اخر الاخبار

بعد ان يعود الجميع الى الفراش تمكث الجدة الكبرى مستيقظة لفترة طويلة  في الصالة المظلمة، تعقد يديها في حضنها بكل هدوء.

في احدى الليالي تراها الأم – حفيدتها – هناك وهي في طريقها الى الحمام.

تخاطبها: أماه، ماذا تفعلين؟

تخرج الجدة وتفتح الضوء، ترفع يدها: لا تتكلمي.

تقول الأم مرة أخرى: لكن، ماذا تفعلين؟

تنتظر جواباً بدون جدوى.

فتقول: لا يمكنك الجلوس هنا وسط الظلام.     

في الصباح الباكر من اليوم التالي تنهض الجدة،تخرج في نزهة سيراً على الأقدام. تتطلع نحو الحوانيت على امتداد الشارع.

وفي احد الحوانيت تجد (شمعدانا).

تسأل صاحب الحانوت: كم سعر هذا؟

يقول: ذلك الشيء القديم؟

يذكر سعره.

تقول: سآخذه.

يطويه في حقيبة

- خذيه.

تعود الى المنزل، تضعه في الخزانة.

في وقت متأخر من تلك الليلة،حين يروح الجميع في نوم عميق،تخرجه،تهيؤه، تضع فيه الشموع واحدة بعد اخرى.

تحاول أن تشعل عود ثقاب،لكن تظهر الأم في تلك اللحظة.

تقول: أوه !

تندفع الى الأمام.

تقول: ستحرقين الدار.

تتنهد الجدة، ترمي علبة الثقاب، تضع الشمعدان على الصينية.

تعتذر قائلة: أنا آسفة.

تشرع في نزع الشموع من الشمعدان.

تقول الأم: ما بك؟

والجدة توميء برأسها من دون ان تنطق حتى بكلمة واحدة.               

في صباح اليوم التالي لا تغادر الجدة فراشها، إنما،بدلا من ذلك، تمكث مستلقية تحدق في الجدار.

في الظهيرة تدخل الأم،تسألها: هل أنت بخير؟

تقف الأم هناك لفترة وجيزة: بعدئذ تستدير وتمشي نحو الصالة.

في ذلك اليوم تموت  الجدة.

يعتري العائلة الأسى، يهيئون مراسيم الجنازة ، يرتدون ملابس الحزن، يذهبون، يقفون لمشاهدة الجثمان يُهبَطُ به نحو الأسفل.

طوال أسابيع عدة  لا يعرفون ما العمل. يلبسون لباسهم، يواصلون أعمالهم، ثم يعودون أدراجهم.

في ليلةٍ ما تقرر الأم ان تعيد ترتيب الأشياء. يشرعون بتنظيف غرفة الجدة، يفتحون كتب الصور، يخرجون الملابس القديمة، يتناولون الحلي،يتصفحون الرسائل القديمة.

يجدون الشمعدان داخل الخزانة.

يأخذونه  الى غرفة الجلوس، يضعونه هناك مع كل الشموع، بعدئذ يجلبون علبة الكبريت، ويشعلون الشموع واحدة بعد اخرى ببطء.

يجلسون معاً والضوء خافت،

يلتزمون الصمت،

يشاهدون الظلال تتراقص على الجدران،

بعد فترة وجيزة، يعود شبح الجدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

*كاتب أمريكي