اخر الاخبار

بعد أن انقشعت سحابة التوتر بين قيادات المكون العسكري من خلال الاجتماع الذي جمع الفريق البرهان مع حميدتي، وإعلان الجيش التزامه بالاتفاق الإطاري، وتكوين لجنة للسيطرة على الأوضاع الأمنية من القوات النظامية والحركات المسلحة، دبَّ الخلاف هذه المرة داخل المكون المدني، عبر تحركات غريبة لقيادات حزب الأمة، أكبر الكتل الموقعة علي الاتفاق الإطاري. والذي التقت قيادتهُ ممثلةً في الرئيس المكلف فضل الله برمة ناصر، ونائبته مريم الصادق المهدي، بالحزب الشيوعي والكتلة الديمقراطية، كلاً على حدة.

وجاءت تلك التحركات، إثر صراع بات مكشوفاً بين مكتب رئيس الحزب، والأمانة العامة بقيادة الواثق البرير، صهر زعيم الحزب الراحل الصادق المهدي، والذي يساندهُ الصديق المهدي، نجل الزعيم المؤسس، كما تساندهُ مجموعة من قيادات المكتب السياسي التي رفعت مذكرة احتجاج علي تحركات رئاسة الحزب، ممثلة  في الرئيس ونائبه الفريق صديق اسماعيل، الرجل المقرب من فلول النظام السابق.

ففي الوقت الذي أعلن فيهِ رئيس حزب الأمة ونائبه عن رغبتهم في العمل مع العسكر، أعلن الأمين العام وقوفه إلى جانب الشارع الثائر، وتمسكهم بالاتفاق الإطاري، وأن تحركات قيادة الحزب تعبر عن مواقف شخصية. وبات واضحاً أن الامين العام يستقوي بقوى “الحرية والتغيير”، المجلس المركزي، في صراعهِ مع مكتب رئيس الحزب. وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس ونائبه ينحدران أصلاً من المؤسسة العسكرية، فالأول لواء متقاعد من الجيش، والثاني فريق في الشرطة قبل أن ينزل للمعاش.

من جانبهِ أعلن مني اركو مناوي، أحد أبرز قيادات الجناح الآخر في قوى “الحرية والتغيير”، في تصريحات صحفية، أن تسمية رئيس للوزراء قبل الوصول إلى اتفاق سياسي؛ يعتبر محض (استهبال سياسي)، وكان السيد بريتس فولكر، رئيس الآلية الثلاثية الراعية للعملية السياسية، كان قد صرّحَ من قبل بإمكانية تكوين الحكومة قبل حلول شهر رمضان القادم. كما تم تداول أسماء مرشحة لمنصب رئيس الوزراء، منهم: الرئيس السابق عبد الله حمدوك.

 من جانبها، أعلنت قوى “الحرية والتغيير”، المجلس المركزي، قبولها بالحوار مع حركتي مناوي وجبريل إبراهيم، لكنها رفضت ما اسمتهُ بإغراق العملية بكياناتٍ لا وجود لها، ولاعلاقة لها بالثورة. في إشارة إلى الكيان الذي يتزعمهُ المهندس مبارك أردول، المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية، والذي برز إبان انقلاب ٢٥ أكتوبر، وظل من الداعمين لهُ حتى الآن. وهو في الأوساط السياسية والإعلامية، محسوب على المكون العسكري، وأن دخوله في العملية السياسية، يعتقد أنهُ بدفع من الفريق “شمس الدين الكباشي”، الذي ينحدر من نفس الجغرافية التي قدم منها أردول .  ورداً على تصريحات “الحرية والتغيير”، أعلن مناوي أنهُ لن يوقع اتفاقاً مع أي جهةٍ بمعزل عن حلفائهِ في الكتلة الديمقراطية الذين يُعتبر أردول من أبرزهم . تجدر الإشارة إلى أن وزارة المعادن التي تتبع لها الشركة السودانية للموارد المعدنية، التي يرأسها أردول، ينحدرُ وزيرها من حركة مناوي. وكان أردول، قد خصص مبالغ كبيرة من مال المسؤولية المجتمعية للشركة؛ لمقابلة تكاليف تنصيب مناوي حاكماً لإقليم دارفور، مما أثار لغطاً واسعاً أيام حكومة حمدوك، الأمر الذي استدعى تدخل رئيس الوزراء.

وقبل نهاية الأسبوع الماضي، ضمّ اجتماع مشترك القوى الموقعة على الاتفاق الاطاري والمكون العسكري، تمخضَ عن لجنة لصياغة الاتفاق النهائي،  ولجنة أخرى لمناقشة إصلاح القوات المسلحة. علماً بأنّ هذه العملية لم يشملها الاتفاق الاطاري، وتركت مع قضايا أخرى، مثل: تفكيك التمكين والعدالة الانتقالية لمزيد من التشاور.

وكانت اللجنة الأخيرة، قد اطلقت ورشاً لمناقشتها في عدد من الولايات، إلا أن السلطات الأمنية، منعت قيام بعضها، كما قاطع أصحاب المصلحة بعضها الآخر، ووصفها النازحون في إقليم دارفور، بانها تحاول ايجاد مخرج للجناة للافلات من العقوبة في إطار المحاصصة الحزبية، ضمن عملية التسوية التي تنظم المجال السياسي، برعاية دولية وإقليمية .

علي صعيدٍ آخر، خرجت جماهير الخرطوم، منتصف الأسبوع الماضي، في مسيراتها المعتادة التي تنظمها تنسيقيات لجان المقاومة، لكنها هذه المرة كانت تحت شعار ( الثورة نقابة ولجنة حي)، كتحية لنقابة الأطباء التي نجحت في انتخاب لجنتها التمهيدية، والتي اختارت لرئاستها طبيبة، للمرة الأولى في تاريخ الحركة النقابية. كما ضمت نسبة ٤٠ في المائة من النساء، ونسبة مقدرة من أطباء وطبيبات الولايات.  مما يعني أن التناظر مازال هو سيد الموقف في المشهد السياسي بين تياري التسوية السياسية والتغيير الجذري.

عرض مقالات: