اخر الاخبار

تعد الكتابة الساخرة الهادفة في الصحافة، إحدى الوسائل المهمة في النقد، ويجمع الكثير من الكتاب على أهميتها كونها ليست نوعا من الضحك أو الهزل، على حد قول الكاتب المصري هاني بركات، (بل هي محاولة ثورية نقدية لتغيير الواقع بطريقة فنية ناعمة).

ومعروف أن الأنظمة الدكتاتورية والقمعية تحارب أي شكل من اشكال هذه الكتابة، وتعده تهديدا سياسيا له.

ولهذا شكل عمود (بصراحة أبو كاطع) للشهيد شمران الياسري (أبوكاطع) في طريق الشعب العلنية أيام السبعينات، صداعا دائما للسلطات، فعمدت إلى مضايقة الجريدة، وطرح الأمر حتى في اجتماعات اللجنة العليا لما يسمى (الجبهة الوطنية) بالإضافة إلى التهديدات للكاتب ثم كيل التهم الباطلة له من أجل تصفيته، مما اضطره إلى الهروب إلى المنافي.

 وسبق لهذا الطغمة التي جاءت عام 1963 أن قتلت الشهيد عبد الجبار وهبي (أبو سعيد) المعروف بعموده الساخر في اتحاد الشعب أيام حكومة عبد الكريم قاسم.

 ويتفق الجميع على أن إحدى نكهات صحافة الحزب العلنية في (طريق الشعب) و(اتحاد الشعب) هي الأعمدة الساخرة التي تمثلت في كتابات الشهيدين عبد الجبار وهبي (أبو سعيد) وشمران الياسري (أبوكاطع)، بالإضافة إلى رسوم الكاريكاتير من ابداع الراحلين مؤيد نعمة وبسام فرج ونبيل، وأخرين لم تسعفني الذاكرة في ذكر اسمائهم بالإضافة إلى مساهمات الفنان فيصل لعيبي في هذا الجانب.

كما أن العمود الساخر أو الرسم الكاريكاتيري يختصر الكثير من الكلمات وله دلالة عميقة، وأكثر تأثيرا في القارئ، ويخلق لديه تساؤلات حول الضخ الإعلامي الرسمي الهائل الذي يريد منه أن يبلع بلا هضم.

وباعتقادنا إننا اليوم أحوج من أي وقت مضى إلى هذه الكتابات والرسومات لمعالجة وضعنا العراقي السريالي في صحافتنا الشيوعية، حيث نرى أن قرارات الحكومة لن تخرج أبعد من المنطقة الخضراء، وبموازاتها يعاني المجتمع من دولة عميقة تملك المال والسلاح ومليشيات لا تتورع من اختطاف أو قتل أي محتج، ومن برلمان لا يعرف نفسه هل هو سلطة تشريعية ورقابية، ام أنه وسيط التعاقدات والمضاربات مقابل الحصول على (الكوميشنات)؟ ولا يهمه الجهة المستفيدة من ذلك!

 كما أن المسؤولين في المحافظات يظهرون لنا في الشاشات يبلطون لنا البحر، ويقدمون لنا مشاريع انجزوها لا نراها (لا في العين ولا في العقل) والمواطنون يتلظون من انقطاع الكهرباء والماء وسوء الخدمات جميعها.

ومن يريد أن ينجز معاملته عليه أن (يورّق) أي يدفع الرشى، وإلا فمعاملته تظل تئن في سراديب النصب ولن يهتم أحد بأنين صاحبها أيضا وإن سمعه حتى (أهل القبور).

ف (دعونا نبتسم) كما قال أحد الشعراء في قصائده، ونجعل من الكتابات الساخرة وأن قلّ كتابها، ومن الرسوم الكاريكاتيرية، سلاحنا الماضي، نفضح به الفاسدين وأداتنا (لتنغيص) عليهم ونغري (حتى الوليد) كما يقول شاعرنا الجواهري، في شتمهم والسخرية منهم.

عرض مقالات: