اخر الاخبار

محطة “زابوروجيا” الكهروذرية أكبر محطة لتوليد الكهرباء في أوكرانيا وأوروبا والثالثة في العالم. وتقع على ضفاف خزان المياه “كوخوفسكايا” بأوكرانيا. وقد سيطرت عليها القوات الروسية خلال العملية العسكرية الروسية الخاصة في آذار هذا العام.

وجرى بناء المحطة، إلى جانب أربع محطات أخرى، بقرار من مجلس وزراء الاتحاد السوفيتي السابق عام 1977. وأصبح هذا الحدث آنذاك أحد الحوافز الكبيرة على التطور الاقتصادي في أوكرانيا. ووضع في أساس المشروع تكنولوجيا بناء 6 حواجز لتوليد الطاقة الكهربائية تستجيب جميعها لمتطلبات الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وحسب خبراء المحطة تولد المحطة سنويا بحدود 40 مليار كيلوواط في الساعة من الطاقة الكهربائية ما يشكل خمس الانتاج السنوي للطاقة في البلاد ونصف ما ينتج من الطاقة في المحطات الذرية الأوكرانية جميعا.

ومن مزايا المحطة انها تستخدم الخزن الجاف للوقود النووي المستخدم. ويبلغ حجم الخزن الجاف في المحطة 380 خزانا مما يضمن خزن نفايات الوقود المستخدم لفترة 50 عاما المقبلة.

وحسب بيانات وزارة الدفاع الروسية تقوم أوكرانيا بدفع من امريكا وبريطانيا باستفزازات وقصف محطة “ زابوروجيا “ الكهروذرية باستمرارمن مواقع في منطقة نيقولايف الأوكرانية وخلال الزيارة التي قام بها الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش للمنطقة في 19 آب الحالي، وواصلت عمل ذلك خلال زيارة بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 1 ايلول الحالي للمحطة، ومن ثم تتهم روسيا بأنها هي التي تقصف المحطة وتريد خلق كارثة نووية. فهل من المعقول ان تقوم روسيا بقصف نفسها وخبراؤها العسكريون يعملون في المحطة إلى جانب وحدات تقوم بحمايتها؟ هراء أوكراني بحت!! مثل ما صرح به رسميا وبوقاحة مستشار مكتب الرئيس الأوكراني ألكسي أريستوفيج: “ لو لم نكذب لانهار كل شيء “!

ويجري قصف المحطة بالأسلحة الثقيلة من مناطق نيقولايف ومارغنس وتوماكوفكا الواقعة تحت سيطرة القوات الأوكرانية. ويشمل القصف حواجز توليد الطاقة الستة وخزانات الوقود النووي المستخدم الموجودة في الساحات المكشوفة امام المحطة. ويتخذ العسكريون الروس جميع الاجراءات اللازمة لضمان أمن المحطة.

ولكن ماذا سيحدث لو جرى قصف المحطة والغطاء الكونكريتي لها؟

يقول البروفسور في الفيزياء النووية فلاديمير كوزنيتسوف: ستؤدي شظايا الغطاء الكونكريتي المتحطمة إلى ايقاف المفاعل النووي وتدمير نظام تبريد المفاعل. وفي حالة بقاء المفاعل بدون ماء، اي بدون تبريد، سيجري كل شيء مثل ما جرى في محطة “ فوكوسيما “ الكهروذرية اليابانية وسترتفع حرارة المنطقة الفعالة المحيطة بالمفاعل وتكون كميات كبيرة من البخار النووي والذي يتفاعل مع المواد المولدة للحرارة – اي مع الزركونيوم. وعند وصول الحرارة إلى 1300 – 1500 درجة سيجري ما يسمى بالتفاعل البخاري – الزركوني مع توليد عنصر الهيدروجين وتراكمه المستمر مما يؤدي إلى انفجار المزيج المدوي وتحطيم غطاء المحطة وانتشار المواد المشعة في الوسط المحيط بها ومن ثم تنتقل وتغطي حتى أوكرانيا نفسها ومناطق روسية قريبة منها وكل مجال أوروبا. وتصل هذه المواد إلى ملدافيا وتركيا واليونان ومقدونيا وبلغاريا ورومانيا وهنغاريا وسلوفاكيا وبولندا وألمانيا. وقد تم العثور في وقتها على آثار كارثة تشرنوبل حتى في جبال الألب السويسرية.

وصرح نيقولاي باتروشيف سكرتير مجلس الأمن الروسي قبل أيام: ستتوجه أصابع الاتهام إلى الولايات المتحدة وبريطانيا في حالة وقوع كارثة تكنولوجية محتملة في محطة “ زابوروجيا “. وأضاف: إذا وقعت الكارثة فان آثارها ستظهر في جميع أنحاء العالم، وستتحمل مسؤوليتها واشنطن ولندن وشركاؤهم.

ويبدو ان الغرب غير مهتم بالآثار المترتبة عن انفجار المحطة، وحيث أن سعة الانفجار والتلوث ستكون أكبر بكثير من انفجار تشرنوبل وتشمل بالأساس بلدان الناتو والاتحاد الأوروبي. وستتأثر بالدرجة الأولى منطقة “زابوروجيا” الأوكرانية وتصبح قاحلة خالية من السكان، وكذلك مدينة أوديسا ومنطقة نيكولايف. وسيؤدي الانفجار إلى كارثة ايكولوجية في منطقة البحر الأسود وتنعدم الملاحة في القسم الغربي من البحر وتتحول إلى كارثة اقتصادية تؤثر على الاقتصاد التركي وبلدان البحر الأسود كاملة. وستكون آثار الانفجار وخيمة حتى بالنسبة إلى روسيا – وأساسا المنطقة الشمالية الغربية من شبه جزيرة القرم واقليم كراسنودار ومناطق روستوف وفولغاغراد وكورسك وبيلغورود وفورونيج.

وبرأي الخبراء والمطلعين بإمكان روسيا تفادي قصف المحطة والكارثة بعدة اشكال: 1 - تقوية وتشديد وتيرات العملية العسكرية الروسية الخاصة وانهائها بسرعة لصالحهم. 2 – تجميد عمل المحطة، وهذا يحتاج إلى طاقة كبيرة جدا والا سيقع انفجار يعادل كارثة “ فوكوسيما “ اليابانية. 3 – ترك المحطة وهذا سيؤدي حتما إلى اعمال استفزازية من قبل القوات الأوكرانية وإلى كارثة نووية. 4 – تصعيد الضغط على امريكا من خلال خلق ازمة مثل “ أزمة البحر الكاريبي “.

وبرأينا نرى أن حل الأزمة الأوكرانية في الوقت الحاضر يكمن في المضي قدما بالعملية العسكرية الروسية الخاصة التي أعلنها الرئيس بوتين في 24 شباط 2022 وتشديد مجرياتها إلى نهايتها المحتومة التي حددتها العملية: تحرير جميع مناطق الدومباس كاملة وتحييد أوكرانيا عسكريا والقضاء على النازية الجديدة فيها. وفي حالة قيام الجانب الأوكراني بقصف المحطة (وهو عمل ارهابي محتمل 95%) وخلق كارثة نووية فيها فلا يبقى أمام روسيا الا القضاء على النظام الأوكراني الارهابي الفاشي الحالي وفرض الاستسلام غير المشروط عليه. وبغير ذلك يكون قد انحرفت العملية عن اهدافها المخططة.

أما موضوع امكانية التفاوض مع النظام الأوكراني الحالي فهو فاشل 100% وسبق للمفاوضات بين الجانبين لم تؤد إلى نتيجة ونسيت، وكانت أوكرانيا تحضرها من أجل كسب الوقت فقط ومن ثم الاستمرار في استفزازاتها ضد القوات الروسية. ومن ناحية أخرى لا يقبل أسيادها الأمريكيون بفكرة التفاوض لأن مصلحتهم تكمن في استمرار الحرب “إلى آخر جندي اوكراني” وأنهاك روسيا.

