اخر الاخبار

منذ خمسينات وستينات القرن الماضي، ونحن نتابع تطور الأداء الوظيفي في العراق، وقد كنا في خضم الوظيفة العامة، لم نسمع أو نشاهد تعرض مرفق عام للاحتراق أو السرقة، ربما حصل ما هو نادر، ولكن أن يتحول إلى ظاهرة كما هي الحال بعد عام 2003، فهذا موضوع بحاجة للتأمل والاستقصاء. وقبل الدخول في تفاصيل بحثنا هذا نود أن نذكر وزارة الصحة بحريق مستشفى اليرموك الذي أدى بحياة ثلاثة عشر طفلا خديجا وجرح عدد آخر، وذلك حسب الناطق باسم وزارة الصحة آنذاك، وقال الناطق إن الحرق كان متعمدا وذلك بسبب استعمال مواد حارقة، ولم تقدم وزيرة الصحة آنذاك أي اعتذار أو الاستقالة ، كما قدمها وزير الصحة الاردني جراء وفاة ستة مرضى بكورونا لعدم توفر غاز الأوكسجين ، أننا هنا لا نتطرق إلى ثقافة الاستقالة بقدر تطرقنا إلى نتائج التحقيق، واليوم يصعق العراق بحريق مستشفى ابن الخطيب ومقتل 82 مريضا وجرح 110 ، والسؤال هنا لا يوجه فقط إلى وزارة الصحة، بل قبلها إلى وزارة الداخلية، شرطة الحراسات الخاصة والدفاع المدني، فلقلة احترام المواطن المراجع للقانون ولتهاون الشرطي المسؤول تجد أن المستشفيات والدوائر الحكومية كافة صارت مقاهي لكل من هب ودب، وكان على مديرية الدفاع المدني أن لا تغادر هذه المستشفى وغيرها من دوائر الدولة إلا وقد تم تنفيذ تعليماتها، وهنا أود أن اذكر هذه المديرية بأن موظفيها في السابق كانوا يتعايشون معنا في الحفاظ على الأموال العامة ومخازن حفظ هذه الأموال، وهنا أود أن أقول إن الوظيفة العامة بقوانينها لم تعد ترهب الموظف بل على العكس صار الموظف هو من تخاف منه الدائرة أو الوظيفة لانتمائه إلى هذا الحزب أو تلك الكتلة، كما أن القضاء لم يعد قضاء العراق المعروف بل قام بالسير إلى جانب المتنفذين الذين أغلقوا قضية حرق البنك المركزي، أو ترك دون حساب معلن لمن تسبب بتسرب المياه التي أدت إلى اتلاف سبعة مليار دينار، أو لم تعرض على العامة نتائج تحقيق احتراق طابق العقود في وزارة النفط، ، أو لم يشر أحد إلى حريق هيئة التقاعد العامة يوم الجمعة الموافق 19 آذار 2021 . نعم يوم الجمعة حيث لا تجد مراجعين، أو حريق وزارة الصناعة المسكوت عنه أو حريق شركة الصناعات البتروكيماوية، أو لمن يريد المزيد نذكر كل مسؤول شريف بحريق مخزن وزارة التجارة في الرصافة الذي كان يضم صناديق الاقتراع الخاصة بانتخابات عام 2018، اننا لا نريد فتح الجروح، ولكن نسعى إلى مداواة واقع بلدنا المؤلم الذي صار بلد الالغاز واعذار تسرب الغار او اعذار التماس الكهربائي.

إن ارتفاع مناسيب الاحتراق في الممتلكات العامة ناجم عن تدني منسوب الوطنية ووضاعة الوظيفة أو تدني مستوى شاغلها من حيث الكفاءة والإخلاص أو القدرة على استيعاب مهام عمله والكل العامل يشترك في ذلك، وهذه العوامل يغلفها من الخارج الفساد الذي بات يبطش في كل مرافق الدولة وصار الموظف الصغير فاسدا ومدير القسم محابيا والمدير العام متواطئا والوزير مزورا، وصار الحريق وسيلة لإخفاء الشواهد وصارت اللجان التحقيقية تدافع عن السارق، والقضاء لم يعد قادرا على اكتشاف الحقائق، ولم يعد الشعب المسكين قادرا على إطفاء كل هذه الحرائق..