحن بحاجة إلى انطلاقة جديدة ويتوقع الكثير من الناس في هذا البلد هذه الانطلاقة”.

وتأتي أهمية المؤتمر من كون الحزب واحدا من اهم أحزاب اليسار في أوربا، وفي المانيا التي تتزعم الاتحاد الأوربي اقتصاديا، هناك حزب يساري لديه 69 مقعدا، ويحكم ولاية تورنكن، ويساهم في التحالفات الحاكمة في ولايتي برلين وبريمن، ويحتل ممثلوه العديد من المقاعد في اكثر بلديات شرق البلاد وغربها. وان المؤتمر يعقد في سنة انتخابات متعددة، بضمنها انتخابات البرلمان الاتحادي، وعلى الرغم ان استطلاعات الرأي تمنح الحزب 6 – 7 في المائة، الا ان جميع المتحدثين شددوا على ضرورة توحيد الجهود للحصول على الأقل على 10 في المائة في البرلمان المقبل.

تحديات عدة

ارتباطا بطبيعة الحزب التعددية تواجه الحزب تحديات عدة منها التباين داخله في الموقف من المشاركة في الحكومة الاتحادية من عدمها؛ فغير الراغبين في دخول التحالفات الحكومية يشيرون الى تجارب كثيرة في أوربا شارك فيها اليسار كشريك أصغر، ولكنه اما يضطر الى تقديم تنازلات أساسية، او ينجح في دفع الحكومة الى تبني سياسات او تحقيق إنجازات لصالح الأكثرية، ولكنها في النهاية تجيّر انتخابيا للطرف الذي يقود التحالف الحاكم. وهناك عدد من المحاور الرئيسة المرتبطة بالمشاركات الحكومية منها: مطالبة اليسار بالتخلي جزئيا او كليا عن موقفه الرافض لمشاركة الجيش الألماني في الحروب والتدخلات العسكرية للناتو خارج حدود الدولة الألمانية، ومطالبته المستمرة بإيقاف تصدير السلاح الى مناطق النزاعات العسكرية، او الأنظمة الاستبدادية. وبالإضافة الى التباين بالرأي من التضامن غير المشروط مع المهاجرين واللاجئين الذي تتبناه أكثرية داخل الحزب، مقابل موقف شعبوي يدعو الى ضرورة مراعاة الحسابات الانتخابية وصعود اليمين المتطرف، وبالتالي طرح رؤية تقترب من مواقف قوى الوسط واليمين التقليدي من ملف المهاجرين.

وسيعقد الحزب مؤتمرا في أيّار المقبل لإقرار برنامجه الانتخابي وتحديد مرشحيه لخوض الانتخابات النيابة العامة في الخريف المقبل.

عرض مقالات: