كل عام وأنتم بخير..  هذه العبارة أو التهنئة التي تجري على لسان البشر وبكل لغاتهم في المناسبات والأعياد المختلفة فيها من الظلم أو الغبن الشيء الكثير.. لأننا عندما نقول لشخص كل عام وانت بخير فإننا نفترض أو نعلم أنه بخير.. لذلك كما يقول القضاة أو كتبة محاضر البوليس.. (وجب التنويه).. ونحن بالتأكيد نتمنى الخير لجميع البشر ... وفي كل المناسبات، حتى الحزينة منها. كم هو رائع ومحرض للفرح أن نقول كل عام وأنتم بخير.. وان يكون المقصود بالتهنئة.  بخير؟

في يوم المسرح العالمي.. أو عيد المسرح العالمي نملك نفس الأمنيات لجميع من يعمل أو يشاهد.. المسرح.

هذا الكائن العجيب الذي لكيانه اللاموصوف شكل الوهم وسيرة الغائب الحاضر. الحامل لمعنى الخلود؛ المنتشر في كل فضاءات الكون مثل نور الشمس.. هو المكان والزمان وصيغة التفاؤل التي تعزف نشيد الفرح بآلات حزينة.

نريد أن نقول كل عام وأنتم بخير في يوم المسرح العالمي. وهو الفن العابر للقارات والأديان والقلوب. الذي بدونه سيكون العالم أشد وحشة كما قال الراحل سعد ﷲ ونوس.. ولكننا نتوقف عن البوح ويصيبنا الصمت بإحراج لا نطيقه.

لسنا بخير نحن أبناء المسرح المهجور من عشاقه، واليتيم على مائدة السلاطين اللئام. المسرح يريد أن يكون بخير لأنه سجل الحياة المخضرة والمعرشة على جدران الأزمان ناشرة البهجة والنور من أجل حياة أقل وحشة. ..المسرحيون ليسوا بخير. في كل مدن العالم.. ليسوا بخير..

وإن كان المسرح العربي والعاملون فيه أكثر أوراق شجرة المسرح اصفرارا وشحوبا...

مسرحنا العربي مواسم حصاده أكثر مما أنبتت أرضه. وقمحه وسنابله ليست ملأى إلا بالهواء. ...قلبه بارد وعقله دافىء... وآماله تنسحب أمام زحف الجهل والتكفير وطغيان الفساد وغياب الحق والعدالة والمساواة وأبسط حقوق الإنسان إلى مخابىء سرية عفنة، خوفا من شرطي أو دائن أو جاهل أو تكفيري. ..كل عام سنبقى نتمنى أن يكون المسرح بخير.. أن يبعث من جديد ليصبح كما قال عنه شيخنا المسرحي رائد المسرح العربي أبو خليل القباني.. [ضرورة اجتماعية] يدافع عن وجودها المجتمع لأنها صارت جزءا من غذائه الروحي..

المسرح معلمنا.. وأول دروسه.. يحيا الأمل. .. ويحيا المسرح. لن نيأس لا لأننا من طينة مختلفة عن البشر.. بل لأننا عشاق ابي الفنون. متعلقين بأهداب سحره. ولا ينعشنا إلا أوكسجين غبار خشبته.

...سننتظر الخير كل عام.. حتى لو كان وهما.. ولنتوهم اننا بخير.. ونقول لكم: كل عام وأنتم بخير.

ـــــــــــــــ

* مخرج واستاذ جامعي/ سوريا