اخر الاخبار

جاء في “ثامنا” من المنهاج الوزاري لحكومة السيد محمد شياع السوداني ان “الحكومة في هذا البلد تهدف الى تحسين وزيادة الإنتاج الزراعي وحمايته طبقا للخطط الزراعية والعمل على ضمان الحصة المائية للعراق، وفقا للمعايير الدولية والمصالح المشتركة، وتوزيع المياه داخليا بشكل عادل وتبني خطط ترشيد الاستهلاك المائي”.

واستعرض المنهاج في هذا الجانب عددا من الفقرات، وباستثناء الأولى منها التي شددت على وضع خطة مستعجلة لدعم المزارعين بهدف إنجاح الخطة الزراعية للموسم الشتوي الحالي (٢٠٢٢- ٢٠٢٣)، جاءت الفقرات الأخرى، كغيرها مما في البرامج الحكومية السابقة، من دون تحديدات ملموسة وخطوات عاجلة، خاصة في موضوع الجفاف وشح المياه الذي بسببه قلصت كثيراً الأراضي المزروعة هذا الموسم.

وقاد شح المياه أيضا الى جفاف مناطق واسعة بما فيها الاهوار، وأدى الى نفوق آلاف الحيوانات وهجرة السكان، الأمر الذي يتطلب علاجات آنية سريعة.

ويجري في المنهاج الحديث عن خطط طويلة الأمد لدعم الزراعة، ولتنظيم الموارد المائية وإدخال التكنولوجيا وحماية المنتوج المحلي وتأهيل المشاريع الزراعية المروية في وسط وجنوب العراق، لكن ذلك كله وغيره يتطلب سقوفا زمنية للتنفيذ، ويستلزم ادراجه في الموازنات الاتحادية، مع زيادة التخصيصات للقطاع الزراعي لتقترب نسبتها من عشرة في المائة، التي طالبت بها منظمات عالمية بضمنها منظمة الغذاء والزراعة الدولية (فاو).

وفيما تتفاقم مشكلة المياه يوما بعد آخر، جاء المنهاج مفتوحاً ويتضمن عموميات بشأن هذا الموضوع، وهو التحدي الكبير الذي يواجه العراق وينطوي على انعكاسات سلبية كبيرة على الامن الغذائي للبلد، فماذا سنفعل مع تركيا وايران؟ وهما الدولتان اللتان لم تستجيبا حتى الان لطلبات العراق جميعا.

ومعلوم ان التصحر والتملح يتوسعان، وان عمليات استصلاح الأراضي وصيانة الموجود منها لا يرتقي الى حجم المشكلة، وهو احد أسباب تدني إنتاجية الأرض.

وقد اثبت الواقع الراهن ان الآلية المستخدمة الحالية في وزارة الموارد المائية غير مجدية، وان التخصيصات المالية لا تفي بالغرض. ويتطلب الامر ايضا تدخل الدولة في عملية البزل، بما فيها المرتبطة بالمبازل الحقلية.

ومن المهم والضروري في الوقت ذاته التوسع في زراعة الصحراء، وتنظيم وتخليص الاستثمار من الفساد ومن تخصيص الأراضي للمتنفذين، وليس للمزارعين والفلاحين والمنتجين الفعليين.

وتحتاج الثروة الحيوانية الى خطوات سريعة لانقاذها، عبر توفير الاعلاف المدعومة والأدوية البيطرية وقبل هذه وتلك المياه، خاصة في الاهوار ومناطق جنوب البلاد الاخرى.

ثم ان تنفيذ اية خطط زراعية بنجاح يحتاج الى اشراك الفلاحين والمزارعين واتحاد الجمعيات الفلاحية، وتنمية وتحسين عملية الارشاد الزراعي وتوسيع نطاق العمل التعاوني، وهو ما لم يتضمنه المنهاج وحتى لم يُشر اليه.

ويظل مهما على جدول العمل وقف تجريف البساتين، ووضع حد للتمدد غير المخطط والمدروس للسكن على حساب الأراضي الزراعية والمساحات الخضراء.

وتتضمن حاجة القطاع الزراعي والمائي والفلاحون والمزارعون على نحو عاجل خطوات نذكر منها:

- اضطلاع الدولة بكامل مسؤوليتها في توفير الحصص المائية العادلة للعراق، والضغط بالوسائل السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والتجارية لتأمين ذلك.

- وقف التمدد غير المدروس على حساب الأراضي الزراعية خاصة الأراضي الخصبة للزراعة.

- الشروع الفعلي بحملة وطنية لاستصلاح الأراضي ووقف التصحر والتملح والتغدق.

- توفير حماية فعلية للمنتج المحلي على وفق الروزنامة الزراعية، وتحسين وتطوير عملية الخزن والتسويق.

- توفير البذور عالية الرتب وعالية الغلة والتي تتحمل ظروف العراق، وبأسعار مدعومة، كذلك الأسمدة والمبيدات والمواد البيطرية.

- استمرار تسلم الدولة المحاصيل الاستراتيجية وباسعار مجزية، وتسديد المستحقات في وقتها، وضمان أنسيابية افضل للتسويق، والإسراع في الاستلام والفحص ومحاربة الفساد في هذه العمليات.

- تفعيل دور وزارة الزراعة في توفير المكائن ووسائل الري الحديثة وباسعار مدعومة ومجزية.

- التفكير الجاد في احياء مئات مشاريع الإنتاج النباتي والحيواني، المتروكة الآن والمهملة، والتي تغطي افضل واجود الأراضي الزراعية.

- الاعتناء بالريف عموما وتوفير الخدمات لسكانه وإعمار البنى التحتية فيه.