اخر الاخبار

إن قيام أي ثورة في مجتمع ما يتطلب مقومات عامة تكاد تنطبق على جميع المجتمعات، ثم بعد ذلك تأتي خصوصية المجتمع من حيث بنيته الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وخصوصيات أخرى ينفرد فيها مجتمع ما، لكن من ناحية عامة هناك ثلاثة مقومات أساسية لقيام ثورة في مجتمع ما، وهنا أقصد بمصطلح الثورة معنى التغيير الجذري لهرمية البناء الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمجتمع، وهذه المقومات هي:

 أولا. الفكر، حيث أن أي ثورة لا تملك فكرا ورؤية معالمها واضحة وأهدافها الفكرية مؤطرة بإطار نظري محدد يستهدف حل مشكلات وتناقضات قائمة وملحة، فإنها تذهب لكونها ارهابا وهمجية بحتة، فالفكر يضفي من خلال نظريته واطروحاته طابعا محددا ذا صبغة انسانية وهدف محدد ومؤطر بإطار هذا الفكر فعملية التحول الاجتماعي أو ما نسميه ثورة يتطلب بإلحاح هذا الفكر، وهذا ما أكد عليه مرارا ماركس في كتاباته ومراسلاته مع انجلز.

ثانيا. التنظيم، تتطلب الثورة التنظيم كضرورة ملحة لقيام الثورة وهو عمل شاق ومضن يتطلب جهودا استثنائية، فمن خلال هذه العملية يتم رفع وعي الجماهير بمصالحها وتوحيدهم حول هدف أو أهداف محددة وتعريفهم بحقوقهم وشرح وايضاح مساوئ النظام وسلبياته وهذا يتطلب الالتصاق بالجماهير واستشعار مستويات النقمة  لدى الناس وبالتالي معرفة توجيه هذه النقمة لصالح عملية التغيير وهذا ما اكده لينين في كتابه ما العمل هذا من ناحية، من ناحية أخرى تعريف الجماهير بالبديل الذي ستأتي به الثورة مثل طبيعة النظام القادم والية عمله وأولوياته وغير ذلك،

وهذا امر في غاية الاهمية، فأغلب الثورات التي حدثت في محيطنا الإقليمي العربي افتقرت لهذه الخاصية حيث أن نقمة الناس وسخطها على السلطات اطاحت بهذه الانظمة القمعية، لكن بعد الثورة لم يكن هناك بديل حقيقي لهذه الانظمة وملء فراغ النظام السابق بحلة جديدة ووجوه جدد كما حدث في مصر مثلا.

ثالثا. الثقافة، إن هذا العنصر له أهمية بالغة فالثقافة تتيح للثوري انسيابية العمل داخل الجماهير وفهم همومها وطبيعة المجتمع من خلال النَفس العام ومدى سخط الناس على السلطات القائمة، وأيضا تتيح فهم ومعرفة ما يدور من أحداث داخليا وخارجيا، فالثقافة بوصفها نسيجا معقدا من التقاليد والاعراف لمجتمع ما، فإنها ربما تُنتج فنا يُعّرف الناس بطريقة تصل إليهم وتحرك وعيهم لمديات معينة.

نستنتج من ذلك بأننا نستطيع أن نقول بأن هذه المقومات الأساسية الثلاثة كفيلة بنجاح الثورة إضافة لمقومات أخرى ذاتية وموضوعية تدخل في تعقيدات العمل الثوري.

إن عملية التغير المنشود تتطلب هذه المقومات كأسلحة مؤثرة داخل العمل الثوري.

عرض مقالات: