اخر الاخبار

تحتل موضوعة الدولة وسبل بنائها حيزاً حيوياً في بحوث الفكر السياسي المعاصر ولأهمية الموضوعة وحيوتها أحاول التوقف عند موضوعات مترابطة محاولاً من خلالها تحديد سمات الدولة العراقية وسبل تطورها عبر المحاور التالية :-

أولا – تطور الدولة العرقية والطبقات الفرعية.

ثانيا – سيادة الطائفية السياسية في الدولة العراقية.

ثالثا – التحالف الوطني – الديمقراطي وإعادة بناء الدولة الوطنية.

اعتماداً على العناوين الرئيسية نحاول التقرب من مضامينها السياسية - الفكرية.

 أولا – تطور الدولة العرقية والطبقات الفرعية

تميزت الدولة العراقية بهيمنة الطبقات الفرعية على مسار تطورها التاريخي رغم هامشية تلك الطبقات وابتعادها عن تطور مصالح بلادها الوطنية. وبهذا المسار أتابع تطور وهيمنة الطبقات الفرعية عبر المحطات التاريخية التالية:

- نشوء الدولة وهيمنة الطبقات الفرعية

- نشأت الدولة العراقية بمساعدة خارجية اشترطتها مصالح الكولونيالية الوافدة حيث عمد الاستعمار البريطاني الى بناء الدولة العراقية وتكييف سيادتها الوطنية ومصالحه الكولونيالية. 

- استنادا الى تلك المصالح الاستعمارية تشكلت سلطة الدولة العراقية الناشئة من الطبقات الفرعية تتقدمها الشريحة التجارية والفئات الرأسمالية الربوية فضلا عن زعماء قبائل وعشائر تقودهم القوى العسكرية المنسلخة عن جيوش الامبراطورية العثمانية المنهارة.

- التشكيل الطبقي الناهض في الدولة العراقية ارتكز على أسلوب الإنتاج الرأسمالي التابع المصان من الطبقات التجارية والاقطاعية الناهضة باعتبارهما الضامن الاجتماعي (الوطني) لمصالح الرأسمال الأجنبي.

- تناقض مصالح الطبقات الفرعية الحاكمة ومصالح الطبقات الأساسية - العاملة والبرجوازية الوطنية – الطبقتان الفاعلتان في المشاريع الخدمية أفضى الى نهوض حركة وطنية مناهضة للهيمنة الاستعمارية. 

- ظهور القوى السياسية المناهضة للتواجد الاجنبي المعبرة عن مصالح العراق الوطنية تمثل بالطبقة العاملة والبرجوازية الوطنية فضلا عن الفئات الوسطى.

- تكلل كفاح المعارضة الوطنية بعد معارك سياسية كبرى بنجاح الانقلاب العسكري الثوري في 14 تموز عام 1958.

- ثورة تموز الوطنية والطبقات الفرعية

- مساندة ثورة 14 تموز الوطنية لمصالح الطبقات الاجتماعية الأساسية في التشكيلة الاجتماعية العراقية ودفاعها عن المصالح الوطنية للدولة العراقية دفع الطبقات الفرعية الى مناهضة الإجراءات الثورية لثورة تموز الوطنية.

- نشطت قوى الثورة المضادة في مؤسسات الدولة العراقية وبالتحديد منها المؤسسة العسكرية مستفيدة من الروح الفردية لقيادة ثورة تموز الوطنية متوجة نشاطها المعادي بانقلاب عسكري دموي في شباط عام 1963.

- مثل الانقلاب العسكري الدموي مصالح الفئات الفرعية من شرائح تجارية - زعماء عشائر - وقوى برجوازية صغيرة متحصنة داخل الأجهزة الإدارية للدولة الوليدة.

 -اعتمد الانقلاب العسكري الدموي على آيديولوجية مثالية تدعو الى وحدة عربية هادفة الى إدامة هيمنتها الارهابية على حياة البلاد السياسية. 

- أدت الإطاحة بديكتاتورية الحزب الواحد الى سيطرة الفئات الطفيلية والبيروقراطية على قطاع الدولة الاقتصادي فضلا عن تنامي قدرة القطاع الاقتصادي الخاص عبر الشراء والتزوير الذي جرى انتشاره في الحياة الاقتصادية.

ان القراءة التاريخية المكثفة لنشوء وتطور الدولة العراقية يشير الى هيمنة الطبقات الفرعية على الحياة الاقتصادية في العهدين الملكي والجمهوري ما نتج عنها من توطد نهوج الطائفية السياسية في مفاصل الدولة الوطنية.

 ثانيا – سيادة الطائفية السياسية في بناء الدولة العراقية

امتازت هيمنة الطبقات الفرعية على الدولة العراقية وحياتها الاقتصادية بسيادة الفكر السياسي المعبر عن مصالحها الطبقية عبر محطات تاريخية كبرى، مشيراً الى ان الدولة العراقية لم تشهد أيديولوجية وطنية حاولت الدفاع عن مصالح طبقاتها الاجتماعية الا في ثورة تموز الوطنية.

