اخر الاخبار

أهم مشكلة تشغل العراقيين وأصبحت هما مزمنا يثقل المواطن والمجتمع هي شحة تزويد الكهرباء، ومفاتيح حل هذه المشكلة موجودة بيد السياسيين، حكام البلد.

فمن المؤلم أن نعلم أن العراق ينتج الكهرباء بكميات جيدة بالنسبة لدول العالم ومع ذلك يعاني المواطن العراقي ولايحصل على حاجته من الكهرباء. فهل تعلم أن العراق يحتل الموقع 33 بين أكثر من 200 دولة في انتاج الكهرباء؟ تسبقه هولندا بالموقع 32 وتأتي بعده كازخستان وأوكرانيا وبلجيكا وتشيكوسلوفاكيا، ورغم ذلك لايحصل الفرد العراقي إلا على ربع مايحصل عليه المواطن الهولندي وحوالي ثلث مايحصل عليه المواطن الأوكراني وعلى أقل من خمس ما يحصل عليه المواطن البلجيكي من الطاقة الكهربائية، ماهذا التناقض؟ هذه أرقام والأرقام لاتكذب، دعنا نحسن الظن ونقول إنه هدر في موارد البلاد نتيجة جهل بالسياسة وسوء ادارة، ولانذهب إلى طرح قضايا الفساد، مع ذلك فالنتيجة واحدة ضرر وتخريب وهدر الموارد والمال العام.

عندما نسمع كلمة سياسة تقفز فورا إلى ذهننا الطرق والاجراءات والعمليات التي ترمي لادارة شؤون البلد والمجتمع. ولا نلمس عند الساسة «المثقفين» العراقيين تفريقا واضحا، في الاستخدام اليومي المتداول، بين السياسة (politics) والسياسة (policy)، ولكن هذين بالرغم من تقاربهما فهما مفهومان مختلفان. فالسياسة ((politics تشير إلى الهياكل والبنى والعمليات (السياسية) والمحتوى (السياسي) لتنظيم شؤون المجتمع من خلال قرارات عامة شاملة ملزمة تعتمد عادة على السلطة السياسية. وليس من اهداف هذا المقال الغوص في الفروق بين المفهومين بل التركيز على مفهوم السياسة بمعنى (policy) و هكذا سنتناول السياسة هنا بهذا المعنى. السياسة (policy) تعني البعد (او الجانب) الذي يعكس المحتوى للسياسة politics))، وبشكل أكثر ملموسية هي منظومة مقاصد توضع بوعي لتوجه اتخاذ القرارات والاجراءات والخطوات والمبادرات و الأهداف المحددة التي ينبغي ويراد تحقيقها، وهي نظام من المبادئ التوجيهية يتم وضعها عن قصد لتوجيه القرارات ولتحقيق نتائج عقلانية. فالسياسات (policy) هي التي تعطي التوجيه وتوفر الاتساق والمساءلة والكفاءة والوضوح بشأن كيفية عمل الكيان أو المؤسسة او المنظومة.

في العراق وبسبب تحكم كيانات أغلبها لم ينبع من واقع المجتمع العراقي بل تم فرضه بفعل و نتيجة توازانات مصالح القوى الخارجية والاقليمية، فلا يمكن تحديد ووضع سياسات فعالة وواضحة تخدم مصلحة العراقيين، فاجندات هذه القوى غريبة وليس لها علاقة بهموم المواطن الحقيقية، فنشهد انتشار مظاهر المحاصصة بين الكيانات وشيوع الفساد في مؤسسات الدولة ومذهبهم «شيلني واشيلك». وبالنتيجة فتركيبية وتوليفة نظام الدولة الحالي لا يسمح بوضع سياسة تخدم التنمية وتطور العراق. رغم ذلك وبهدف التوعية، نود هنا تناول وعرض رؤية من وجهة نظر اجتماعية وطنية تهدف خدمة جماهير الشعب الواسعة. 

ماهي سياسة الطاقة؟

تشمل سياسة الطاقة التدابير والأهداف السياسية التي تتناول توفير الطاقة وتوزيعها واستخدامها داخل المجتمع، وتعد سياسة الطاقة جزءا أساسيا من السياسة الاقتصادية لأي بلد وترتبط ارتباطا وثيقا بمجالات أخرى مثل النقل والإسكان والسياسات الاجتماعية والبيئية والمناخية والخارجية والأمنية. تتعلق قضايا سياسة الطاقة الهامة بتنمية وتطوير وتوفير مصادر الطاقة (مثل النفط الخام والغاز الطبيعي والفحم)، واختيار واستخدام مصادر الطاقة المختلفة (مثل الطاقة النووية، والطاقات المتجددة، والوقود الأحفوري)، وتوسيع وزيادة استخدام الطاقة وشبكات التغذية والتوزيع وكذلك تحديد وتغطية المتطلبات المتزايدة للطاقة.

من المسؤول عن سياسة الطاقة؟

في الأساس يكون البرلمان والحكومة والوزارات المرتبطة بها والجهات القضائية والمحاكم هم المسؤولون عن سن السياسة وتشريع القوانين وتنفيذها، وإذا لزم الأمر، يتم تشكيل هيئات تنظيمية إضافية، مسؤولة عن سياسة الطاقة وعن لوائحها في البلد.

في أغلب البلدان تكون وزارة الشؤون الاقتصادية ووزارة التخطيط هما المسؤولتان في المقام الأول عن سياسة الطاقة، وتتبعها هيئات البيئة والاسكان والنقل وحماية المناخ  وتكون هيئات الكهرباء مسؤولة عن تنظيم وإدامة البنية التحتية، ومن أهم واجبات هيئات الكهرباء هو ضمان منافسة عادلة وحماية المستهلك في مجال الطاقة.

لرسم سياسة تخدم الجماهير الشعبية، يجب تحرير أسواق الطاقة من الاحتكار ومن فرض الأسعار التي تثقل كاهل المواطن وتشكل عبئا عليه وعلى مجالات الاقتصاد الانتاجية الاخرى، إضافة لذلك يجب تشجيع التنوع  والتنافس في مصادر الطاقة وعدم الاعتماد على مصادر التوليد من منتجات البترول فقط، بل أيضا مصادر الطاقة المتجددة وغيرها وحتى النووية.

أهداف سياسة الطاقة الناجحة

على سياسة الطاقة أن تسعى لتحقيق ثلاثة أهداف رئيسية لضمان نجاحها، والتي يشار إليها أيضا باسم مثلث أهداف سياسة الطاقة وهي: أمن الإمداد بالطاقة والكفاءة الاقتصادية والتوافق البيئي؛

1- أمن الإمدادات، لضمان نجاح الاقتصاد الوطني، يعد أمن إمدادات الطاقة أحد أهم أهداف سياسة الطاقة، فيجب هنا ضمان إمدادات وتزويد الطاقة لجميع القطاعات الصناعية والمؤسسات والسكان في البلاد وفي جميع الأوقات، وضمان توفير ما يكفي من الطاقة لجميع المجالات. وفي حالة حدوث انقطاع مؤقت للتيار الكهربائي ونقص في إمدادات شبكة الكهرباء فهذا يعني فشل في سياسة الطاقة ويلحق الضرر بالاقتصاد الوطني. ولذلك يجب ضمان إمدادات الطاقة من جانبين: فيجب ضمان الأمن الفني التقني وضمان الأمن السياسي للإمدادات. فالأمن الفني للإمدادات يضمن أن جميع مصادر ومنظومة الطاقة ومكوناتها - على سبيل المثال أنظمة الانتاج وخطوط وشبكات النقل والتوزيع وأنظمة التحكم - تعمل بكامل طاقتها وبكفاءة وجاهزة للاستخدام. أما الأمن السياسي فهو يتعلق بالإمدادات أيضا وبقضايا السياسة الخارجية والاقتصادية المتعلقة بإمدادات الطاقة. فعديد من البلدان تعتمد على استيراد المصادر لتوفير امداداتها من الطاقة -على سبيل المثال من البلدان التي لديها احتياطيات نفطية أو غازية كبيرة. وهذا الاعتماد المفرط على الدول الأخرى قد يشكل تهديدا لأمن الإمدادات ويعطي خاصرة رخوة للهجوم والضغوط في حالة التوترات السياسة الخارجية.

2- الكفاءة الاقتصادية يرتبط هدف الكفاءة الاقتصادية ارتباطا وثيقا بأمن العرض. ويلعب هنا أيضا دورا كعنصر اجتماعي؛  فالأسعار المرتفعة واضطرابات أسواق الطاقة تؤدي إلى زيادة حادة في الأسعار وتؤثر على المستهلكين النهائيين. وإذا لم يعد بإمكان هؤلاء تحمل تكاليف الطاقة، فلن يعد من الممكن ضمان سد حاجاتهم من الطاقة وسيتعرضون إلى الضرر مما قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية على القطاعات الاخرى. ولذا ينبغي لسياسة الطاقة أن تولي اهتماما وافيا لكفاءة التكلفة، وأن تستخدم، حيثما كان ذلك ضروريا ومعقولا، آليات للتأثير على أسواق الطاقة مثل الضرائب أو الدعم والإعانات. كما ويجب تنظيم أسواق الطاقة. ومن الجوانب الرئيسية المهمة لتقييم كفاءة سياسة الطاقة في مجال الكهرباء هي تكاليف إنتاج الكهرباء، وهذه تدل على حجم تكاليف توليد الكهرباء وتشمل أيضا تكاليف إنشاء وتشغيل منظومة الكهرباء ومراعاة توليد الكهرباء على طوال دورة حياة المنظومة بأكملها من الإنشاء وحتى وصولها لمرحلة الاستبدال. وعند القيام بمقارنة كفاءة مصادر الطاقة على أساس تكاليف إنتاج الكهرباء، هناك عوامل يجب اعتبارها مثل عدم تجاهل التوافق البيئي أو المتطلبات الهندسية. فيجب اعتماد طريقة الحساب والافتراضات الأساسية بشكل موحد وليس اعتماد اشكال مختلفة من الحسابات والافتراضات، وبدون ذلك فلن تكون النتائج قابلة للمقارنة.

3- التوافق البيئي، الهدف من التوافق البيئي هو التأكد من أن سياسة الطاقة تأخذ البيئة في الاعتبار وتتخذ تدابير وقائية فيما يتعلق بإمدادات الطاقة. ومن ضمن عوامل المخاطر البيئية ما يلي:  انبعاثات الملوثات أو الغازات الدفيئة الناتجة عن استخراج واستخدام النفط الخام والغاز الطبيعي والوقود، زيادة خطر حدوث الزلازل وتلوث المياه الجوفية من خلال التكسير الهيدروليكي وتلوث التربة نتيجة كب النفايات الناتجة عن انتاج الطاقة، إضافة للحوادث والحرائق التي قد تحدث في أنابيب نقل الغاز والبترول.

تنظيم سياسة الطاقة

هنا يجب وضع قانون ملزم لصناعة الطاقة، يحدد أهداف سياسة الطاقة ويشمل الغرض من القانون: تزويد عامة الناس بالكهرباء والغاز ومنتجات البترول وانواع الطاقة الاخرى، بشكل آمن وغير مكلف ولمصلحة المستهلك وفعال وصديق للبيئة و عدم بث الغازات الدفيئة قدر الإمكان، ويعتمد بشكل متزايد على الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة.

في تنظيم سياسة الطاقة هناك العديد من القضايا والتبعات المتبادلة ضمن مثلث أهداف سياسة الطاقة -على سبيل المثال، فيجب على كفاءة التكلفة دعم أمن الإمدادات ايضا- كما وان الأهداف الأخرى تتحرك في منطقة الشد بينها، ويمكن اتخاذ تدابير لحماية البيئة واعتماد مصادر طاقة أكثر ملاءمة للبيئة، ويجب عدم النظر إلى المدى القصير في حساب الكفاءة الاقتصادية، لأن التكاليف الحقيقية اللاحقة لإنتاج الطاقة الأحفورية، مثل ظاهرة الاحتباس الحراري، لن تظهر إلا على المدى الطويل.على سبيل المثال، تقدر كلف تحويل شبكات النقل إلى الطاقة المتجددة في المانيا بحوالي 102 مليار يورو بحلول عام 2030. وهذه تدابير باهظة التكلفة ولكنها ضرورية للتحول إلى الطاقات المتجددة. ومع ذلك، فغالبا ما يتم التغافل عن حساب التكاليف التي يمكن تجنبها أو تقليلها في المستقبل من خلال التدابير الحالية. بالإضافة إلى ذلك، يجب حساب كلف الأضرار الناجمة عن الإفراط في استخدام الأراضي وفقدان التنوع البيولوجي، وهذا أمر يصعب قياسه كميا. ولذلك فإن الجدوى الاقتصادية لسياسة الطاقة لا ينبغي لها أن تأخذ في الاعتبار الاستثمارات الأولية فحسب، بل ينبغي لها أيضا أن تأخذ في الاعتبار التأثيرات الطويلة المدى على المثلث المستهدف. فمن الضروري في أغلب الأحيان تقييم الأهداف التي سيتم السعي لتحقيقها، وبأي شكل، وفي أي نقطة يتم تقديم التنازلات أو المساومة في سياسة الطاقة.

سياسة الطاقة موجهة

نحو العرض أو نحو الطلب

يمكن تنفيذ التدابير الرامية إلى تحقيق أهداف سياسة الطاقة بطرق مختلفة مع التوجه نحو العرض أو نحو الطلب. فسياسة الطاقة الموجهة نحو العرض تسعى إلى توفير إمدادات كافية من الطاقة لسد الحاجة، وبالتالي فهي تركز على شراء مصادر الطاقة وعلى إنتاج المزيد من الطاقة.

ومن ناحية أخرى، تعمل سياسة الطاقة الموجهة نحو الطلب على تقليل الحاجة للطاقة وبالتالي تقليل الطلب، ويمكن تحقيق ذلك من خلال تحسين كفاءة استخدام الطاقة ومن خلال وضع الضرائب أو تقديم الدعم والإعانات، على سبيل المثال.

ورغم أن سياسة الطاقة الموجهة نحو الطلب من الممكن أن تؤدي إلى انخفاض أسعار الطاقة، فإن الاقتصاد لابد أن يتوقع تأثيرات ارتدادية معاكسة نتيجة لذلك. فإذا زادت كفاءة الطاقة في مناطق معينة وانخفضت التكاليف، فهذا قد يخلق حوافز لاستهلاك المزيد من الطاقة في مناطق أخرى.

إن التركيز على توجه واحد فقط في سياسة الطاقة ليس له أي معنى عموما، حيث لا يمكن تحقيق كافة الأهداف، ولكن الجمع بين التدابير الموجهة نحو العرض والطلب يوفر أفضل فرصة للتوفيق بين أمن العرض والكفاءة الاقتصادية والتوافق البيئي.

التحولات المطلوبة في العراق

ان الاستمرار في التخبط الحكومي في مجال الطاقة سيؤدي إلى خراب اي مسعى للتنمية والاعمار في العراق. ويجب على الحكومات ان تتخذ إجراءات حاسمة وسريعة وتغيير سياستها المتخبطة بشكل جذري. فمن ممارسات الحكومات العراقية نستشف ان العراق لايعرف حاليا إلا سياسة الطاقة الموجهة نحو العرض لذلك يسعى لتوفير وامداد الطاقة لسد الحاجة فقط وبدون جدوى، ولا يركز على سياسة الطلب ولا يوفر بيئة ومناخ لتقليل الحاجة للطاقة. وعلى العراق ان ينتهج سياسة طاقة صديقة للبيئة وزيادة حصة الطاقات المتجددة في إمدادات الكهرباء. ويمكن تلخيص هذا الهدف والتدابير اللازمة لتحقيقه تحت مصطلح «تحول الطاقة».

لذلك سيمثل تحول الطاقة انقلابا في مجال سياسة الطاقة: ففي حين أن مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط الخام والغاز الطبيعي تشكل الحصة الاكبر (حوالي 87 بالمائة) يجب رفع حصة الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الكهرومائية ومن الكتلة الحيوية وطاقة الرياح في توليد الكهرباء ووضع خطة زمنية لذلك. وتعتبر الطاقات المتجددة مهمة جدا لأنها تنتج طاقة محايدة للغازات الدفيئة، وإضافة إلى ذلك يمكن تجاوز مشاكل الحصول على الغاز من خارج البلاد. يصنف العراق بالمرتبة الـ 33 بين أكثر من 200 دولة تنتج الكهرباء، وهو قريب من النرويج المرتبة 31 وهولندا المرتبة 32، ولكن برغم احتلال العراق هذه المرتبة المتقدمة في انتاج الكهرباء نجده من أسوأ الدول فيما لو تم احتساب نصيب الفرد من هذا الانتاج، الذي يبلغ 1,217 كيلو واط ساعة في السنة بينما تبلغ حصة الفرد في النرويج 24,182 كيلو واط ساعة في السنة وفي هولندا تبلغ 6,457 كيلو واط ساعة في السنة، يعني اكثر من 5 أضعاف حصة الفرد العراقي.

