اخر الاخبار

عندما يكون الانتماء للوطن، شجرة وارفة الظلال، لن تزحزحها العواصف والرياح العاتية. وعندما تكون ضريبة الانتماء للوطن ـ التهجير، فان تراب الوطن هو  طريق الهجرة والكفن.

(حاولوا تهجيره، استحال ترابا.

و“مكابدات عاشق” لراسم الخطاط يضيف صورة جديدة للومضة القصصية في مرحلة باتت تخلو من هذا النوع من القصصي. الكتاب صادر عن دار السرد/بغداد.   

ان الومضة القصصية-كما سماها الكاتب-وجدناها تمتلك القدرة على الحبك الشديد والإيجاز اللافت، والتعبير الوافي، لذلك فان الومضة تتميز عن الأقصوصة، كونها تنحو منحى شعريا فهي لا تزيد عن سطر واحد ، ومسبوكة بشكل دقيق ومحكم، لكنها تحمل دلالات رمزية موشومة بايحاءات بلاغية عميقة الرمزية

في الومضات ما يوحي، أن كل ومضة تشكل حدثا بعينه، مثلا :

1 – حرموهم السكن ـ  سكن الوطن قلوبهم.

2 - زفوه للحرب ـ رقصت الشهادة

3 - تفاءلت الخطب ـ اشتدت الخطوب

4 - عرفوا المجرم ـ اغلق المحضر

5 - دعاهم للتحرر ـ ألزمهم أفكاره

مثل هذه الومضات تعبير دقيق عن عمق الفكرة وصيرورة الومضة قصة وحكاية وأسطورة. هناك مضامين إنسانية واجتماعية ووطنية، في تلك الومضات، حيث أنها معبئة بالهم الإنساني والاجتماعي والوطني ،وهي مؤطرة بالقيم الفنية والجمالية والبلاغية. عالجت تلك الومضات الكثير من العلل والمظاهر الاجتماعية والسياسية السلبية:

1 - اعترف بجريمته ـ طالبوه بالشهود

2 - أمسكوا المجرم ـ اختفى القاضي

3 - عسعس الجهل ـ بزغت شمسه

4 - أشاد بسيرتهم ـ بحثوا عن عيوبه

5 - أهداها قلبه ـ  شحذت سكينتها   

نعتقد أن هذا اللون الذي يستوعب هموم المواطن، ويعري الفاسدين، ويشيع لغة الإبداع  والتألق، وينحو منحى الرمزية واللمحة البلاغية، هو ما جعل تلك الومضات تستحوذ على ذهن القارئ وتفكيره وتشده لمعانيها ومراياها اللامعة.

ان كتابة الومضة تحتاج الى مهارة عالية وبراعة فائقة في الثقافة والادب، والى تكثيف وتركيز شديدين، لإبراز الفكرة، وايضاح المغزى.

وهذا اللون من الادب القصصي المركز، يعتبر فنا حديثا، فلابد ان يواجه الكثير من التحديات، والكثير من الصعوبات ويواجه الكثير من العقبات، لأنه أسلوب جديد ومتفرد في لونه وخصوصيته ومفرداته وآليات كتابته وسرده. الكاتب كان ماهرا ومسيطرا على ادواته وكانت ومضاته فنا أدبيا وقصصيا بثوب جديد ومتميز

والميزة الفريدة هنا.. التكثيف الشديد والإيجاز الفريد والمعنى المفيد والبديهة واللمعان في اللمحة السريعة الخاطفة.

ان الومضة عند رسام الخطاط لها نبرات تفردت بها من خلال الحس الإنساني والاجتماعي والوطني،  وهذا ما جعل الومضة تأخذ بعدا اجتماعيا ووطنيا عميقا، ودلالا ت رمزية تثير لواعج القارئ وتشده لمضامينها الاجتماعية.

الومضة هنا شديدة الحبك، مسبوكة المعنى، دقيقة الوصف، قوية التأثير.