اخر الاخبار

تشكّل عمليات تهريب الدولار إلى خارج العراق سببا رئيسيا في الكارثة الاقتصادية التي يتعرض لها العراقيون البسطاء اليوم، وطبعا بغياب الرقابة الكافية وانعدام النية الصادقة لدى الكثير من الذين بيدهم الامر، انتعشت عمليات التهريب.

وقبل ان اسرد حكاية الدولار في العراق يجب علي ان اقول ان كل ما يصدر للناس بأن هناك ضغطا امريكيا على حكومة السيد السوداني والاطار في عملية رفع سعر صرف الدولار غير صحيح.

فالحقيقة التي يعرفها جميع السياسيين وربما لا يعرفها كل العراقيين، ان العراق ابلغ منذ ثلاث سنوات بتفعيل نظام السوفت العالمي للحولات الخارجية باعتبار ان العراق عضو في هذا النظام المالي العالمي المرتبط بالولايات المتحدة وغيرها، وهذا النظام يلزم كل عضو فيه بجملة شروط يجب ان يحققها حتى يربط نفسه في هذا النظام، وهذه الشروط ملزمة لجميع المشتركين في هذا النظام، وليس العراق فقط.

وتم إعطاء العراق مبدئيا مهلة سنتين بناء على طلبه لتهيئة نظامه المصرفي، كون نظامه المصرفي ما زال يعمل بالطرق القديمة، وبسبب جائحة كارونا في العالم تم تمديد المهلة التي انتهت الان، والتي بموجب نفاذها يكون البنك المركزي العراقي ملزما بتقديم كافة التفاصيل الدقيقة لعمليات التحويلات الخارجية بالنسبة للدولار الى هذا النظام العالمي، والذي يضم امريكا ومصارف كبرى في الاتحاد الأوربي وغيرها.

وهنا انخفضت مبيعات البنك المركزي من الدولار بعد أن عجزت مصارف أهلية عراقية عن تقديم تفاصيل حوالاتها الخارجية فتم استبعاد تلك المصارف من نافذة مزاد بيع الدولار من قبل المركزي العراقي علما ان المصارف المستبعدة كانت تشتري حوالي 40  في المائة من كمية الدولار التي يطرحها البنك المركزي يوميا في مزاد بيع العملة، فضلا عن ان هذه المصارف الأهلية وغيرها متهمة أصلا بعلميات تهريب الدولار إلى خارج العراق بموجب فواتير استيراد مزورة ووهمية ببضائع لم تدخل العراق أصلا أو بأسعار تفوق سعر المنتج المستورد بخمسين مرة، وهنا كارثة أخرى اذ ليس هناك رقابة صارمة في العراق طيلة هذه السنوات تدقق في أسعار المواد المستوردة حسب الرنج العالمي او الأسعار العالمية فبالإمكان ان يقوم اي مصرف بشراء كميات كبيرة من الدولار من المركزي العراقي بموجب اسعار سيارات مثلا بضعف سعرها الأصلي بـ 3 او 4 مرات!

وهذا ما يحدث ليس في استيراد السيارات بل في اغلب السلع المستوردة.

اليوم بعدما انكشف المستور وظهر مَن المتحكم بسعر صرف الدولار وهم المهربون بالدرجة الاساس انخفض وجود الدولار في السوق المحلية مع زيادة طلبهم ارتفع سعر بيعه، وسوف يواصل ارتفاعه ان لم تتم مكافحتهم ومكافحة عمليات التهريب كلها وبمختلف اشكالها، لذلك المطلوب تفعيل نظام مصرفي حازم مع وجود مراقبة حكومية صارمة لمنع عمليات التهريب هذه، وضمان استقرار سعر الصرف.

عرض مقالات: