اخر الاخبار

تقف الولايات المتحدة عند قمة الرأسمالية العالمية بناتج قومي سنوي بلغ  ٩٥٠، ٢٦ تريليون دولار لعام ٢٠٢٣، وبدين عام  داخلي وخارجي يناهز ال ٨ ، ٣٤ تريليون دولار، أي أن نسبة الدين تصل إلى ما يناهز ال ١٣٠ بالمئة  من الناتج القومي، وهو دين غير مسبوق أمام ميزانية لوزارة الدفاع تفوق التريليون دولار، تمون به أساطيل المارينز وهي تشق عباب هذا البحر او غياهب ذاك المحيط وصولا إلى مرافئ الخامات أو محاولة إيجاد أسواق للكاسد من الإنتاج جراء الكساد الداخلي أو لحماية الرأسمال الصناعي الأمريكي من التوطن في دول المهجر الصناعي الذي سببته العولمة خلال العقود الأربعة الماضية.

 إن ازمات الرأسمالية المتلاحقة وآخرها أزمة عام ٢٠٠٨ العقارية وارتداداتها كانت سببا في تضخم مستديم حاول الرئيس ترامب في فترة ولايته الأولى العمل على زيادة وتيرة الإنتاج وتعجيل الاستخدام العام أملا منه في تخفيض الأسعار، وما صاحبها من خروج على ثوابت النظام الرأسمالي العولمة (حرية التجارة ) والتي كتب عنها ماركس في كتابه بؤس الفلسفة، طبعة دار اليقظة (ص ٢١٢) حيث قال إنها حرية رأسمال عندما تقضون على الحدود الوطنية التي لا تزال تمنع رأس المال وتمنحونه حرية العمل، ويستطرد، وسيرى العامل في (تلك الدول) أن الرأسمالي سيجعله أقل حرية من العبد. وهكذا تمعن الولايات المتحدة اليوم في انغماسها في شؤون العالم وتثير الحروب التجارية مع الصين وأوربا، والحروب العسكرية في غزة ولبنان والسودان، وأنها متدخلة علنا في حرب اوكرانيا.

إن تشبث الشركات الأمريكية في بيئتها الصينية الخصبة للإنتاج الواسع والأيدي العاملة الرخيصة، كانت عاملا لاستمرار بايدن في سياسة الحمائية التجارية، عن طريق فرض التعريفة الكمركية خلافا لقاعدة أو لثوابت الرأسمالية ( دعه يعمل دعه يمر ) لوزير المالية الفرنسي كولبير و رجل الأعمال لو جاندر، واليوم يبشر ترامب العالم بأنه سيزيد من التعريفات الكمركية على الصين لتكون النسبة أكثر من ٦٠ بالمئة، و ١٠٠ بالمئة على السيارات الكهربائية الصينية، وله تعريفة أخرى مع الاتحاد الأوربي، ونقل عنه أن اليوم الأول من استلام منصبه سيرفع التعريفة الكمركية إضافة إلى الصين على كل من كندا والمكسيك، وأول من تحرك للرد على ترامب حكومة العمال في بريطانيا حيث أعلنت أنها بصدد توثيق التجارة مع الاتحاد الأوربي البالغة ١،٢ تريليون دولار، مقابل إعادة النظر في تجارتها مع الولايات المتحدة البالغة ٤٥٠ مليار دولار . ومجيئ ترامب يذكرنا بحروب النحاس والالمنيوم.

ترامب وحلوله الاقتصادية

أن ترامب كونه رأسماليا يحاول تشكيل تحالف لأصحاب الرساميل سيما وأنه في ولايته الأولى كان يسخر السياسة من أجل كسب الأموال، وأن الولايات المتحدة يمكن لها أن تصبح شرطي العالم وتحمي الدول مقابل دفع الاموال، وان مبدأ قيادة حلف الأطلسي يجب أن يقابلها زيادة إسهام الدول المتحالفة بنفقات الحلف بما لا يقل عن ٢--٢،٥ بالمئة من الناتج المحلي لكل دولة عضو فيه، وأنه سيعمل على إعادة تهجير المهاجرين لأنهم يشكلون عبئا على الولايات المتحدة، اضافة إلى كونهم عاملا فعالا في زيادة عدد العاطلين من الأمريكيين، لأنهم يعملون بأجور أقل بكثير من الأجور التي يطالب بها العامل الأمريكي.

إن ترامب بغية تعزيز دور الشركات في إيجاد فرص عمل سيعمل على تخفيض الضرائب على الشركات والمبيعات بما يؤمن تخفيض أسعار السلع أملا منه في تخفيض نسب التضخم، وأنه بصدد إجراء مباحثات مع الصين بغية إعادة الشركات الأمريكية إلى بلادها.

أن عقدة نهوض الصين لدى الولايات المتحدة، تدفع بالأخيرة للتفكير بتحجيم دور تلك الدولة العملاقة في التنمية الاقتصادية في القارة السوداء مالكة الأراضي الزراعية والخامات، وأنها كما يروج دونالد ترامب يجب أن تحد من خطر التوسع الصيني في أمريكا اللاتينية، أو تواجدها الواضح في كندا جارتها الشمالية. وان الولايات المتحدة كانت قبل التوسع الاقتصادي الصيني تعمل بالجيوش على تحديد خطوات هذا التنين نحو بحر الصين الجنوبي، أو محاولة إعادة تايوان، وفي كلا الأمرين فإن الصين كما يبدو مستعدة لإبعاد واشنطن عن قضيتها الوطنية في تايوان ، وانها مستعدة لمقاومة أي نفوذ لأمريكا في بحر الصين الجنوبي وصولا إلى محاولة بناء علاقة اقتصادية متوازنة مع الفلبين، برغم قيام الأخيرة بتأجير أربع قواعد عسكرية لواشنطن، وان عيون بكين لا تغفل عما قام به البنتاكون مؤخرا من نصب قواعد لصواريخ استراتيجية فيها، إضافة إلى نصب مثيلاتها في جنوب غرب اليابان .

إن جدلية الصراع بين العولمة المدعومة بسفن المارينز وبين طريق الحرير الصيني الناعم تدفع بالتناقضات الرأسمالية لأن تطفوا على السطوح وتدفع بها نحو الخروج عن ثوابتها باستمرار.