- الطبقات الفرعية والطائفية السياسية

- بداية لابد من التأكيد على ان آيدولوجية الطبقات الفرعية السياسية يمكن تسميتها بالطائفية السياسية استناداً الى سيادة الطائفية السنية في المرحلتين الملكية والجمهورية من بناء الدولة العراقية حيث استحوذت الطائفة السنية على المراكز السيادية للدولة العراقية وتركت كثرة من الفروع التجارية للطائفة الشيعية التي عزفت عن التدخل في الشؤن السياسية لأسباب دينية.

- ان التوازن الطبقي في الدولة العراقية المتمثل بسيادة الطائفة السنية في قيادة السلطة السياسية وهيمنتها على المؤسسة العسكرية وبين هيمنة الطائفة الشيعية على القطاع التجاري لم يدم طويلاً لأسباب سياسية.

- عمدت الطائفة السنية ممثلة بسلطتها السياسية الى اقصاء الشيعة عن المراكز التجارية وبهذا حازت الطائفة السنية ابان الحرب مع جمهورية إيران الإسلامية على السلطتين السياسية والاقتصادية عبر سيطرتها على حركة التجارة الداخلية والخارجية بمساعدة أجهزة الدولة الرئيسية.

- التغيرات الكبرى في الهيمنة الطائفية السياسية والاقتصادية وتبدل مواقع السيطرة السياسية جاء بعد انهيار الدولة الديكتاتورية وصعود الشيعة الى السلطة السياسية لبناء هيمنتهم السياسية والاقتصادية.

- آيديولوجيا الطبقات الفرعية 

حملت الطبقات الفرعية في الجمهورية الثالثة رؤى فكرية مختلفة لكنها تشاركت بسمات أساسية تمثلت بـ: 

1– مثالية برامجها السياسية

تبنت الطبقات الفرعية أهدافا مثالية طائفية تتسم بعدم الواقعية متخطية المصالح السياسية لطبقات تشكيلاتها الاجتماعية.

2– اعتمادها النزعة الإرهابية

بسبب ضيق قاعدتها الاجتماعية وخشيتها من الروح الوطنية المطالبة بالتغيير عمدت الطائفية السياسية الى الإرهاب الشامل بهدف إيقاف الكفاح الوطني الديمقراطي ضد ممارستها الإرهابية.

3– ارتكازها على مليشيات طائفية

لخشيتها من المؤسسة العسكرية وروحها الانقلابية عمدت أحزاب الطبقات الفرعية الى تشكيل فصائل مسلحة لحمايتها من المعارضة الوطنية.

4–  مناهضة الوطنية الديمقراطية

سعت الطبقات الفرعية وبسبب ضيق قاعدتها الاجتماعية واعتمادها على الحماية الخارجية الى مناهضة الوطنية - الديمقراطية واعتماد النزعة الديكتاتورية.

ان السمات المشار اليها عرضت الدولة العراقية الى إرهاب شامل وأنتجت صراعات ونزاعات داخلية الامر الذي يتطلب بناء تحالفات وطنية تسعى الى بناء الدولة العراقية على قاعدة التأخي القومي والتحالف الطبقي لخدمة تطورها الديمقراطي المستقل.

 ثالثا – التحالف الوطني والبناء الديمقراطي للدولة العراقية

يشكل هدف بناء الدولة الوطنية الديمقراطية حلقة مركزية في الكفاح المناهض للطائفية السياسية ونهوجها الديكتاتورية. وبهذا المسار تسعى الأحزاب الوطنية الديمقراطية الى بناء الدولة العراقية على قاعدة وطنية ديمقراطية ساعية الى تحشيد الطبقات الاجتماعية الأساسية القادرة على بناء دولة وطنية ديمقراطية تعتمد المهام البرنامجية التالية:

 أولا – اعتماد الشرعية الديمقراطية الانتخابية للحكم واعتماد نتائجها الوطنية.

ثانيا – بناء اقتصاد وطني يساهم في تطور البنية الاقتصادية ويكفل المصالح الطبقية لتشكيلة العراق الوطنية.

ثالثا- حل المليشيات العسكرية ومنعها من ممارسة وظائف أمنية إرهابية.

رابعا – تطوير المؤسسة العسكرية وبنائها على أساس الدفاع عن الشرعية الانتخابية وتجفيف روحها الانقلابية.

خامسا – اعتماد المواطنة والكفاءة معياراً اساسياً لإشغال الوظائف الحكومية.

سادساً – بناء علاقات دولية – إقليمية تحترم المصالح الوطنية وعدم التدخل في الشؤن الداخلية.

ان الموضوعات المشار اليه يمكن أن تجنب الدولة العراقية النزاعات والحروب الداخلية وتمهد الطريق الى بناء دولة العدالة الاجتماعية.