ويمثل استهلاك المساكن للكهرباء حوالي 61 بالمائة من إجمالي استهلاك الكهرباء النهائي في العراق. وهذا يستخدم لتسخين المياه والإضاءة والتبريد، وهنا يجب الإقرار بأن قوانين ترخيص المباني في العراق  تعتبر متخلفة كثيرا، فهي لاتراعي كمية استهلاك المباني للطاقة لغرض منح رخص البناء، ويضاف إلى ذلك سياسة الإسكان والسياسة الاقتصادية الفاشلة التي تسببت بشيوع وانتشار العشوائيات غير المرخصة أساسا والتي هي حتما أبنية بسيطة لاتتوفر فيها أدنى متطلبات مراعاة الكفاءة في استهلاك الطاقة. ومن أجل زيادة كفاءة استخدام الطاقة في هذا المجال، يجب سن قوانين تلزم المصممين والملاك والمقاولين لتشييد مباني قليلة الاستهلاك للطاقة الكهربائية. وإقامة تحالف بين كل الاطراف المعنية من أجل أبنية كفوءة في استخدام الطاقة، مع الأخذ في الاعتبار الظروف المناخية والظروف المحلية وتأثيرات التغييرات المناخية السائدة في مناطق العراق. كما ويجب القيام بإجراءات لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في المباني القائمة. وعلى هذه القوانين وضع متطلبات وطريقة حساب كفاءة الطاقة الإجمالية للمباني ولأجزاء وعناصر المباني والمواد المستخدمة في البناء، وتنص أيضا على تطبيق الحد الأدنى من المتطلبات للمباني ومكوناتها. كما يجب منح شهادات أداء الطاقة لكل مبنى، والفحص المنتظم لأنظمة التدفئة وتكييف الهواء والمصاعد ومضخات المياه وأنظمة التحكم المستقلة في المباني لغرض منح شهادات أداء الطاقة و تقارير التفتيش. ويجب وضع مواصفات يمكن بواسطتها تكييف وتبريد المباني الجديدة بشكل أفضل وحتى تطوير وتشجيع استخدام طرق التبريد الصديقة للبيئة والتي كانت سائدة في المنطقة. كما ويجب مراعاة الاحتياجات المستقبلية للبنية التحتية للنقل والطاقة.

وللاسف لاتزال العشوائية، ولأسباب عديدة، تسود. فمن المخيف سماع أخبار منح استثمارات لبناء مدن ومجمعات سكنية بقرارات سريعة وإضافتها إلى الحمل الكلي للطاقة بدون توفير المناخ القانوني والبنية التحتية اللازمة للطاقة وبدون فرض متطلبات تفرض كفاءة استهلاك الطاقة لهذه المباني.

يعد العراق من بين البلدان المستهلكة بشكل كبير للطاقة الكهربائية بسبب غياب سياسة طاقة واضحة، وفتح الأبواب بلا رقابة ولا ضوابط على الأبنية و استيراد الاجهزة  والمعدات الكهربائية غير الكفوءة والمسرفة في استهلاك الطاقة وعدم وجود آليات لتقنين استيرادها، مايجعل «لعبة الكهرباء» في العراق، تشبه أن تقوم الدولة بمحاولة تعبئة كيس مثقوب بالهواء، فكلما تنتج طاقة أكبر كلما «سيبتلعها» هذا الاستهلاك المتنامي غير المحسوب.

إن السنوات القادمة ستشهد تطورات سياسية حاسمة وسنرى فيما إذا كان التعامل مع الطاقة في العراق ناجحا، وفيما إذا كان من الممكن تحقيق أهداف حماية المناخ وكيف ستبدو سياسة الطاقة في المستقبل.

عرض مقالات: