اخر الاخبار

نعم موافق.. وتلت موافقتي الزغاريد..

بعض الموافقات وان كان فيها رضا العقل، لكن ألم القلب يبقى مرحا فيها..

 لم أحسب ان الخطوات التي تلي هذه الموافقة ستكون بسرعة.. أو  بالأصح لم أكن أفكر بمجريات الاحداث ومتواليات الضيق التي تعقب تلك الموافقة.. والفقد الذي سيحل عليّ كقضاء لا هوادة فيه..

يحب الناس الأعراس، وانا مثلهم، حفلات الزفاف ترسم بهجة مقدسة لاقتران شخصين يبدآن حياتهما معا.. وطالما حلمتُ لكِ بارتداء هذا الفستان الملائكي لتكوني على ناصية بدء حياة جديدة.. لكني لم أتخيل أن يأتي هذا اليوم مبكرا...وبلحظة صدق لم يكن مبكرا جدا، ف ٢٤ ربيعا ليس مبكرا تماما.. انما أنا اراه مبكرا لأنك تلك الطفلة ذات الضفائر البنية مهما تعاقبت سنوات الحلم.. وضعت شرطا لتكون فترة الخطبة أطول، لكن الخطيب اجتاز الغربال بتميز.. فما الحيلة !! لا شيء سوى الرضوخ!!

اليوم وانت تغتربين أتذكر..

أتذكر ابتسامتكِ التي كانت تزيد سعة عالمي.. صوتكِ الذي فرّ من موسيقى وأنغام الجنائن.. إذ كانت وداعتكِ ربيبة الفراشات، ورقتكِ روح القصائد..

أتذكر مشوار عمرك.. حكاياتك.. غيرتك الشقية من زوجتي.. ضحكاتك.. دراستك وتخرجك.. ضجركِ لدى كل سفر يتطلبه عملي كتاجر.. انكفاءك وحزنك لدى اي وعكة تصيبني..

أتذكر تلك القطعة التي خصصتها إليك وسجلتها قلبيا وروحيا ورسميا باسمك..

((سأزرعها من ورد)).. هكذا قلتُ لك.. بكل بساطة سأزرعها من ورد.. بدون أوصاف فصيحة فاخرة لأنك تعشقين البساطة.. أختي الصغيرة التي طاب لي تربيتك لفارق العمر بيننا.. فعشتِ في البيت بعد وفاة والدنا، كأني أبيك ولست أخيك الأكبر..

قطعتكِ ستكون فسيفساء من قوس قزح الفرح والزهر على اختلاف تويجاته وتنوع عبقه.. ففي محطات العمر المعبأة بالأحمال، والممهورة بالمتاعب والمرقشة بالألم والملغومة بالشكوك كانت قطعتك مختلفة.. كل القطع التي حولك كانت معتمة وحدها قطعتك كانت تنير سُدفي وتتنفس نقاءً.. فقد ألقمتيها من المعاني ما يصعب وصفه من تعلق بي وشوق لعودتي واحترامٍ خيالي لي..

عجيب جدا أمر القلب.. يفترض أنه لنا.. لكنه ينبض بحب من يسكنوه ويدق مسايرة لمن يبنون عرشهم فيه..

وحين يبتعد شخص واحد متربع فيه، يتحول لعضلة موجعة لاذعة، ترسم لك عالما فارغا من الألفة.. فنحن نحب الاشخاص ونضع لكل منهم منزلة بمقدار الأمان والدفء الذي بنوه فينا..

وكان قلبي بالذات، مقسما لقطع وولايات كثيرة تنطفئ وتحترق وتذوي وتعود.. باستثناء قطعتك التي تكبر من لا شعور.. أي قدر هذا الذي جعلني أوافق على زواجك من شخص بعيد لولا هيامك به.. ماكنت لأسمح لكنك تعلمين ضعفي أمام دمعك.. خطف مني زهرتنا العامرة في البيت.. ويوم توديعك بالمطار كان صعب عليّ جدا إخفاء دمعي، والاصعب ما أصاب عضلات وجهي من التعب بسبب الابتسامة المزيفة التي قمت بتمثيلها أمام سارقك مني..

سنادين الزهور التي تسقينها غدت ذابلة.. فان كان هذا حال الجماد فكيف حال القلب..

قطعتك ستظل بأمان.. ولن يعتدي على حدودها كائن ولا خيال بشر.. قطعة قلب من مروج عامرة بالمحبة مهما ابتعدتِ.. وتحول رحيق القطعة إلى الحريق فيها لما نشب فيها من الحنين إليك..

عرض مقالات: