اخر الاخبار

هذا يومكم أطلّ لتوّه.. أطل يوم 27 من هذا الشهر الربيعي، يوم المسرح العالمي. شهيق وخيبات وقبل وزهور ومقاربات نقدية ودموع وعطور وابتكار وانهماك وتصوف وتماه وفلك أسود فاخرجوا.. اخرجوا يا أخوة المسرح احملوا مشاعلكم واستريحوا قليلا من هذه المهنة الشاقة، مهنة التفكير وشحذ الخيال والتقمص والجنون والوساوس! اشعلوا الفلورنسات المشحونة في هذه العتمة.. اشعلوا الفوانيس بعد ان خذلتنا الكهرباء!! طلوا برؤوسكم على الواقع، ولكن لا تمكثوا طويلا فالواقع “مصخم” و“ملطم”!

من حرب إلى حرب...حرب تلد حصار وهزيمة وحرب تنجب أخرى وحرب تنجب توأمين وحرب تنجب فقراء ومعوزين وشوارع هرمة ولحى بيضاء!

يهرع العراقيون مرة إلى طريبيل ومرة إلى دمشق ومرة إلى سامسون ومنها إلى أراض غريبة وكامبات وجبال وصخور وسفن متهرئة وغرقى و”منصوب” عليهم ومخطوفين وشاربي معسل.. ومرة ينكفئون على ذواتهم في بيوتهم تحاصرهم الكورونا ورفاقها والتفاهة وصناعها، والحياة بتقلباتها الدراماتيكية السريعة والبطيئة كما يهرع الاوكرانيون إلى حدود رومانيا وبولونيا!

يهرع العالم إلى ارض الله التي لم تعد تتسع لأحد! هم وعوائلهم مبتسمين من عبثية ما يجري..

لم يعد للأمان صديق ولا رفيق ولا مأوى ولا ضمان ولا مجلس أمن ولا جامعة!

لا تبقوا طويلا في الضوء فقد تتفحم ارواحكم.. عودوا إلى الضوء الكابي واحرثوا احلامكم من صخور إلى زهور وورود وكاردينيا.. هذا يومكم.. لا يزاحمكم عليه أحد، انه يوم منسي من تاريخ تشكل العالم لا قيمة له عند المقاولين ومهربي الأموال والاسلحة وحليب الأطفال والادوية! اضبطوا ايقاع عروضكم.. واضبطوا المنظومة البصرية في الكتلة والخط واللون والمسافة والفراغ والهارموني، واضبطوا نسقكم الأدائي.. لم يعد ما يكفي من الوقت لنبقى بلا تدرب وبلا ضبط وبلا معنى وبلا مخيلة مدهشة.

لا يجب أن نبقى هواة نترنح وننتظر.. اغلق المنجم عليك وتدرب. اضبط لغتك وصوتك ورؤياك، واحاسيسك الفائضة.. لا تهتم للتحية وحركاتها “الهتلرية” ولا تهتم كيف “تتجقلب”! اضبطوا المنظومة السمعية من الصرخة حتى الهلهولة ومن الترنم حتى الشهيق.. الناس ينتظرون خروجكم من مناجم المسرح لتلامسوا جراحهم ورعبهم وفقدانهم للأمن!! فكروا في الطفل الذي يجر ثوب أمه ويبكي وهم يسيرون في الطرق الوعرة بيد مهربين بلا ضمير، اخرجوا يا إخوة الإيمان ودينوا الحرب...دينوا الترهل والعجرفة والاستبداد والعنف والإرهاب والاقصاء.. رمموا جروح الناس بالكلم الطيب بالرقة والجمال والشغف والعذوبة، هذا كوكب بشري أم ترسانة نووية؟!! العالم يقف على ساق واحدة فاخرجوا وكونوا ساقه الأخرى.

في هذا اليوم كونوا أنتم بخير... يا عمال مناجم المسرح.. وافرحوا وامسحوا “السخام” الذي يظلل جبهاتكم وضعوا الماكياج وارتدوا أزياء ملونة واصعدوا العربات وكونوا أنتم الحوذي وقودوا هذا العالم الأعمى إلى النور وإلى الشعر والمشهد المدهش وفخامته وعذوبته وجماله واتركوا السخام، وراح اشگ اهدومي وعمي اندهرنا وعمي انفلكنا واتركوا مسرح الغرفة ومسرح الطاولة ومسرح الكرسي ومسرح جيب ليل وخذ عتابة! وابدأوا العرض ففتح نوافذ التفكير والتغيير عند الجمهور ذمة في رقابكم!

عرض مقالات: