اخر الاخبار

في كلّ مكانٍ تتواجد فيه، تسمع حكايات عن الماضي وبهائه والاشتياق لأيام الخمسينات والستينات والسبعينات، فالصور وبطاقات البريد واستذكارات الكبار تشعرك بأن تلك الأيام كانت أجمل وأكثر أماناً وسعادة. نشاطٌ في الزراعة والإنتاج، وبساطة في العيش، واحترام للفن وتشجيع للمواهب المبدعة والتفات الى النشء لتعليمه أفضل تعليم!

حينما نتحدّث عن البصرة وأنهارها بما سمعناه وقرأناه ورأيناه، وكيف كانت مياهها صافية عذبة والسمك يسبح فيها، وكيف كان الناس يشربون منها ويغتسلون بها، وما آلت اليه أمورها فتصبح مكبّا للمياه الثقيلة ؟!

ونسمع عن سرقات وجرائم قتل، وازمات متلاحقة تعصف بالمجتمع، يصاحبها ارتفاع في الاسعار ونحن مقبلون على شهر رمضان، هذه الأمور وغيرها تؤكد احتياجنا إلى الأمن والاستقرار النفسي قبل كل شيء، وذلك ما يؤكده ايضا تذمّر الناس عند مراجعة الدوائر وسوء التعامل مع المراجعين، وحالة المتقاعدين وهم يقتعدون الأرصفة وممرات دوائر التقاعد، ووضعهم المزري وهم يراجعون يوميا دون إكمال معاملاتهم رغم كبر سنهم والأمراض التي أنهكتهم وغيرها.

وأحاديث كثيرة تسمعها عن العاطلين وأصحاب الشهادات المركونة جانبا والمتسكعين في المقاهي بلا عمل، ينفثون حسراتهم وآهاتهم مع دخان الأراكيل. وعن توقف المصانع والإنتاج الصناعي رغم ما نسمعه اعلامياً، حيث بتنا نستورد حتى قناني الماء والخضروات!

الصناعة متلكئة وتسير ببطء شديد، والزراعة انحسرت بشكل كبير نتيجة انخفاض مناسيب المياه وغياب الدعم الحكومي، فصرنا مستوردين من الدرجة الممتازة لكل شيء. والشوارع على حالها تسوء يوما تلو آخر، والخدمات الصحية والعلاجية شبه سيئة وما يحدث للأطباء ومعهم من امور قد تؤدي الى هجرة بعضهم ، فضلا عن انقطاعات الكهرباء، ورداءة التعليم وانهياره شيئا فشيئا ، والمجاري التي تصب مياهها الثقيلة في أنهارنا وفي شط العرب حاملة الجراثيم والفيروسات. كذلك الثقافة التي تحتاج التي لا تجد الدعم والتشجيع والاهتمام والبنى التحتية.

ووراء هذا كله ومعه هناك الفساد المستشري في كل مكان ، والخراب ، والموت المجاني ، وقلق الأب على بناته وأولاده، والراتب الذي يستقطعون منه في كل مناقشةٍ لموازنة، وتأخر الموازنة !

كل هذا الألم والخوف والتدهور والقلق من المجهول يعطيك تبريرا لتقول: لا مستقبل لنا، فنحن نسير في نفقٍ لا نعرف نهايته وماذا يخبئ لنا ظلامه ؟!

كي نعيد الثقة للناس بالمستقبل الذي يتمنونه علينا أن نعيد الأمن بشكل حقيقي، ونكبح الفاسدين ونحاسبهم اشد حساب، وان نسعى بشكل جاد إلى الارتقاء بالصناعة والزراعة وقبل كل شيء التعليم والخدمات الصحية والعلاجية ونظافة القلوب والضمائر من الضغينة والجشع وحب الذات، وان نجعل الوطن والناس فوق كل شيء لأنهم هم الحياة !

ان حرية المواطن وسعادته وازدهار الوطن وتقدمه هي الطريق الصحيح نحو المستقبل المشرق والسعيد الذي نحلم به ونتمناه!

عرض مقالات: