اخر الاخبار

نفذت القوات الامريكية الخاصة يوم الخميس ٢٦/١/٢٠٢٣ غارة في العمق الصومالي ادت الي قتل القيادي في تنظيم الدولة المعروف باسم السوداني و٩ من معاونيه في الكهوف. وتمت العملية بتعليمات من الرئيس جو بايدن وعلم السلطات الصومالية. ووصفت الحكومة الامريكية العملية بانها تجي لحماية الامن القومي الامريكي. لم تعلق القنوات التي اوردت الخبر ومنها قناة الحزيرة ولا المحللون السياسيون والخبراء الذين تمت استضافتهم عن طبيعة الامن القومي الامريكي ولا مشروعيته حين يكون خارج حدود الولايات المتحدة باعتبار ان ذلك من المسكوت عنه وتم تطبيقه منذ النصف الاول من تسعينيات القرن الماضي وفي عهد الرئيس كلينتون حين نفذت ذات القوات اهداف في السودان وافغانستان حماية للامن القومي الامريكي.  وقد اعلنت الادارة الامريكية ذلك علي العلن حيث قطع الرئيس اجازته ليعلن مسؤلية حكومته عن عملية ضرب مصنع للادوية في الخرطوم يشتبه في انه يقوم بصناعات كيماوية. ومنذ ذلك التاريخ اصبح وجود مصالح قومية لامريكا في بلدان اخرى امرا مسلما به. دون ان تخضع تلك الفرضية للمساءلة السياسية ناهيك عن المساءلة القانونية، وكاد يصبح التعريف المعتمد للارهاب في الاعلام العربي والغربي بانه مجرد تعريض المصالح الغربية للخطر مما يفتح الباب للتدخل دون اعتراض قانوني او اخلاقي. لكن الارهاب كنشاط اجرامي وخارج علي القانون ويستخدم اساليب غير مباحة حتى في الصراع المسلح مثل استهداف المدنيين والاهداف غير العسكرية، وهو بطبيعته تلك يختلط بانشطة اخرى غير مباحة عرفا وقانونا مثل تجارة السلاح والاعضاء البشرية والمخدرات والتهريب فانه عادة ينحدر نحو الدول التي تعاني الهشاشة الامنية. الهشاشة الأمنية مرتبطة بالهشاشة السياسية والاقتصادية وتنصل الدولة عن القيام بمسؤولياتها الاجتماعية بسبب انها فاقدة للشرعية، فهي في معظمها جاءت الي السلطة عبر انقلابات عسكرية او استنادا الي اصطفافات عرقية.  وتعتمد في وجودها علي الحماية الدولية و علاقاتها بالدول دائمة العضوية في مجلس الامن التي تستخدم حق الفيتو لحمايتها، لذلك تجدها في حالة نزاع دائم مع مجموعات مسلحة تنازعها الشرعية وايضا بمساندة من الدول الكبرى. ولهذا السبب تستخدم الدولة كامل قوتها الامنية والعسكرية لتثبيت نفسها في كرسي الحكم، كما تنفق علي ذلك جل الميزانية فتهمل الجوانب الاخرى بما فيها توفير الامن كمبرر لوجودها في الجوانب التي تتصل بالمجتمع  فتنحدر اليها الجماعات الارهابية وجماعات الجريمة العابرة للحدود مثل جماعات تهريب البشر. لكن معالجة الارهاب الدولي تعتمد استراتيجية تمتين حائط السجن في بلاد لم تعد قادرة علي توفير اسباب الحياة لأهلها بدلا من معالجة الاسباب الاقتصادية التي تقود الي تفشي هذه الظواهر المجتمعية.  الدعم الدولي خاصة من الاتحاد الاوربي لدول شرق افريقيا لمنع تهريب البشر عبر السودان وليبيا ثم البحر الابيض المتوسط وصولا الي الشواطي الايطالية، يتمثل في تقوية اداء الشرطة وتدريبها وامدادها بادوات التجسس والمراقبة بدلا من تقديم برامج لمحاربة تفشي البطالة في دول المصدر مثل دولة اريتريا التي تحولت الى سجن كبير.  ولاجل ذلك يقوم الاتحاد الاوربي بدعم قوات الدعم السريع في السودان لمراقبة الصحراء بين ليبيا والسودان للحد من نشاط عصابات تهريب البشر.  وقد هدد قائدها حميدتي في اكثر من مرة بانه سيفتح الصحراء امام موجات الهجرة اذا تاخرت الدول الاوربية في توفير الدعم.  ولعل ذلك من بعض ما يفسر صمت اوربا عن مشاركة مليشيا متهمة بارتكاب حرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور علي اقل تقدير في السلطة الانتقالية التي انقلب عليها الجيش وتسعى القوى الدولية بما فيها دول الترويكا لإعادتها مرة اخرى.

والارهاب يعود لذات الاسباب التي تجبر الشباب على عبور مياه المتوسط بالقوارب الصغيرة والسبب واحد. وهو انعدام الامل في حياة عادية تليق بادمية الانسان مما يدفعه لركوب الخطر.  والقضية ببعدها الانساني هي ازمة اقتصادية تحولت بفعل تجاهلها الذي تطاول امده الى كارثة يعتبر الارهاب احد تجلياتها.  ولكن بدلا من ذلك تتخذ الدول الغربية الظاهرة كمبرر للتدخل في شئون الدول الافريقية وايجاد موطيء قدم لقواتها هناك. لان مواجهة الاسباب الحقيقية للظاهرة يجعلنا نقف وجها لوجه امام السياسات الاقتصادية المتمثلة في اعادة الهيكلة.   وهي سياسات تلد الفقر وتعيد انتاجه بشكل يتزايد حدة. واذا نظرنا الي سلة السياسات الغربية المطروحة لمعالجة الاثار الناجمة عن خروج الدول الافريقية من النزاع والتي تشمل الحوكمة والسوق الحر والمجتمع المدني الديمقراطي نجدها لا تشتمل علي اي وصفات لمعالجة الفقر وتركز الثروات في جانب الأغنياء.

عرض مقالات: