اخر الاخبار

المعروف عن القانون هو عندما توجد المشكلة يشرع القانون أو عندما يصبح القانون لا يتماشى مع مشاكل المجتمع وزيادة الجريمة وتطورها وظهور جرائم جديدة يعالجها يجب على المشرع تعديل هذا القانون للحد من هذه المشاكل.

بينما في حال استقرار الوضع وعدم وجود مشاكل يعاني منها هذا القانون في التطبيق أو تهدد المجتمع من زيادة الجريمة فلا توجد حاجة لتغيير أو تعديل القانون.

شهد العراق منذ تأسيس الدولة العراقية الكثير من القوانين حتى أصبح ملما بجميع قضايا المجتمع والدولة ولا يخلو من مشكلة لم يعالجها، وبسبب التطور الذي يحصل احتاج المشرع إلى تطوير بعض القوانين بما يتماشى مع العصر والجريمة والخلاف عن طريق سن قوانين جديدة وتعديل البعض الآخر الذي يحتاج إلى التعديل، وكان على المشرع التدخل لحل هذه المشكلات ولكن بقي الوضع على ما هو عليه. وبالرغم من حاجتنا إلى هذا نرى المشرع اليوم قد ابتعد عن سن مثل هكذا قوانين تهم حياة المواطنين وتعالج المشاكل التي تعصف بالبلاد من مشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية مثل قانون الخدمة المدنية، قانون النفط والغاز وقانون التعليم الأهلي والموازي والتجأ الى تعديل قوانين لا تعاني من المشاكل في التطبيق أو حتى المجتمع لم يلاق مشاكل في تنظيم حياته وفق هذا القانون -قانون الأحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ المعدل- يعتبر هذا القانون من أهم القوانين التي شهدها العراق و الوطن العربي في تنظيم أحوال الناس الشخصية وقد اعتبر أيضاً بأنه قفزة متقدمة لما يحتويه من نصوص تتماشى مع جميع الأوقات ودليل ذلك بعد مرور ٦٥ عام على تشريعه وما زال لم يعان المجتمع من معالجاته لمشاكلهم وتطبيقاته، والسبب يكمن بأن القانون هذا لن يميز بين العراقيين واعتبرهم متساوين رغم اختلاف مذهبهم أو عقيدتهم أو لونهم أو قوميتهم. ليأتي المشرع اليوم بتعديل هذا القانون ليقسم المجتمع إلى مذاهب مختلفة وشرائع عدة وفئات غير متفقة؛ ليظهر النزعة الطائفية في المجتمع بإضافة فقرة (٣) للمادة (٢) التي تنص على " أ- للعراقي والعراقية عند إبرام عقد الزواج أن يختار المذهب الشيعي أو السني الذي تطبق عليه أحكامه في جميع أحواله الشخصية." ويرجع في نفس الفقرة ليشعل الطائفية والمشكلات داخل الأسرة الواحدة وما بين الازواج ليقول " وعند حصول الخلاف بين الزوجين بشأن المذهب الذي جرى إبرام عقد الزواج وفقاً لأحكامه يعد العقد قد أبرم وفقا لمذهب الزوج " حيث جرد المرأة من كافة حقوقها وخلق انقساما طائفيا مقيتا داخل الأسرة والمجتمع. بالإضافة إلى شرعنة الخيانة الزوجية التي جرمها قانون العقوبات رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل بدلالة الفقهين الشيعي والسني عن طريق الزواج المنقطع وسيتعارض معه جملةً وتفصيلا.

كما ان المدافعين عن تعديل قانون الأحوال الشخصية يحاولون للترويج بأنه سوف يكون هنالك قانونان وحرية اختيار لمن يريد وهذا كذب وتضليل ولا يوجد شيء كهذا.

بل التعديل المطروح مختلف نهائياً عما يدعون به والدليل المادة (١/أ) التي أجبرت المقبل على الزواج عند إبرام العقد اختيار المذهب الشيعي أو السني ولم تعطيه حق اختيار القانون الواجب التطبيق وفي نفس المادة الفقرة (ب) أجبرت المحكمة بتطبيق مدونة الأحكام الشرعية على من ابرموا عقد الزواج على المذهب الذي اختاروه.

كما أن هذه المادة هي كفيلة وواضحة بنسف وإلغاء مواد القانون النافذ رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ كون المحكمة ستحكم وفق المدونة الشرعية ولا ترجع لمواد القانون النافذ وذلك لأن الغرض من التعديل هو إلغاء النصوص المعمول بها حاليا وسن مدونة جديدة. وأيضا نص المادة (٣/ثانياً) من مقترح التعديل التي تنص على " لا يعمل بأي نص يتعارض وأحكام هذا القانون"

اي بمعنى أن اي مواد او قوانين تخالف عمل هذا التعديل هي باطلة ولا يعمل بها وانما فقط هذه المدونتين الشرعيتين.

واضيف أيضاً أن المشرع عندما أصر على أن تكون عقود الزواج داخل المحكمة هي ليست مزاجية أو روتين أو لمنع زواج القاصرات ورغم تشدده بهذا الجانب (تزويج القاصر) والتوعد بعقوبة سالبة للحرية أو بغرامة مالية وانما هذا العقد سيخضع لعدة ترتيبات صحية قبل المباشرة والدخول بهذا الزواج وهو الفحص الطبي وعرض الزوجين على لجان طبية للتأكد من الزوجين بأنهما سالمين صحياً لهذا المشروع وكذلك حفظ حقوق المتضرر في حال كان أحد المتزوجين مريضا بمرض مزمن أو وراثي أو عقلي أو جلدي أو غيرها من الأمراض التي تؤثر على الزوج أو الزوجة .

وفي هذه الحالة عند الغاء هذه المادة وترك الزواج من دون الفحص الطبي سيؤدي إلى مجتمع معاق وامراض وراثية لا حصر لها.

وإن ترك الموضوع لمن لديه (تخويل شرعي) اي بمعنى كل من لديه القدرة على إتمام صيغة الزواج بحيث قدمها على التخويل القانوني.

اي بانه لكل شخص قادر على إلقاء صيغة الزواج والتوكل عن أحدهما حق تزويجهم وهذا ما أشارت إليه نص المادة (٢) من تعديل قانون الأحوال الشخصية المقترح.

عرض مقالات: