اخر الاخبار

ما من عاقل منصف يتوهم بأن الانتخابات المقبلة (اذا ما جرت في موعدها فعلا)، والتي يتحدث البعض، وبينهم “مستقلون” في المفوضية، ومتنفذون في السلطة وقوى سياسية اعتادت تقمص الأدوار وفقا لـ “الموضة الرائجة”، ستغير الواقع، وستكون بوابة مأمولة للدخول الى عملية سياسية سليمة، ونهج يفضي الى التغيير.

نحاول، هنا، الاجابة على السؤال الحارق: لماذا ندعو الى مقاطعة هذه الانتخابات ؟ ولماذا يدعو آخرون، يمتد طيفهم من “اليمين” الى “اليسار”، الى مشاركة “فعالة” في الانتخابات ؟

تحول عميق في المشهد السياسي

يتعين القول، ابتداء، أن المشاركة في الانتخابات هي، مبدئيا وبشكل عام، ممارسة سليمة. غير أن المشاركة في الانتخابات الحالية، المزمع اقامتها في تشرين الأول المقبل، والتي لم تتوفر، حتى الآن، شروط نزاهتها، ومن غير المتوقع توفرها، بقدرة قادر، خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، لن تكون، والحال هذه، سوى تزكية للقوى الحاكمة المتنفذة، واضفاء غطاء الشرعية على آثامها.

وفي هذا السياق جاء اعلان حزبنا تعليق المشاركة في انتخابات تشرين الأول، في بيان اللجنة المركزية للحزب الصادر في 9 ايار 2021، “حيث اعتبرنا أن مشاركتنا لا يمكن أن تتم دون توفر الشروط الضرورية لضمان اجراء انتخابات نزيهة عادلة نريد لها، انسجاما مع ما عبرت عنه إرادة انتفاضة تشرين، ان تكون رافعة للتغيير المنشود. وأكدنا أنه ما لم تتوفر بيئة انتخابية آمنة، عبر قانون انتخابات عادل ومفوضية انتخابات مستقلة حقا، واجراءات تمنع استخدام المال السياسي، وتوقف انفلات السلاح، وتحاسب رؤوس الفساد، وما لم تتم الاستجابة لمطالب المنتفضين العادلة والكشف عن منفذي أعمال الاغتيال ومن يقف وراءهم .. ما لم يتحقق هذا فان المشاركة في الانتخابات لن تكون سوى عملية اعادة انتاج للمنظومة السياسية ذاتها، منظومة المحاصصة والفساد، ولاّدة الأزمات والمآسي”.

أفبمثل هذه الأوضاع يريدون منا أن نخوض الانتخابات ؟ وهل يراد منا أن نزكي الفاسدين وقتلة المتظاهرين السلميين ؟

من ناحية أخرى يتعين علينا أن نوضح أننا لا نضع توفر “النزاهة المطلقة” شرطا في الانتخابات، فقد شاركنا، كما هو معلوم، في انتخابات سابقة لم تتوفر فيها شروط النزاهة. غير أن الظرف الراهن مختلف. فهذه الانتخابات تأتي بعد انتفاضة تشرين 2019، وهو تحول عميق في المشهد السياسي، وبالتالي فان حقائق الواقع الجديد هذه استدعت من الحزب أن يتخذ موقف مقاطعة الانتخابات المقبلة.

ومعلوم أن هذا الموقف جاء، كما أشار بيان اللجنة المركزية لحزبنا في 24 تموز 2021، بعد دراسة معمقة للواقع وتطوراته، وفي أعقاب استفتاء جرى أوائل تموز 2021، و”جاءت نتائج الاستفتاء، الذي يعد تجسيدا للممارسة الديمقراطية الداخلية، مؤيدة المقاطعة بأغلبية واضحة. علما أن نسبة عالية من أعضاء الحزب في سائر منظماته في المحافظات جميعا وخارج الوطن، شاركوا في الاستفتاء بنشاط. وينتمي هؤلاء الرفاق الى شرائح اجتماعية متنوعة، الأمر الذي يبيّن أن عيّنتهم لا تمثل الشيوعيين فقط، وانما تعكس مزاجا شعبيا واضحا”.

ومن ناحية أخرى يتعين علينا التمييز بين مقاطعة الانتخابات “الايجابية”، وهي فعل سياسي ينتمي الى الموقف الثوري الداعي الى التغيير الحقيقي، والعزوف عن المشاركة، دون أن يستند هذا العزوف، الذي هو، بالطبع، تعبير عن اليأس من السلطة وتجلٍ للاحتجاج عليها، لكنه “سلبي” في جوهره ، الى وعي سياسي بضرورة التغيير.

خوض الصراع الطبقي

يقول لينين في (مرض اليسارية الطفولي في الشيوعية) “إن بسطاء العقول وحدهم هم الذين يقولون إنه يجب على البروليتاريا، قبل كل شيء، أن تكسب الأغلبية في الانتخابات الجارية تحت نير البرجوازية، وفي ظل نير عبودية الأجر، وعليها، بعد ذلك، أن تنتزع السلطة. إن هذه قمة الرعونة أو الرياء. ومعنى ذلك استبدال الصراع الطبقي والثورة بالتصويت في ظل النظام القديم والسلطة القديمة”.

إن الاصلاحيين يوظفون، بطريقتهم الميكانيكية، المعتادة، مقولات ماركس وانجلز ولينين، وسواهم من القادة الثوريين والمفكرين، لتبرير المشاركة “المطلقة” في الانتخابات، في كل الظروف والأحوال، والترويج لأوهام امكانيات اصلاح نظام المحاصصة والفساد من داخله، وحل الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر النضال البرلماني، دون أن يأخذوا بالحسبان، حقيقة أن الجماهير لا يمكن كسبها عبر الانتخابات (وهي، بالطبع، ممارسة سليمة صحيحة عندما تتوفر شروطها)، وانما عبر خوض الصراع الاجتماعي الطبقي، الذي هو المدرسة الحقيقية لتدريب الجماهير والقادة الثوريين.

أما بالنسبة لمن يتخذون مواقف متعصبة مسبقة فتعد مسألة المشاركة في الانتخابات أو مقاطعتها مسألة محسومة سلفا، أي لا تحتاج الى تحليل أو جدل. فبعضهم يرى أن المقاطعة موقف عدمي بينما المشاركة موقف عقلاني، غير أن الواقع أكثر تعقيدا من هذا التبسيط الميكانيكي.

رؤيتان متعارضتان

من المعروف أن الاشتراكيين الثوريين في ألمانيا شاركوا في مؤسسات رجعية، وكذلك فعل البلاشفة في روسيا، رغم اجحاف قوانين الانتخابات. وشارك الثوريون في القرن العشرين، وفي مختلف أنحاء العالم، في انتخابات يصعب القول إنها كانت نزيهة حقا. ويشاركون، اليوم، في انتخابات المؤسسات البرجوازية، وهم يعرفون، تماما، أنهم غير قادرين على استبدال تلك المؤسسات في هذه اللعبة الديمقراطية، لأن التوازن السياسي والاجتماعي لا يسمح، ببساطة، بالاخلال المطلوب.

ومن بين الأدلة الكلاسيكية على الموقف من الانتخابات موقف لينين، الذي دعا في أيلول 1905، الى مقاطعة مجلس الدوما (وهو سبيل استخدمه القيصر لاحتواء الحركة الثورية، وكان ذلك مجرد مجلس شورى يستطيع القيصر حله في أي وقت). وكان موقفه صائبا وعمليا في حينه، وله ما يبرره، شأن موقف حزبنا في المقاطعة اليوم.

ولم يكن موقف لينين موقفا ميكانيكيا، ذلك أنه بعد أن تبين أن هزيمة ألحقت بانتفاضة 1905 ولم يعد هناك أفق في تجدد الانتفاضة، غيّر لينين موقفه في آب 1906، وأيد المشاركة في البرلمان، وخاض نضالا مريرا من أجل ذلك، حتى وصل الأمر به الى التصويت، في مؤتمر للحزب عام 1907، مع المناشفة وضد البلاشفة. غير أنه يتعين علينا أن لا نغفل رؤية لينين من أن “المقاطعة النشطة” تكون هي التاكتيك الصحيح في ظل توفر الشروط الثورية.

فأين تكمن صحة شعار المقاطعة الذي رفعه لينين عام 1905 ودعا اليه بحماس ؟ الجواب لا علاقة له بعبقرية لينين أو بعصمة البلاشفة، بل بالظروف الموضوعية التي رفع فيها شعار المقاطعة.

إن العودة الى االتراث الثوري والتجربة التاريخية ضرورية، غير أن الأهم والأكثر حسما هو التقييم الواقعي للوضع الطبقي وميزان القوى الاجتماعي والسياسي، والابتعاد عن النظرة الميكانيكية، التي ترى، على سبيل المثال، أن التوازن الاجتماعي والسياسي الحالي في بلادنا ليس في صالح اتخاذ موقف “انعزالي” كموقف مقاطعة الانتخابات، متناسية أن هذا التوازن ليس خالدا، وأنه لابد من المساهمة في هزّ جدرانه، ومراكمة الفعل الثوري لهدم هذه الجدران مستقبلا.

ويعد موقف ماركس من كومونة باريس هو المثال الكلاسيكي الأسطع في استيعاب تبدل الظروف وبالتالي ضرورة اتخاذ المواقف في ضوء ما يستجد من ظروف.

في الماركسية هناك رؤيتان متعارضتان حول مسألة الانتخابات: الرؤية الاصلاحية التي ترى أن النضال البرلماني يتيح للطبقة العاملة فرصة تحقيق أهددافها، وقد ازدهر هذا الاتجاه في ألمانيا أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. أما الرؤية الثانية فهي الرؤية الثورية التي طرحها ماركس وانجلز واضاءها لينين وروزا لوكسمبورغ.

وفي سياق الرؤية الاصلاحية يرى ادوارد بيرنشتاين أن مهمة الاشتراكية الديمقراطية تكمن في النضال من أجل كل الاصلاحات في الدولة التي ترفع من شأن الطبقة العاملة وتحول الدولة في اتجاه الديمقراطية. ولم يكن بيرنشتاين وحده متمسكا بهذه الرؤية. فقد رأى كارل كاوتسكي (وكان ناقدا لأفكار بيرنشتاين بوجه عام) أن معنى الاستيلاء على السلطة هو كسب البرلمان. واعتبر كاوتسكي أن العمل الجماهيري، كالمظاهرات والاضرابات، وسائل استثنائية، يعتبر التركيز عليها انحيازا خاطئا لابد من مواجهته. وقد كان هذا الاتجاه انحرافا خطيرا عن التراث الماركسي الثوري.

ففي عام 1879 كتب ماركس وانجلز رسالة نقدية الى قيادات الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني تساءلا فيها عما اذا كان الحزب قد “أصيب بالأمراض البرلمانية”. وردا على دعوات الحزب الى التحلي بالصبر والاتزان من أجل “عدم تخويف البرجوازية بالشبح الأحمر”، هاجم ماركس وانجلز هذه الأفكار بقوة، وطرحا على من يتبناها أن يترك الحزب اذا كان في نيته “استخدام موقعه الرسمي لمحاربة الطابع البروليتاري للحزب”.

وأشار ماركس وانجلز في رسالتهما الى أنه بالنسبة لبيرنشتاين وكاوتسكي فانهما يريدان لبرنامج الحزب أن يوضع على الرف ليكون ميراثا في المستقبل لأبناء وأحفاد “سادة” التيار الاصلاحي، الحريصين على “عدم تخويف البرجوازية”، والرافضين لأن يكون الصراع الطبقي هو الرافعة الأساسية للتاريخ.

ومن بالغ الدلالة أن روزا لوكسمبورغ كتبت في رسالة عام 1908 الى كونستانتين زيتكين تقول: “سأكون، قريبا، عاجزة تماما عن قراءة أي شيء كتبه كاوتسكي ... إنها سلسلة مقرفة من شبكات العنكبوت ... لا يمكن إزالتها الا بحمام ذهني عبر قراءة ماركس نفسه”.

وفي الموقف من برنامج ايرفورت عام 1891 انتقد انجلز بشدة البرنامج الذي أعده الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني، وكان جوهر نقده هو أوهام الحزب حول التغيير من خلال البرلمان. وحذر انجلز من الانتهازية التي تنتشر في جزء من صحافة الاشتراكية الديمقراطية، وتريد أن تطرح كل مطالب الحزب بالطرق السلمية وفي اطار النظام القانوني في ألمانيا. وأشار انجلز الى أن النضال من أجل تحقيق النجاح اللحظي بدون التفكير في العواقب التالية، هو تضحية بمستقبل الحركة من أجل راهن مؤقت زائل. وقد يكون هذا الموقف نابعا من نوايا صادقة لكنها انتهازية، ولعل “الانتهازية الصادقة هي أخطر انواع الانتهازية على الاطلاق”.

ومما له أهمية استثنائية تعليق لينين على النقد الذي أورده ماركس في (الثامن عشر من برومير لويس بونابرت) بالقول في (الدولة والثورة): “إن هذا النقد الرائع للبرلمانية، المكتوب في سنة 1871، قد غدا الآن، هو الآخر، بفضل سيطرة الاشتراكية – الشوفينية والانتهازية، في عداد “الكلمات المنسية” من الماركسية .. البت مرة كل سنوات عدة في مسألة معرفة أي عضو من الطبقة السائدة سيقوم بقمع الشعب في البرلمان – هذا هو الجوهر الحقيقي للبرلمانية البرجوازية، ليس فقط في الملكيات البرلمانية الدستورية، بل كذلك في الجمهوريات الأوسع ديمقراطية”.

وانتقدت روزا لوكسمبورغ، بقوة، الاتجاه الانتهازي في الحزب الألماني. وكانت واضحة في فهمها لحدود البرلمانية، مؤكدة أنه حتى اذا استطاع الحزب الحصول على أغلبية في البرلمان فان ذلك لن يكون انتصارا للاشتراكية. فالطبقة الحاكمة ستلجأ الى أجهزتها الوفية كالبوليس والجيش وبيروقراطية الدولة، للتوحد ضد البرلمان، وهي مؤسسات تمثيلية ديمقراطية في الشكل وقمعية في الجوهر (نذكّر هنا، على سبيل المثال، بتجربة تشيلي، حيث أطاح انقلاب بقيادة الجنرال الفاشي بينوشيت عام 1973، بحكومة أليندي الشرعية، وأغرق الانقلابيون تشيلي بالدماء).

مشاركة ؟ مقاطعة ؟

من الخطأ الاعتقاد بأن البرلمان هو موضع السلطة الرئيسي. فالحراك الجماهيري، على أهمية البرلمان والنضال من داخله، هو أعظم شأنا من النشاط البرلماني. ومن الخطا، أيضا، الاعتقاد بما يروجه بعض “اليساريين المتثاقفين” من أن المشاركة في كل الظروف والأحوال، هي التي ستؤدي الى التغيير.

واذا كانت المشاركة هي، بوجه عام، الخيار الصحيح، وهذا هو رأي الماركسيين الحقيقيين، فهناك ظروف معينة تكون فيها المقاطعة هي الخيار الصحيح.

إن الظروف التي تبرر شن حملة مقاطعة “ايجابية” هي عندما تكون هذه المقاطعة  جزءا من التحضير لـ “انتفاضة ثورية” ظافرة، وهذا الشرط غير قائم، بالطبع، في بلادنا في الظرف الراهن ولا يسمح به التوازن السياسي والاجتماعي. غير أنه من الخطأ الفادح الوقوع ضحية التفكير الميكانيكي في تفسير الظروف. صحيح أن الظروف الحالية لا تشكل انعطافة ثورية، غير أن ما حدث في انتفاضة تشرين 2019 (رغم التراجع والتوقف المؤقت) يشير الى بذور انعطافة ثورية. ولا ريب أن هذا، وعوامل أخرى أساسية شخصتها وثائق الحزب، هو الذي كان في ذهن الشيوعيين عندما اتخذوا موقف المقاطعة، واستخدموا الاستفتاء لتعظيم الموقف الجماعي.

هجوم على موقف الحزب

تتصاعد، منذ اعلان الحزب موقف المقاطعة في المؤتمر الصحفي الذي عقده الحزب يوم 24 تموز 2021 (بل وقبل ذلك، وعلى وجه التحديد، منذ بيان اللجنة المركزية للحزب في 9 أيار 2021 الذي أعلن تعليق المشاركة في الانتخابات).

ومن المؤكد أن هذه الحملة متوقعة، ومن غير المعقول ولا المنطقي التوهم بأن خصوم الحزب الشيوعي سيلقون أسلحتهم، بل إنهم سيشحذونها أكثر كلما اتخذ الحزب مواقف مؤثرة تتسم بالواقعية والنضج والجرأة، والاخلاص لمصالح الكادحين  وطموح الملايين نحو الدولة المدنية الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

إننا لنعلم أن هذه الحملة، التي تتخذ أشكالا متنوعة مقيتة، مرشحة للتصاعد كلما اتخذ حزبنا مواقف أكثر نضجا وأمضى دفاعا عن مصالح الشعب، وإن هؤلاء الذي يهاجمون حزبنا لديهم الكثير من الأسلاف وسيكون لديهم الكثير من الأحفاد، ولا يجدر بالمرء أن يبدد الكثير من الوقت ليدحض مواعظ انحطاطهم.

من ناحية أخرى ينبغي أن لا نتطير من الآراء المناقضة لموقفنا من المقاطعة (نحن لا نتحدث عن موقف الهجوم على الحزب المستند الى مواقف عصبوية مسبقة والى “صبيانية” و”جمل ثورية” جوفاء، ومزايدة بشعارات براقة، بعيدة عن الواقع الحسي، وتصب، في خاتمة المطاف، في المجرى ذاته الذي يحرك طواحين القوى المتتنفذة). إن هذه القضية هي جزء من الصراع السياسي، الفكري والاجتماعي، الذي يتطلب منا أن نتسلح بالتحليل الماركسي، والمرونة في التعامل السياسي، والمبدأية في الاستقلال الفكري والسياسي والتنظيمي، ونحن نروّج، في دعايتنا السلمية النشطة، لموقف المقاطعة الذي نعتبره إحدى بوابات التغيير.

ومما يبعث على الأمل والاعتزاز ردود الفعل الواسعة، المتنوعة والمتواصلة، التي تنظر الى موقف الحزب في المقاطعة بعين التعاطف والاحترام.

ونحن ندرك أن قوى المجتمع القديم، المتنفذة، لن تستسلم بسهولة، بل ستهب، على الرغم من اختلافاتها وصراعاتها حول الامتيازات، وتتوحد دفاعا عن مصالحها الطبقية، مستخدمة كل ما في ترسانتها من أسلحة في مجابهة القوى الساعية الى التغيير، التي يتعين عليها، من بين أمور أخرى، امتلاك فن ادارة الصراع حتى يمكن الاخلال بميزان القوى السياسي والاجتماعي لصالح عملية التغيير.

الى الكفاح .. من أجل الاطاحة بمنظومة المحاصصة والفساد ..

اذا كنا اليوم قلّة ... فلن يكون هذا الواقع مؤبدا .. 

لقد رفع مقتحمو السماء راية الكومونة على مبنى بلدية باريس الثائرة، رغم أن “التوازن” لم يكن يسمح بالانتفاضة، وفي إثرهم سار البلاشفة في طريق الانتفاضة عام 1905، وتوالت الانتفاضات والثورات لتضيف صفحات مشرقة في تاريخ الشعوب، تلتمع فيها صفحة انتفاضة شعبنا في تشرين، التي نرى أفق تجددها بنهوض أعظم يطيح بسدنة المحاصصة والفساد.

إن المقاطعة سبيل الى التغيير .. وعبر استثمار السخط وإضاءته واطلاق شرارته، نصل الى ضفاف التغيير ..

آن لبلاد المآسي أن تجد سبيلا الى الأمل الذي يضع الرايات والينابيع بأيادي من يحولون موقف المقاطعة الى معين كفاحي لا ينضب من أجل التغيير .. 

 

عرض مقالات: