اخر الاخبار

روح الشاعر طافحة ببياض الصداقة وعمق العلاقة المشتركة وفيض انتماء كشفت عنه مفردات لا تومئ خارج التشارك مع تاريخ وسردياته وذاكرة مروياتها واهداء الشاعر تلويحة رسمت حلماً انفتح على أحلام ليست متوقفة، بل هي متحركة، تنمو وتكبر، لأنها تستدعي كثيراً من أحلام لأصدقاء تعارفوا وتعايشوا. وكل منهم وهم أحلام هادرة، لكنها تومئ لنوع من الوجع تساقط وسط مسالك ودروب غير سرية، لأنها الاهداء اعلن عن بياضها وتراكمات الآس فيها، الآس التي لملمته الأنامل الناعمة والخشنة ولملمت المتساقط منه، لأنه يمثل تاريخاً واي تاريخ كان وظل ينتظر الحلم النهاري والليلي، حلم لا يفارق شخوصه. وكلية الإهداء اعتراف كاشف كالمرايا بانتماء للحزب وإعلان عن تاريخ عميق وطويل، ترك بصمات على أنامل الشاعر الشهيد علي اللامي الذي قدم سرديته، محتفياً بها وملوحاً لكل من كان معه عند الطواف في ساحة التحرير.

لم أعرف علي اللامي إلا في اليوم الذي لاحقته رائحة الكراهية والسواد. كنت بزيارة لساحة التحرير وحصراً خيمة الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق. لم يكن في الخيمة لأن الوقت مبكر، جلست وطلَّ علي شاب رشيق ووسيم طويل وتقدم نحوي، قدم لي صحيفة يومية وصافحني ولم يقل شيئاً ومازالت صورته حاضرة في مخيلتي. لكني عرفته في اليوم الثاني عندما رأيت صورته في الصحف، شعرت بحزن وألم لأني اكتفيت بصورة معه، اقترح عليَّ التقاطها، لم أرها لأنها مخزونة في هاتفه، صورتي مبتسماً له وهو يقف أمامي ويلتقط لي صورة أو أكثر. ازداد حزني لأني قرأت له عدداً من النصوص، النبوءات هي الأحلام التي تحدث عنها وكررها سرداً وشعراً، لأنه ابن الأرض وعاشق الشمس وعارف بالذي يريده القتلة، لا يريدون حلماً أبيض، بل يطمحون برصاصة تعطل كل مستقبل الشرفاء، لحظة تسود الأحلام بدخان الرصاص وليس خفياً على المتلقي الوصول للإشارات الصاعدة فوق الكلمات وملوحاً لضرورة الانتباه والحذر، لأن القتلة وسط المكان.

“كل يوم... وقبيل غروب الشمس / يستفيق الحزن كلّه / يكتظ رأسي بضجيج مخيف / ازيز رصاص في عتمة [ زهرة حمراء ]” النص كاشف عن المصير والرصاصة التي ستعطل الابيض الحالم وهو يدرك بوعي صورة الرصاصة التي ستخترق الفضاء قريباً من مكانه القريب اليه وما كتبه اعتراف ذاتي عن اليد البيضاء التي رسمت أطفالاً وكتبت لهم الأغاني والإناث الطافيات ببللهن وسط الأنهار سباحة وتطهيراً. علي اللامي قديس حلم بالأمل وتأخر عنه كثيراً، لكنه كتب وصيته التي هي استشرافة.

[ - كيف لي / لوم النوارس / على رحيلها / وضفة “كاتم” وأخرى ألم !

- منذ قرون من خسارات / ألوّح لها / ولا تأتي / لا تتبختر كثيراً رصاصة الموت !! ]

عرض مقالات: