اخر الاخبار

إحتفى المقهى في لندن بصدور المجموعة الشعرية “ الضيف القديم “ للشاعر فلاح هاشم. حيث ضيفه المقهى.

يقول: لم يكن والدي شاعرا لكنه كان يعشق الشعر ويحفظ قصائد شعبية يرددها وأنا أحفظها دون سن المدرسة. لشعراء لا أتذكر أسماءهم لكنه يعرفهم. وفي البصرة نهر العشار و – للأسف حالته الآن مزرية – كان نهرا زاهيا نمشي على ضفافه. في طفولتي كنت اردد هناك هذه القصائد التي حفظتها عن والدي.

ويستذكر فلاح نصا كتبه عام 2015 يصور ذلك المشهد:

نغمة

بين العشار والبصرة القديمة

نهر يطرح ذراعيه على جانبيه شارعين

هما خميلتا ذهابنا والآياب

سمر العوائل

ونزهة الوجوه الأليفة

بين دفلى وردية أو بيضاء

                              حذره أبوه أن تفتنه فيذوقها

ونخل يفرد أثداءه للريح تمرا

لم يزل يحفظ من أسمائه الكثير

بين موال يسري من البستان

ورائحة الشط

يمر طفل من دون سن المدرسة

مغرما بقصائد شعبية يرددها

فيجذب الآذان

من العشار الى جسر المحكمة

قصائد لا تنتهي

- “ياجليلة شفت بالدرب

ديزي تحجي انكريزي”

وتلك البيئة جعلت فلاح يتجه الى مزاج الشعر، وبواطن التعبير، وما تكتنزه الكلمات من نوافذ مشرعة تأخذ روحه الى جمال الكون والحياة حيث الشعر هو:

ممره السري للبواطن

بقاء قلبه على قيد النبض

شباك روحه على جمال الكون

بعد عقدين.. رأى ديزي

تمشي على مجزوء الرمل

-”لو مشت مثل الكطاية “

فاعلاتن.. فاعلاتن..

يالتلك النغمة

النغمة – النعمة.

يضيف:”يبدو ان هذا كله يرسب بعض الإيقاعات في داخل الإنسان، حتى وإن لم يفقه ما يقال”. كان أساتذة اللغة العربية فيها جلهم من الشعراء والأدباء وكانوا يشجعون تلامذتهم على عشق الأدب ويحثونهم على القاء القصائد والمساهمة في الإذاعة المدرسية وتمثيل المسرحيات وتحرير النشرات الجدارية وارتياد المكتبات وإستعارة الكتب وإلتهام أفكارها والكشف ما بين سطورها.

وبعد انقلاب 1963 وما تبعه من ممارسات فاشية، وعلى الرغم من صغر سنه، أصابه حزن عارم دفعه للكتابة، وإعتبر تجاربه تلك هي بداياته التي كان يعتبرها تنفيسا عما يعتمل في أعماقه وأحاسيسه ومشاعره الداخلية.

ولم يسع لنشرها ولم يقرأها لأي كان، ومنذ ذلك تبلورت لديه قناعة بأن الشعر مسألة شخصية بحتة.. وهذا يفسر تأخر ظهور قصائده.

هذ الديوان الذي ضم من بين قصائده، القصيدة الطويلة، التي صارت عنوانا للديوان (الضيف القديم) نقتطف منها:

هو ذا بين الجميع

إنه الضيف القديم

إنه الضيف المقيم

حيثما شئتم

وفي أي مكان أو لسان فإسألوه

ليس في إضبارة المخفر ترتاح الوجوه

وجهه الآن لديكم فإسألوه

عن أرق الكلمات

عن حقول شاسعة

وسماء واسعة

وبلاد عذبة الماء

وعن عماتنا النخلات...

عن أول تشريع على الأرض ينادي

- كل من يزرع نخلة..

كل من يقطع نخلة..

فلاح متعدد المواهب.. فهو مسرحي، تخرج في معهد الفنون الجميلة عام 1970 ومثل وأخرج العديد من المسرحيات.. وهو إذاعي وتلفزيوني، عمل في هذين المجالين: كاتبا ومخرجا وممثلا.. وهو إعلامي أدار وقدم وأعد برامج اذاعة عربية، اسسها شخصيا في لندن، بثت لسنوات، وكتب العديد من اشعار الاغنيات وهو يعزف على العود.. وأدار الكثير من الندوات والآماسي في لندن، وعمل في الكويت على دبلجة افلام الرسوم المتحركة، تتذكر أجيال من الشبيبة على امتداد الوطن العربي الشخصيات التي صوتّها، فلاح.

وفي هذه الأمسية قرأ العديد من قصائد منجزه الشعري.. وطرح آراء خارج المألوف منها:

* “أريد أن أحدثكم، عن معنى الشعر، بالنسبة لي..

 الشعر هو علاقة الإنسان الداخلية مع الوجود..المادي والمعنوي. من هذه العلاقة

 والإحتكاك بمفردات الحياة وتجاربها تتولد مشاعر ولواعج وأفكار وأخيلة وأسئلة وكل مايمت بصلة لشجرة الشعر. تأتي كلها في حزمة مضغوطة و تلف في أعماق الشاعر كما عاصفة لولبية ( تورنيدو) و تختلف حدتها حسب التماس و التجربة و اثناء هذا الدوران تلامس كل مكنونات العقل الباطن من تجارب روحية و جسدية و كل المخزونات من صور بصرية و سمعية و كل ما أحس به الأنسان من عبر حواسه الظاهرة و غير الظاهرة و كل

ذك يولد ضغطا لا بد له من أن يتجلى بشكل ما فأذا تجلت تلك العاصفة الداخلية – التي هي الشعر – على شكل نغمات وايقاعات تصبح مقطوعة موسيقية. و اذا تجلت عن خطوط و ألوان و حركة فرشاة فأنها تكون لوحة. اما اذا حضرت على شكل كلمات فأنها تصبح قصيدة. لذا من العسف أن نختزل الشعر بالقصيدة فقط .. فالقصيدة هي واحد من تجليات الشعر الذي هو نسغ كل ابداع “.

أضاف: ان تسمية (قصيدة نثر) فيها خطأ معرفي. قلنا ان القصيدة شعر. بينما النثر هو لغة

 السرد في الرواية الصحافة والبحث والحديث اليومي الخ. ولا يمكن ان يكون النص شعرا نثرا في آن واحد. فهو اما شعر واما نثر. فالوزن وحده لا يحدد هوية النص. لأن كثيرا من المنظوم فيه كل شيء الا الشعر. فالنثر لغة السرد

الى دكتاتور

أنت الذي فتحت باب المهلكة

تركتها مفتوحة..

جرحا بلا ضمادة..

لم تدخر كارثة

حتى ابتكرت حتفنا

كما ارتأيت

أورثتنا جيشا من الأهوال والأنذال

واختفيت

نم ملء أجفان الردى منعما

أنجز ما اشتهيت

لم يهدأ اللهيب في ثيابنا

و لم نعد للبيت

برقية المنفى الى الحاكم

عِش كما شئت بدوني

وانتبذ ركنا قصيا في متاهات الزبد

كل شيء عندي الليلة أبهى

أمني الشخصي..والليل..وموسيقى الأحد

لست محتاجا لكبش يمضغ اللقمة قبلي

لست مطلوبا لثارات أحد

 بلدي حب صحابي

بينما تمضغ أيامك أحقاد البلد

ذق عذابا من جنايات يديك

كل نخل الأرض يأتي

هاتفا:

تفٌ عليك

دولاب

دمع العراق طلسمُ

دمعٌ دمُ

لم يفهم التاريخ ُ سرّ رخصهِ

و لا مواسم الحصاد ترحم

فموسم يرمي بذور نسله لموسم

ولا يبور موسمُ

(أصنامنا) لم يكتمل نصابها

ولا الذين خلفها تكلموا:

أيُ القيامات إنتهت

وأيُ حشرٍ قادمُ

يلزمنا لغمٌ بحجم جهلنا

علّ الفراغ يفهمُ

محاولات

حاولت أن ألامس السماء ذات مرةٍ

حاولت مرتين

وحالما فشلت عند الثالثة

تمردت كرامتي

وقررت

أن لا تكون الرابعة

خاتمة المرات

عرض مقالات: