اخر الاخبار

كلنا يعلم أن سياسة القروض بكل أنواعها انتشرت أواسط الخمسينات في العالم الغربي، وبالذات في الولايات المتحدة وذلك لتحقيق هدفين أساسيين.

الأول: الفقر الذي اصاب الطبقة العاملة جراء ارتفاع الضرائب الحكومية وزيادة أسعار السلع، وقلة الادخار الفردي، وتنوع الحاجات لتنوع وسائل الرأسمالية في الابتكار والتوسع على حساب دخول الملايين.

 الثاني: تعد القروض بمثابة التنفيس المتبادل بين ازدياد حاجات الفرد وتنوعها تبعا للاكتشافات العلمية  والتقنية وبين التنفيس عن وطأة اسعار الشركات على ذوي الدخول المحدودة لعموم الناس .

إن القروض وما يترتب عليها من فوائد، والبيع بالتقسيط وما يلحقه بالدخول من هشاشة يعدان من أهم عوامل الافقار الشعبي ومن أهم عوامل النمو المنحرف للرأسمال. سيما وأن عمليات الاقتراض أو البيع بالتقسيط ستسقطان أولوية وأهمية السلع المشتراة، وتدفع بالفرد في العموم لشراء ما هو أقل أهمية في سلم حاجاته، وربما سيقتني ما هو ليس بحاجة إليه.

إن اتباع المصارف الحكومية والأهلية معا في العراق سياسة الانفتاح غير الموجه نحو الاقتراض، وخاصة الاقتراض الحر أو الاقتراض من أجل اقتناء سيارة، نتج عن هذه السياسة التوجه نحو السلع غير الضرورية أو السلع شبه الكمالية مما أضر بالاقتصاد وخاصة شجع على استيراد السيارات مما تسبب في أزمات مرورية خانقة أو أن الكثير توجه لشراء سلع على حساب سلع مهمة نتج عنها ندم ومشاكل مالية أدت إلى خلافات أسرية. كما أن قروض الاسكان لم تكن في العموم إلا قروضا شجعت القضاء على المساحات الخضراء أو انقسام الدار الواحدة إلى دور متعددة تسبب ذلك الضغط على الخدمات العامة كالمجاري والماء والكهرباء، لأن دور الدولة غائب تماما، وهذا ما لا تقره الأنظمة الاشتراكية التي تخطط لتنظيم النسل وتخطط للإسكان وللنقل العام، وتنظم عمليات النقل الخاص، وتعمل على مجانية التعليم وغيرها من مجالات الحياة الاخرى.

إن المشاكل العائلية في العراق بعد السقوط وارتفاع مناسيب الطلاق يقف وراء كل منها العامل الاقتصادي، وأحد فروع هذا العامل التشجيع على سياسة الاقتراض والتشجيع وبأسلوب الدول الرأسمالية على الاستهلاك المظهري دون أن يصاحب ذلك عمل جدي من قبل الدولة وبالذات وزارة التخطيط للتوجه نحو تقييد هذا الاستيراد أو التوجه نحو التشجيع على الادخار بغية توفير الأموال لدى المصارف الحكومية بالذات لبناء المجمعات السكنية، أو إنشاء شركات نقل حقيقية تعمل على تقليل التفكير باقتناء وسائل النقل الخاص. أو تشجيع الاتحادات العامة للتعاون لأخذ دورها الحقيقي والاجتماعي على وفق خطط عامة تعتمدها وزارة التخطيط لتنظيم التقسيط التعاوني الزراعي أو تعديل أشكال التقسيط في الجمعيات التعاونية لتنظيم التقسيط للإنتاج التعاوني، أو حتى التدخل الفعلي في شؤون بيع البضائع في الجمعيات التعاونية الاستهلاكية على وفق الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لكل سلعة تسوقها هذه الجمعيات، لأن استحصال القرض رغم كل النتائج تصاحبه متعة المحتاج لكن تسديد الأقساط يصاحبه ألم العوز والحاجة إلى الضروريات لا الكماليات.