اخر الاخبار

شكلت الاحتجاجات والإضرابات المستمرة في فرنسا، إلى جانب أزمات متعدد الأوجه التي تفجرت على خلفية الحرب المستمرة في أوكرانيا، عاملاً محفزاً لتصعيد النضالات العُمّالية في العديد من البلدان الأوربية، إلى درجة يمكن فيها ان نسمي العام الحالي، عام النضال، وعام مناجل سلام أوربي، وعام النضالات العُمّالية، وسبق أن شهدت أوروبا في بداية العام موجة من الإضرابات والاحتجاجات، للمطالبة بتحسين أوضاع العُمّال في ظل أزمة كلفة معيشة، وخلافات بشأن سياسات الإنفاق الوطنية.

وعلى الرغم من تعدد الأسباب الدافعة لهذه الإضرابات والاحتجاجات، إلا أنها ترجع أغلبيتها إلى مقاومة سياسات الليبرالية الجديدة، وما تسببه من أوضاع اقتصادية صعبة، وارتفاع الأسعار، وفي المقدمة منها: أسعار الطاقة، في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.

تتسع الحرائق في باريس، ورجال الإطفاء يُحيّون المحتجين، على الرغم من العمل تحت حراسة قوات الشرطة. يثبت الفرنسيون مرةً أخرى، رفضهم للتراجع أمام رئيس مستبد. لقد شهدت شوارع فرنسا، الخميس الفائت، وحسب تقديرات اتحاد نقابات «سي جي تي» اليساري، مشاركة أكثر من 3,5 مليون في الغضب الفرنسي على تجاوز الديمقراطية وسلطة المراسيم، فيما تحدثت الشرطة عن مشاركة مليون فقط.

ووفق رؤية الحزب الشيوعي الفرنسي بشأن الأحداث، فإنّ ما يحدث غير مسبوق. لقد أدى الهجوم المستمر على قانون التقاعد، باعتباره حجر الزاوية لنظام الرعاية الاجتماعية في فرنسا دائماً، إلى تظاهرات ضخمة. لكن هذه المرة كان الأمر غير عادي، والبلاد لا تواجه أزمة اجتماعية خطيرة فقط، بل تواجه الآن أزمة سياسية وديمقراطية أيضاً.

المانيا على خطى الغضب الفرنسي

أصيبت المطارات ومحطات الحافلات والقطارات، أمس الاثنين، بالشلل في جميع أنحاء ألمانيا خلال أحد أكبر الإضرابات منذ عقود، مما تسبب في إرباك هائل.

وذكرت وسائل إعلام ألمانية، أن “الإضراب المقرر لمدة 24 ساعة، دعت له نقابة عُمّال الخدمات العامة (فيردي) ونقابة (إي.في.جي) لعُمّال النقل، هو الأحدث في إضرابات مستمرة لشهور؛ أضرت بالاقتصادات الأوروبية الكبرى”.

وعلق اثنان من أكبر المطارات في ألمانيا، وهما ميونيخ وفرانكفورت، الرحلات الجوية، في حين ألغت شركة “دويتشه بان” المشغلة لخدمات السكك الحديدية رحلات المسافات الطويلة. وأطلق عُمّال مشاركون في الإضراب يرتدون سترات حمراء، أبواقاً وصفاراتٍ في محطة قطار خالية في ميونيخ.

ويضغط العاملون لرفع الأجور؛ لتخفيف آثار التضخم الذي وصل إلى 9.3 بالمئة في شباط. وتطالب نقابة “فيردي” بزيادة 10.5 بالمئة في الأجور.

بريطانيا تلتحق

على الرغم من أنَّ المملكة المتحدة شهدت هدوءاً نسبياً في التحركات العُمّالية خلال السنوات الماضية، مقارنةً بدولٍ مثل فرنسا، إلا أنها في طريقها للحاق بجارتها، مع تصاعد الإضرابات، وسط أسوأ أزمة تكلفة معيشة منذ نحو جيل، وفقاً لـ”بلومبرغ”.

وينخرط العاملين في البريد الملكي في الإضراب منذ ستة أشهر. وفي كانون الأول 2022، نظموا موجة من الإضرابات في عموم البلاد، أدت إلى تأخير كبير في استلام المرسل في الفترة التي تسبق أعياد الميلاد. وقال عضو قيادة نقابة الاتصالات لوكا الغار، بعد نشر نتائج التصويت مباشرة، إن قيادة النقابة ستعقد اجتماعاً لمناقشة المزيد من الخطوات، وقت تجري فيه مفاوضات بين الشركة والنقابة. وأكد الغار، أن نتيجة التصويت تعطي النقابة قوة دافعة. وسبق أن انتهى صراع عُمّال ميناء ليفربول، الذي اختتم أخيراً، بفرض زيادة كبيرة في الأجور، تراوحت بين 14,3 إلى 18,6 في المائة. وتجاوز المتحقق الهدف الذي حددتهُ النقابات. في البداية كان الهدف الأولي تحقيق زيادة في الأجور تغطي مستوى معدل التضخم الحالي، الذي يتراوح بين 11 و12 في المائة.

بلدان أوروبية أخرى

وشهدت بلدان أوربية أخرى إضرابات واحتجاجات مماثلة، ففي بروكسل شارك الآلاف في احتجاجات ضد العنصرية الموجهة ضد العُمّال الأجانب. وفي اسبانيا، أضربَ عُمّال المراقبة الجوية، من أجل رفع الأجور بما يساوي تصاعد معدل التضخم.

وفي هولندا، نظم عُمّالُ النقل العام، إضراباً لمدة 5 أيام في جميع أنحاء البلاد، احتجاجاً على انهيار المفاوضات مع الحكومة بشأن اتفاق جماعي جديد، يشمل 13 ألف من العاملين. وتسبَّب إضراب سابق في تعطيل حوالي 40% من وسائل النقل العام في مناطق مختلفة بالبلاد.

وفي بداية العام، شهدت فلندا، والبرتغال، واليونان، سلسلةً من الإضرابات متعلقة بانخفاض الأجور وارتفاع معدلات التضخم.