واليوم تعيش القوات الأوكرانية حالة ميؤوسا منها وصلت إلى الانهيار التام جراء الخسائر الفادحة التي تلحقها القوات الروسية بالأوكرانيين أسلحة وافرادا، واستمرار حالات الاستسلام بالمئات أمام القوات الروسية والفرار من ساحات المعارك. ونرى اليوم أن القوات الأوكرانية تتفادى خوض المعارك المباشرة والمواجهة مع القوات الروسية وتترك مواقعها كلما شعرت بالخطر الجاثم عليها. لذلك يركز الأوكرانيون على قصف المراكز المدنية والسكان الآمنين وهي أعمال اجرامية تحرمها الاتفاقيات الدولية، والقيام بأعمال ارهابية كقصف المحطة والعملية الجبانة التي نفذتها قبل أسابيع اجهزة المخابرات الأوكرانية بتفجير سيارة الصحفية والناشطة السياسية الروسية المعروفة داريا دوغينا في موسكو في 20 آب الحالي والتي كانت تدعم وتنشر عن مجريات العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا. وحتى العمل الارهابي الأخير الذي نفذ ضد السفارة الروسية في كابل له امتدادات اوكرانية.

إن أوكرانيا تحولت اليوم إلى دولة إرهابية، وتأكيدا على ذلك صرح عضو المجلس الأعلى لادارة منطقة زابوروجيا (الواقعة تحت سيطرة القوات الروسية) فلاديمير روغوف بأن هدف سلطات كييف التي أرسلت جنود إنزال على محطة زابوروجيا كان القيام باختطاف بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وموظفي المحطة كرهائن لاستخدامهم كدرع بشري للسيطرة على المحطة واستفزاز روسيا والعالم بالتهديد النووي.

وأفاد ممثل وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف قبل أيام بأن مجموعتين من الزوارق والقوارب العسكرية الأوكرانية مؤلفة من 42 وحدة و250 مقاتلا من مفارز قوات العمليات الخاصة والمرتزقة الأجانب قررتا الانزال على ضفاف خزان المياه “ كوخوفسكايا “ في منطقة “ اينيرغودار ودنيبرورودني “ للسيطرة عليها.

وجرت مهاجمة الإنزاليين بأربع قاذفات ومروحتين تمكنت من تدمير 20 زورقا وقاربا ومجموعة من الأفراد والمرتزقة والبقية لاذت بالفرار نحو السواحل الأوكرانية.

وكانت بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد وصلت إلى محطة “زابوروجيا” يوم الأربعاء 1/9/2022 بغض النظر عن محاولات القوات الأوكرانية للسيطرة على المحطة.

وضمت البعثة 14 خبيرا بمن فيهم المدير العام للوكالة روفائيل غروسي، وأن أغلب اعضاء البعثة يمثلون بلدانا حيادية (حسب ظنهم) ولا تضم ممثلي بريطانيا والولايات المتحدة.

وبعد الزيارة نشرت البعثة تقريرها في 6 ايلول 2022، والذي خلا عمدا وبضغط من الغرب، من المهمة الرئيسية للبعثة وهي تحديد الجهة التي تقصف المحطة ومن اي المواقع يجري القصف. في حين ان “ حتى الأغبياء يفهمون من يقوم بالقصف”!

واكدت الناطقة الرسمية للخارجية الروسية ماريا زاخاروفا على ان بعثة الوكالة كانت تعاني من ضغط الغرب.

وافاد خبير معهد بلدان رابطة البلدان المستقلة ايفان شيشكين بأن زيارة بعثة الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى محطة “ زابوروجيا “ كانت جزءًا من خطة الغرب للسيطرة على المحطة من قبل القوات الأوكرانية الخاصة تحت قيادة جهاز المخابرات البريطانية. وكانت مهمة البعثة بمثابة غطاء لهذه العملية.

فهل هذه الأدلة غير كافية لاتهام أوكرانيا بانها دولة ارهابية؟

عرض مقالات: