اخر الاخبار

الماء سر الحياة وأين ما وجد الماء وجدت الحياة.. ونتيجة للظروف السيئة والقاسية التي مر ويمر بها عراقنا الحبيب خلال الفترة السابقة فقد تعرض الجانب البيئي إلى ضرر وإهمال كبيرين وخاصة في قطاع الخدمات والمياه، وان تلوث مياه الأنهار في العراق هي من أخطر المشاكل البيئية والصحية التي يعاني منها المواطنون، فقد تم رصد كميات كبيرة من مياه المجاري والصرف الصحي والمخلفات الصناعية يتم رميها أو تصريفها مباشرة إلى مياه الأنهار والأنهر الفرعية.

إن البيئة ونظافتها والاهتمام بها مهمة ملزمة ومسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة  والمواطن، فعلى الدولة أن توفر كافة المستلزمات الخدمية لهذه المهمة  ولتبقى مدننا  ومرافقها الحيوية  بأحسن ما يكون من خدمات ضرورية  وتخليص المدن والأنهار من النفايات وسلبياتها وتداعياتها الصحية والبيئية وتأثيراتها على الصحة العامة،  أهمها المياه وما يترتب عليها من توفير هذا العنصر الحيوي (الماء الصالح للشرب والاستعمال)، لأن الماء هو الحياة بكل تفاصيلها وهو أيضا سبب رئيسي ووسيلة مباشرة لنقل الأمراض  وبيئة حاضنة للطفيليات والبكتريا  ويحتاج إلى التنقية و المعالجة  من الأوساخ والأملاح والفضلات ومن كل الشوائب والطحالب، وتؤكد التقارير وتشير إلى وجود مواد مسرطنة في مياه الأنهار بسبب ما ترمى فيه من النفايات منها مخلفات المصانع والمعامل  والمياه الثقيلة  وغسل وتشحيم وتزيت السيارات والمركبات بأنواعها، وهذه المخلفات تحتوي على كميات  كبيرة من الفلزات الثقيلة كالنحاس والرصاص والزئبق والكادميوم  الشديدة الخطورة التي تتفاعل مع الماء، وفضلات أخرى  هائلة كعلب البلاستك والقناني الزجاجية وأكياس الجبس والنستلة وفضلات القصابة ومجازر الدجاج والحيوانات في الطرق الخارجية، و كثير من المعامل التي يقع مكان عملها محاذاة الأنهار الكبيرة والفرعية. ونلاحظ في الآونة الأخيرة غياب الرقابة الصحية أمام رمي النفايات والفضلات ومخلفات المعامل  في الأنهر عن طريق محطات تفريغ خاصة،  وتتجمع وتتكدس عند فتحات القناطر والجسور الصغيرة،  ولو أتيحت الفرصة لأحد منا عند سيره بمحاذاة الأنهر وعند أي قنطرة أو جسر للمارة  نرى المناظر المؤسفة المؤلمة  من انتشارها  بشكل لا يطاق لتأخذ مساحة كبيرة من سطح الماء  بالإضافة إلى الروائح الكريهة والعفونة التي تصدر منها.   إنه واجب علينا الحفاظ على صحة المواطن وبيئته التي هي أهم كل شيء وهذه مسؤوليتنا جميعا ان نكون شديدي الحرص على نظافة مدننا وأحيائها وشوارعها كما هو حال اهتمامنا الكبير ببيوتنا ومحل سكنانا ومعيشتنا. ولدرء خطر تفشي الأمراض الخطيرة كالسرطان، وحاليا تفشي وباء كورونا المستجد، وللعلم قبل فترة وجيزة حضرت لجنة صحية تابعة للأمم المتحدة لفحص إحدى محطات التنقية (مياه الشرب) خلصت اللجنة (إلى ان هذه المياه لا تصلح حتى لإرواء الحيوانات) فكيف بها والانسان العادي يتناولها يوميا لاستعمالاته المتعددة. اليوم نعيش عصر التقدم والتكنولوجيا الحديثة وأن الدول المتقدمة قد أعطت من أولويات اهتمامها الكبير والعالي  بالنظافة والاستفادة من المخلفات السكنية والصناعية  ونفاياتها وتدويرها ومعالجتها بالطرق  التكنولوجية الحديثة  وتحويلها إلى منافع في الزراعة والصناعة  وتوليد الطاقة الكهربائية وتحضير الاسمدة  الكيمياوية  واستخراج بعض المواد الأولية التي تدخل في صناعات متعددة، وهنا يتحمل المواطن المسؤولية الكبرى في هذا الشأن  والالتزام والحرص بعدم رمي المخلفات في الأنهار والمجاري ووضعها في أماكنها المخصصة لها  لأنه هو الذي تقع على عاتقه نظافة  مدينته واظهارها بالمظهر اللائق لما لها من أثر كبير على رقي المجتمع وتقدمه. ثم يأتي الدور الكبير الذي يضطلع به المسؤول  البلدي و الخدمي  الذي يجب عليه أن يهيئ حاويات صالحة متينة باستمرار واكياس بلاستيكية توزع على المحلات والبيوت  والمتابعة اليومية الشديدة  ورصدها  ونقلها وتفريغها  في مكباتها المعدة لها، وتعليق لافتات عديدة تطلب منه الالتزام بنظافة مدينته ونشر الوعي من خلال إقامة الندوات الصحية في المدارس والمعاهد والكليات ودورها في توعية المواطن الصحية وتفعيل دور الإعلام في هذه المهمة  ومسؤوليته في حماية ونظافة بلده من خلال توزيع البوسترات بأهمية النظافة، فالبيئة والمجتمع احدهما يؤثر على الآخر تأثيرا واضحا خاصة عندما تتعرض إلى التلوث والتدمير، ومدننا وشوارعها وازقتها  متخمة هذه الايام بالأتربة والفضلات المهملة والأوساخ المنتشرة هنا وهناك  والأمراض التي تفتك بالمواطن وخاصة الاطفال كل يوم، بالإضافة إلى نقص في الأدوية ورداءتها أو انتهاء صلاحياتها أو فداحة اسعارها الباهظة الثمن، وهذا يتطلب تحشيد كل الامكانيات والجهود للارتقاء بصحة المواطن  وبيئته  والاهتمام بالمكان الصحي في محل العمل والسكن وتأمين العلاج السليم من الادوية المختلفة  والمستلزمات الطبية الوقائية،  وتأمين وجود نظام رقابي يؤدي دوره بشكل فاعل، واتخاذ  الاجراءات القانونية  الصارمة  بحق المخالفين التي تهدف إلى منع تصريف مياه المجاري والمواد الخطرة إلى الأنهار والمحافظة على مصادرها ونقاوتها السليمة  ومراقبة  رمي النفايات على ضفاف الأنهار والجداول . وهنا لا ننسى عامل النظافة (مهندس النظافة) كما يطلقون عليه في بعض الدول المتقدمة ودوره الفاعل الكبير وتقديم الدعم الكامل له ماديا ومعنويا وتثبيت عقوده واحتساب مرتب له بما يلائم وضعه الاقتصادي وما يتعرض له من مخاطر صحية جراء عمله المضني والاشادة بدوره الانساني الخدمي الشريف في خدمة وطنه وشعبه والدور الكبير الذين يضطلع به في نظافة المدن واظهارها بالمظهر اللائق، لآنه جزء لا يتجزأ من هذا الشعب العظيم، والتعامل الاخلاقي والحضاري للمواطن مع (مهندس النظافة). 

عرض مقالات: