اخر الاخبار

رب من يتساءل ماذا وراء نشر وزارة الخارجية الإسرائيلية مؤخرا تلك الخارطة لدولتها المستقبلية والتي تضم وفقا للخارطة أراضي إضافية من الدولة الفلسطينية الممنوعة من الظهور، (والتي تضم وفقا للشرعية الدولية كامل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة) وأجزاء من أراض تعود للأردن ولبنان وسوريا، وهي تنشر هذه الخارطة تساءلت أمام الملأ، هل تعلم أن مملكة إسرائيل كانت قائمة قبل 3000 سنة، ولرب من يجيب أنها أحلام إسرائيل في الوصول إلى دولة يهودا والسامرة بموجب التلمود كما يدعون، والرد بهذه الطريقة يشير إلى جهل الكثير من العرب بنوايا إسرائيل واحلامها في التوسع والتغيير وعمليا بدأتها بإصدار الكنيست قانونا يقضي بضم الجولان المحتلة عام 1967 إلى خارطة إسرائيل الرسمية، واليوم هي بصدد النقاش حول ضم جزء من  أراضي الضفة الغربية أيضا إلى خارطة دولتها الرسمية والعمل جار على مراحل للوصول إلى مملكة إسرائيل الكبرى من الفرات دولة اليهود في بابل إلى سيناء طريق العبرية ومهد ولادة النبي موسى والمسالك المقدسة نحو القدس في زمان الحكم الفرعوني، ولغرض الوقوف على دواعي نشر هذه الخارطة لابد من الرجوع ولو قليلا إلى التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط .

إن لإسرائيل دولة عميقة تم تأسيسها قبل عام 1987، أي قبل مؤتمر بازل في سويسرا الذي تم عقده برئاسة تيودور هرتزل لغرض دراسة إنشاء وطن قومي وديني لليهود المقيمين في الكثير من دول العالم، وهذه الدولة العميقة تتمثل في الحركة الصهيونية (zionism movement) التي جاءت على إثر إعلان بروتوكولات صهيون، وصهيون كلمة أو مصطلح مرده إلى تلة تقع جنوب غرب مدينة القدس القديمة. وعلى التل دفن الملك داود ومصطلح الصهيونية جاء مشتقا من اسم التل الذي يقع فيه دير صهيون وفرسان الهيكل.

ما هي بروتوكولات صهيون

نود الإشارة إلى تلك البروتوكولات (التوصيات) كي نوضح للأجيال الحالية والمستقبلية، ما هو مضمون الصراع العربي الإسرائيلي، الذي يتم الإشارة إليه بالإعلام دون ذكر خلفياته والنوايا المبية للعرب من قبل الصهيونية العالمية التي ما فتئت تسيطر على الرأسمال العالمي وعلى جوهر المسار السياسي الدولي، بدءا من الدول الرأسمالية الكبرى مرورا بالمنظمات الدولية وصولا إلى منظمات المجتمع المدني. وتلك البروتوكولات هي، جملة مقررات اتخذها زعماء الحركة الصهيونية أو ما يسمونه حكماء صهيون في عدة جلسات سرية، والمعروف عنها لحد الآن أربعة وعشرون بروتوكولا، وما هذه المقررات إلا برامج عمل للمنظمات الصهيونية ترجع جذورها إلى تعاليم التلمود التي بحثنا فيها وتحمل في طياتها بذور الشر والفساد وتخطط لسيطرة اليهود على مقدرات شعوب العالم (أنظر الأيديولوجية الصهيونية للكاتب محمد وجدي بكر الدباغ ص ٩٠) وهذه السيطرة تمر عبر وسائل متعددة تسخر من خلالها الحركة الصهيونية الرياضة والموسيقى والجنس لتحقيق تلك الأهداف. بالإنكليزية (s. 3) song sport and sex ، وكما هو معروف أن هذه النشاطات لابد للإنسان من الإقبال عليها بحكم الغريزة أو بحكم الشهرة الرياضية والموسيقى هي غذاء الروح، ليتأمل الناس مدى حرص الصهيونية لاستغلال كل شئ من أجل تحقيق أهدافها.

الماسونية

تعد الماسونية إلى جانب منظمات أخرى من أهم وسائل الصهيونية تنظيما، وهي جمعية سرية تعمل خلف ستار مموه انطلاقا من شعارات إنسانية براقة ولها نفس المبادئ والأهداف التي تسعى إليها الحركة الصهيونية، وقد ظهرت الماسونية قبل ظهور الصهيونية بمائة وثمانين عاما وهي والصهيونية صنوان  ومن طينة واحدة، وتعمل الماسونية على ضم المسؤولين الحكوميين في كافة بلدان العالم إضافة إلى العلماء وأصحاب التأثير الاجتماعي، ويدخل في عضويتها من يزكيه عضوان من أعضاء المنظمة، وهي تعمل على مساعدة أعضائها من الوصول إلى  المراتب العليا في الدول وتجعل منهم أشخاصا أغنياء ذا سلطة، ترمي من خلالهم السيطرة على مقدرات الدول وتوجيهها باتجاه خدمة الاغراض الصهيونية. وكانت واحدة من العوامل التي ساهمت بالتمهيد لقيام الدولة العبرية على أرض فلسطين عام 1948 على إثر قرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المرقم 181 لعام 1947، وقد تم بموجبه ظهور الدولة العبرية وتم تأخير ظهور أو قيام الدولة الفلسطينية العربية. وقد تم التطرق إلى الماسونية في البروتوكول الرابع لحكماء صهيون، وقد جاء فيه أن المحافل الماسونية المنتشرة في العالم تعمل في السر كقناع لأغراضنا إلا أن الفائدة التي نحن جادون في تحقيقها، هي القوة في خطة عملنا وفي مركز قيادتنا ستظل دائما غير معروفة للعالم، وان الكلمات الرمزية لعمارنا الماسوني هي الحرية، الإخاء، المساواة وسوف نبذل فيها ونصوغها بأشكال تمر ببساطة عن أية فكرة، وسوف نقول دوما بحق الحرية وواجب المساواة. (انظر المصدر السابق ص 102 ،103.) وكان أول محفل صهيوني تم تأسيسه في العراق كان في مدينة البصرة عام 1918.

أرض الميعاد وخرائط إسرائيل الأخيرة

 تمتد إسرائيل بموجب الخارطة التي نشرتها وزارة الخارجية الاسرائيلية إلى أراض من الأردن إضافة إلى أغلب أراضي فلسطين المحتلة زائدا أراض تستقطع من سوريا وأخرى من لبنان.

إن نشر الخارطة من قبل الخارجية الإسرائيلية في هذا الوقت يراد من وراءه تهيئة الأذهان بأن ثمة تغيير سيصيب الشرق الأوسط هو جديد بحدوده التي بدأت بقانون عبرية الجولان السورية، واليوم تؤشر اسرائيل بقوة جيشها وهو ينتشر في جنوب سوريا على نحو ملفت للانتباه، من أن تلك المناطق لم تكن مهددة لأمن إسرائيل حتى في ظل تحركات المقاومة الإسلامية بقيادة حزب الله، إذ لم تطلق ولو قذيفة واحدة باتجاه التواجد العسكري الإسرائيلي في الجولان السورية المحتلة عام 1967. كما وان إسرائيل في الجانب اللبناني لا زالت تحتفظ بأراض تعود إلى لبنان في مزارع شبعا، وأنها كانت تؤشر بإمكانية إقامة مناطق عازلة عند التخوم الشرقية لدولة لبنان، وهذه المناطق هي المعول على امتلاكها مستقبلا لتكون جزءا من إسرائيل الكبرى، وهي ذات الأساليب القديمة تتبعها إسرائيل وهي تقضم الأراضي العربية قطعة بعد قطعة.

إن ما يثير الانتباه في المشهد السياسي الإسرائيلي هو إحكام اليمين الديني واليمين السياسي المتطرف على السلطة محققا أغلبية في الكنيست تؤهله للمضي في المشروع الصهيوني المقام على عدم استقرار خارطة إسرائيل والعمل باتجاه الوصول على الدولة العبرية الكبرى، وان ما يلاحظ بالمقابل تداعي السد العربي الذي بناه عبد الناصر أمام أحلام الصهيونية وتراخي الرد الفلسطيني الذي أسسه عرفات برغم زخم المقاومة، لأن تلك المقاومة باتت تقتصر على حماس وبعض إسهامات الجهاد، وأن العناوين الفدائية الأخرى كانت بموضع المتفرج إزاء ما يحصل في غزة، والأخطر هو أن السلطة الفلسطينية اخذت تضرب حماس في الضفة الغربية .

إن تشرذم المقاومة الفلسطينية، وحيرة السلطة الفلسطينية، وتراجع المواقف العربية، وإصرار الدول الغربية على مساندة إسرائيل، وعمق المخطط الصهيوني، كلها برغم انتفاضة الأقصى كانت عوامل شجعت إسرائيل على بسط خارطتها الجديدة ممهدة السبيل لتغيرات ستكون ربما ضمن برنامج دونالد ترامب في فترة ولايته القادمة.