اخر الاخبار

الفساد في اللغة العربية يعني التلف أو العطب الذي يلحق الضرر بالآخرين، وهو حسب معجم اكسفورد، هو انحراف يعمل على تدمير النزاهة في أداء الوظائف العامة من خلال الرشوة والمحاباة، ويرى الدكتور همام حمودي في كراسه الفساد ص(١١) أن فساد الدولة بنكوصها عن أداء مهماتها، وهو يرى في ذات الصفحة أن الفساد مرفوض ومستهجن بالوجدان وعند العقل، أردنا بهذه المقدمة أن نذكر الدكتور حمودي أن الفساد استشرى بشكله الوحشي في عهدكم أنتم، وأنكم منذ لحظة وضع الدستور كانت نوايا الإفساد في المقدمة سيما وأنه دستور هجين منقول عن التجربة اللبنانية الفاشلة التي كانت وراء الحرب الأهلية اللبنانية، وأن التسليم بطريقة توزيع المناصب اللبنانية كانت وراء الانقسام الطائفي والعنصري المقيت الذي انتقل آليا عند الأخذ به بجعل منصب الرئيس كرديا ومنصب رئيس الحكومة شيعيا ومنصب رئيس مجلس النواب سنيا، وأن عملية التحاصص صارت عرفا وأخذت درجة قطعية كأنها قاعدة دستورية، وكثيرا ما كانت هذه السلوكيات تعطل تشكيل الحكومات لعشرات الشهور، كما هو الحال في لبنان،  وكأن الوقت عند المتحاصصين لا يحمل قيمة عمرية في حياة شعبنا المغلوب على أمره، وقد أشاعت التجربة اللبنانية بكل مخرجاتها مبدأ وحدة المعارضة و الموالاة وصار الفاصل السياسي غائبا أمام حضور الموحد المذهبي والطائفي أو المصلحي عند تكوين التحالفات، وصارت المصلحة الوطنية تعرف من خلال مصلحة المكون أو التكتل الحاكم، وأشيع بالتبعية مبدأ الإقطاعية الوزارية أو ملكيات الهيئات المستقلة وصولا إلى المديريات العامة، وصارت المحاصصة تستحدث ما هو غير ضروري من الدوائر أو الملاكات حتى يرضى هذا الطرف أو ذاك، وأصبح العراق وهو بحجم ولاية أمريكية يملك أكثر من ٤٧٠٠ مدير عام، ولا زالت الحكومات بالتتابع تستغيث من توسع الملاكات وهيمنة الموازنة التشغيلية على الموازنة الاستثمارية، بل وصارت الموازنات الاستثمارية تركن على الرفوف إذا ما تركت دون سرقة مصروفاتها، واليوم أوار المعركة قائم بين أطراف الكتلة الواحدة أو بين الكتل الأخرى على تعيين المحافظين وذلك لضمان الفوز في انتخابات مجالس تلك المحافظات، وإعادة تجربة فاشلة كانت وراء انتشار المحاصصة والفساد .

إن المحاصصة كونها عملية اقتسام المناصب وتوزيع الملاكات كانت وراء إبعاد الكفاءات العلمية والإدارية، وكانت وراء انتشار المفسدين الموزعين أفقيا وعموديا لحساب الكتل والأحزاب الحاكمة وكانت أخيرا وراء انتشار الأمية الإدارية والتي هي بدورها كانت تقف خلف تأخر الصحة والتعليم وتراجع الزراعة والصناعة، وكانت مصرة على معاداة الثقافة والمثقفين، والمحاصصة وهي أعلى مراحل الفساد لا زالت سببا في انعدام الأمن تجاه عصابات صنعها حلفاء العراق، ولا زال معولها لا ينفك عن تهديم المتبقي من ثوابت جمهورية العراق العتيق....