اخر الاخبار

آخر نص للشاعر: زهير بهنام بردى قبيل رحيله في مثل هذا اليوم من العام الماضي وينشر لأول مرة.

سأرسمُ شامةً

لك

لا تشبه شامات النساء

أنا نوحك

وأحبّك أكثر

انتظرُ بفارغ طولك طوفانك

فتعالي

اصعدي

إلى صلصالٍ مقدّس

بين أصابعي

أبسو ما زال نائماً

وعشتار لم تنزل إلى عالمٍ سفلي

دمّوزي يتسلّى بالضوء

سأختارُك أنت فقط

أنا نوحك

اختار لك من السماء

دربَ التبانة

ومن الهواء

ما يشبه رائحة إبطك

ومن عينيك

أخرجُ اليَّ

فتعالي

سنبقى لوحدنا

نمخرُ ماءَ نبض يلقي القبض على صلصال الحبّ البدء

تعالي نحلّق

عشتار تعبتْ

ونحنُ نرغبُ أن نصلَ

إلى ساحةِ الأرض

وقتٌ مضى

ترقدُ كاهنةُ المعبد

في عجين خبز قربان

تخرجُ بملابس عاشقات

إلى كرنفالِ ساحة السرير

العالمُ بالمقلوب

يحضرُ حفلَ مسلّة

يخرجُ من نحاسها

حارسُ الضوء

عقرب الساعة قلقاً

يدورُ حولنا

ونحن نرقصُ على أقلّ من ضوء

عقرب الساعة

ما زال ينزلُ في نزهة

إلى حانة الثلج في عينينا

في يديه

طينٌ أخضر

وتجاعيد زرقاء

وأتدحرجُ بكلّ تهذيب، معي ملائكة لا يحسنون إغلاق نافذة رقيقة الطبع مع فراشات تتسلّق أصابع النهار في انزلاق مطر صيفي

سأقيمُ فيك

لأنجو من الحياة

في فمك

أنسى ما مضى

وأحلّق في رغوته البيضاء

ولدّتُ

وأتذكّر أوّل صوت سمعته

كانَ صوت أصابعك.

ــــــــــــــــــــــ

(*): في يوم ما قبل انتقاله إلى فراديس الرب، هاتفني مثلما يفعل دوماً، ومن (ألو... هيثم) التي كان ينطقها كنت أستشف حالته، فللفرح رنته في النبرة، وللتساؤل نبرة ثانية، وللاستئناس نبرة ثالثة، وللترقب نبرة رابعة..... وهكذا دواليك، ولا أخفي أنني كنت حين نتكلم معاً، عن بعد مئات الآلاف من الأميال، هو في العراق وأنا في استراليا، كانت محادثتنا تغسل في دواخلي كل حسك الحنين والغربة، فكنت أبحر مع صوته في أوقيانوس الهدوء وراحة البال والسرور الذي لا حد له، وفي تلك المكالمة أخبرني بأنه كدأبه يكتب قصائده على الموبايل أنى ما أتته الفكرة، ولعدم إلمامه تماماً بتقنيات الهواتف المحمولة كان يرسلها إلى الأصدقاء والمعارف ومن ثم تغرب عن باله، فأجبته ضاحكاً.- اجعل الماسنجر الخاص بي سبورتك... أرسل ما تكتبه على صفحتي الخاصة..

ومذ ذلك الحين وحتى رحيله، كانت قصائده تلوّن صفحة ماسنجري مثل فقاعات ملونة غاية في الجمال، واستمر يزينني بقصائده، وأحياناً مفتتحات ومسودات لقصائد يتممها وينقحها فيما بعد، والنص أعلاه هو الأخير له، اذ كتبه في 16/ نيسان/ 2022 بعد الظهر، قبل رحيله المفاجئ بعشرة أيام...

رحمك الله يا زهير، يا اسماً فرض وجوده وبإصرار منقطع النظير في فضاء الشعر العراقي المعاصر.

شقيقك الذي يتنفس شهيقك وتتصادى في فؤاده نبضات قلبك.... هيثم بهنام بردى.

عرض مقالات: