اخر الاخبار

اعتمد الشاعر كاظم اللايذ في بناء قصيدته على الطرح المغاير، والتي تقوم على اساس الايقاع الموسيقي وليس على اساس التقليدي العروض،  وفي لغة شعرية  تهتم بالسرد والصورة بوصف التفاصيل الدقيقة، لنجد انفسنا امام لوحة تشكيلية يمكن تخيلها بجميع عناصرها التي استخدم فيها الصورة الشعرية والتي عمق تأثيرها، يستخدم اللايذ لغة المباشرة  ويبتعد قليلا عن الرمزية وتقترب قصيدته من القصيدة السبعينية. في هذا المقطع نجد الصورة والايقاع الموسيقي.

اين صاحبي؟...

دهريين بلاشفة كانوا

او كانوا ربانيين.

كيف انفرطوا من مسبحة العمر

صاروا رقماً محفوظاتٍ  في لائحة الاقدار؟

مشنقة صاروا

او مقبرة

او منفى...

ما اوحشني!

اجلس منفرداً في زاوية المقهى

لا اسمع الا خفقة ملعقة الشاي. 

في تساؤل مثير للجدل عن المدينة: مسحت من مكانها، هل مسحتها الة الحرب؟ او عبث او طواغيت الحكومات؟ ماذا عن الاهل والاصدقاء؟ عندما حلت الكارثة في المدينة، لم يبق في المدينة سوى طيور النورس، تصرخ وتئن، والكلاب والقطط السائبة بين انقاضها  واشباحها  مخيفة. وماذا عن الاهل والاصدقاء، من كانت لديه حيلة فليغادرها، ومن يستطيع ذلك سبيلا. لم يبق في المدينة الا نفر جائع ، ينادي اين هي المدينة، بعدما يأتي اليها طوفان من البشر يحلون بها، بدلاً من الاهل والاصدقاء، اين هي البصرة؟

اسأل ان كان

النخل هنا هو ذات النخل!

وهذي الاسواق هي الاسواق!

وهذا الانسان هو الانسان !

أم اني ابحث عن اٍم قد رحلتْ

لم تترك غير الأحلامِ

وغير الاوهام

غير الذكرى...

أسألٌ

اين هي البصرة؟

فيها الالم والجرح الكبيرين حينما تبصر العينان

 في هذه المجموعة الشعرية ايضاً عتب كبير على الموت عندما غيب الاصدقاء نبلاء النفس والانسانية، كان رحيلهم سريعاً، يجف الدمع عندما تسمع اسماءهم وعندما تعيد الذاكرة صورهم وحينها تتسع دائرة الحزن، انهم اصدقاء الجميع ليس لكاظم  وحده كقوله:

بعد سنة على احمد جاسم

كل يوم...

انتظرك هنا

في هذا المكان...

لنذهب معاً الى المقهى...

عموماً الانتظار صعب ولو لساعات قصيرة لكن عندما ينتظر احمد ليذهبا الى المقهى ويدرك ان احمد لن يأتي انه اشد عذاباً.

اعلم الان

انك مقذوف خارج جدران الزمن:

فقد كنت حاضراً

ساعة عروجك الى سدرة المنتهى

وكانت يدي

تحت جنازتك

ونحن نرفعها الى الاعلى

لتتلقفها اجنحة الملائكة.

اللايذ يتفقد الاصدقاء الذين كان لهم قصائد عن سيرتهم  الذاتية،  لهم قدسية ومنزلة تبدو كبيرة وباستحقاق ، محمود عبد الوهاب، مجيد جاسم العلي، حسين عبد اللطيف، واخرين امضت حياتهم العذاب  والسجون، 

من هي برحيات على الشط الكبير عند اللايذ انها مجموعة من الفرسان الكبار يطرزون سماء البصرة الفيحاء، محمد خضير، كاظم الحجاج، كثيرون هم فرسان البصرة ام العراق.

 كقوله في محمد خضير :                           

  عشر فراشات، تطير على راسه

كلما فتح باب بيته

قاصدا ضاحية العشار...

عشر فراشات

تطير على راسه

كلما قفل عائدا الى بيته

من ضاحية العشار...             

هكذا يمضي شاعرنا الجميل معبراً عن اسماء كبيرة  في البصرة، يعدون ذاكرة وطن اسمه (العراق)،لا تموت اسماؤهم ابدا ما دمنا احياء، لكن عندما يموت النخيل، والحناء والشجر، ويجف النهر ويغادر ماءه، ويموت ما هو حي، حينها تنثقب الذاكرة ويموت الوطن، على يد العبث والفوضى.

عرض مقالات: