اخر الاخبار

ترجل من صهوة ترحيله ليرحل فجأة تاركا في القلب حسرة وفي العين دمعة حبيسة وتاريخا نضاليا ساطعا وشعرا مطرزا بحب الوطن وذكريات موشحة بالصور.

ولد الشاعر في مدينة المناضلين الهاشمية من عائلة معروفة ترعرع فيها ونهل العلم والمعرفة والفكر الماركسي وكان عضوا نشطا في الاتحاد العام للطلبة.

اعتقل في انقلاب ٨ شباط١٩٦٣وسجن في سجن الرمادي، وبعد إطلاق سراحه عاد لصفوف الحزب بنفس الحيوية والنشاط.  تبوأ عضو لجنة قاعدية.

 ولإيمانه بمبادئ الحزب الثورية تحفظ على قيام الجبهة ١٩٧٣ كما يذكر المناضل الراحل معن جواد في مذكراته.

ولكن بقي متمسكا بمبادئ الحزب وأفكاره ولم يساوم. وبعد انهيار الجبهة ١٩٧٨ تعرض للملاحقة والمطاردة أثناء الحملة التي شنها البعث على الحزب، ولكنه تحلى بالشجاعة والقدرة على التخفي والتنكر بالملابس العسكرية، وقام بتغطية رأسه بالشماغ والنظارات بحيث لم يستطيعوا التعرف عليه. ولاشتداد حملة الملاحقة، غادر العراق إلى عمان ودمشق حاملا هموم الوطن والحزب ومنها التحق بصفوة قوات الأنصار في كردستان، ولتوقف نشاطها غادر إلى هولندا، وهناك يستعر فيه لهيب الغربة ولوعة الحنين والاشتياق لوطنه ومدينته وأحبابه. مرسلا تلك اللوعة عبر قصائده مع الطيور والسحب والرياح المتجهة للعراق.

وبعد سقوط النظام عاد للوطن بلهفة محب كما يصفها بإحدى قصائده.

في عام ٢٠٢٣ أصدر ديوانه أغني للرحيل الذي احتوى قصائد بالفصحى والشعبي، وبث فيه حنينه للوطن والحزب وأهله وأصدقائه موفق محمد وحسن سريع وريسان الخزعلي.

في قصيدته أغني للرحيل يقول:

ساورني الحزن //احتواني بار عتيق //ما الذي ينتظرني هذا النهار /الشوارع تصبو إلي /والمقاهي وأحلامي تبادلني الوحشة /أبصر في الظلام في كل ضوء /ضائعة في المدن الغريبة / تلفني الطرقات /سألني للرحيل / وأودع قصائدي في العتمة /أعرف إني متيم بهواها / ناديت بلادي/ تطاردني التقارير السرية/ يطاردني المنفى /ناديت بلادي /تقدمت لي سجونا..

ومن أبدع قصائده التي بث فيها لوعته وذكريات وحبه لمدينته بابل وأهلها، حيث يقول:

بابل

يا نسمة ندية من الخريف /تحمل كل عبق التأريخ/ تنهض كل صباح /تنهل الشمس على وجهها المليء بالأسرار/كم من الأعوام سرت لوحدك / وطرزت تربتك بالعجائب والأسرار وبقيت للآن مركزا للكون..

لماذا تناديني؟

هل تغير مجرى نهرك/هل غادرتك الزوارق والمجاذيف/والرياح تحمل اغانيك وأناشيد شعرائك الطيبين/وأنا ازداد لوعة وحبا واشتياقا/ بك اواجه الظنون /بك أواجه الأنذال التي تتربص بنهاري/ أنا يا بابل /هائم في الغابات/ أدندن حزني /وابحث عن الخزامى لأهديها اليك / فرحي ان اعود /لأرى ارتعاشة أصدقائي في مياهك العذبة/ أنا عاشق يا بابل/ ويميل قلبي لحلتك /ويتقد بالحب.. والحنين.. والعذاب.. والرجاء.

يا باب الله/ إنك في أحلامي تهجعين / ها هي عشتار تبتسم لكل العشاق وانا منهم ارفع يدي وكأسي/ كأني ارفعه إلى السماء / لقد علمتنا عشتار أن الحياة كبرياء / إنك يا بابل مثل حبيبة تهم إلى لقائي / فأركض مسرعا اليها لأعانق هذا الحلم..

كما يصرخ مناديا العراقي:

استيقظ ايها العراقي/

استيقظ أيها الجوع.. أيها الحرمان ايها العذاب /.. حتى تواجه سراق ثروة البلاد / استيقظ: حتى تواجه الطغيان..

وفي قصيدته وطني يقول:

وطني محاط بالأنذال والاغلال/ هذا هو بؤس وطني / مع ذلك يظل قبلتنا / نعدو إليه ليلا / حتى لو كان مقبرة.

ومن قصائده بالشعر الشعبي:

 قصيدة يا زمن حبنا الجميل

يمته باجر يجي غبشه / وامتحن لهفة الشوگ النايمه بروحي بغيابك / امتحن صبري عليك / شكثر تنساني بمواعيدك واجيك / شكثر تنساني والومك / يا هوه سنيني شكثر مشتاق اشوفك / يا زمن حبنه الجميل / يمته ليلك ينطفي بنورك وأغنيلك كلام.

وعن تعلقه بمبادئ الحزب وانتمائه له، قصيدته.. چـنه ازغار

چـنه ازغار چـان الفرح  ايرفرف ابجنحا علينه  / چـان العمر بين ١٣-١٤ سنبله/

واجانه زين المعدل جاب الفجر والصبحية هلهوله للمعرسين / جابنا بيانات وسوالف عالحكومه الماتشيل الراس/ وهذاك الحچـي.. حچـي الزين/جاب أول فرح وأول ضوه للعين /وبايعناه عالحلوات والمره/ ومن ذاك الوكت لليوم/ يحزب حسين إحنا اوياك خبز وملح وايد بايد وعين بعين حبيناك حلم الناس / وسالوفة شعب تتمرجح ويالروح / ما بدل عليه اجناح / حكاما: باكو نفطنه.. باكو خبزه /باكو حلمه والضحكات/ ولساع الشعب مبيوك حلمه وأبد ما مر تاح/ يحزب حسين حلفنا بحد اهلنا / نفديك بالروح/ ونظل احنا.. ومحبتنا..وصبرنا  اوياك  عاالايام  والكلمات/ يا اول فرح ما مات / شـگد الموت بينا صاح / بتراب تحنينا  وطشينا العمر  كل المحبتك / اني والأحباب/ بلاياك العمر  ما يسوه حفنه تراب .

 إضافة إلى ذلك كان المناضل الراحل يتمتع بخلق وأخلاق عالية وشخصية اجتماعية سياسية مؤثرة تعلو محياه الابتسامة، وذو حديث هادئ وجذاب مادا يده لكل محتاج، لم يتوقف عن تقديم مساهمته في بناء بيت الحزب. ويبقى سعد سعيدا بانتمائه لحزب الكادحين شريفا بالحفاظ على المبادئ ويبق قمرا ساطعا في سماء الحزب نضالا وشعرا.

رحلت عنا في ليل العاشر من شباط ٢٠٢٤ رحلت جسدا ايها المناضل والشاعر والانسان ولكنك تبقى خالدا في ضمائر رفاقك ومحبيك.

عرض مقالات: