اخر الاخبار

في كل مرة يطل علينا أعضاء مجلس النواب بمقترحات ومشروعات قوانين ليست ضمن أولويات وحاجات الناس، مؤخرا جاءت إحدى هذه الإطلالات بخصوص تعديل الفقرة 57 من قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 والخاصة بأحقية حضانة الأطفال في حالات الطلاق، وبحسب ما ذكرته مسودة القانون المعدل في الأسباب الموجبة ومنها “ الحفاظ على الأطفال من الضياع والتشتت وتنظيم الروابط الأسرية وتحقيق التوازن بين حقوق الطفل وذويه . . . “ وأسباب اخرى متذرعين بها على إنها تتفق مع مبادئ الشريعة الاسلامية. كذلك حسب تصريح بعض أعضاء اللجنة القانونية النيابية أن الغرض من التعديل لتحقيق العدالة بموضوع حضانة الأطفال، وإن بعضهم ساق حججا واشاع أن ذلك يقلل من حالات الطلاق اذ أنه يمثل تهديدا أو هاجسا لدى الزوجة بفقدان حضانة الأطفال.

والتعديل جاء بالتحديد أن تكون حضانة الأطفال للأب مباشرة وليست كما معمول به الآن وهي أن الحضانة للأم ويسمح للأب برؤية الأطفال بشكل دوري. وهنا نقف أصلا على أسباب الطلاق ومسبباته وهي كثيرة وترجع للزوجين حصراً، أما الأطفال فهم ضحية هذا التصرف والموقف وهو الطلاق، وبادعاء أن التعديل يقلل من حالات الطلاق أي أن الزوجة يجب أن تتحمل سلوكيات وتصرفات الزوج السيئة ومعاملته غير الانسانية لها وهو ما يجعل الزوج يفعل ما يفعل بها وتبقى صامتة خوفا من فراق أطفالها وحضانتهم. وفي ادعاء آخر أن حضانة الأطفال مع الأم قد يعرضهم لتعسف وتعنيف زوج الأم الجديد، وفيما يخص البنات من الأطفال يتحول لموضوع تحرش، متناسين أن الحضانة للأب ايضا قد تعرض الأطفال لتعسف وتعنيف وسوء المعاملة من قبل زوجة الأب، وواقعا فإن حالات تعرض الأطفال المحضونين لدى الأب لمعاملة سيئة من قبل زوجة الأب هي الأكثر شيوعا وانتشارا وهو ما مطلوب أن يكون له تشريع وقوانين ضامنة لسلامتهم. ومن هذا نلاحظ ما تحمله عقلية المشرع من فكر ذكوري يكرس لسطوة الرجل في المجتمع ويزيد من ضعف موقف المرأة والزوجة بالتحديد في ظل مشاكل وتعقيدات كبيرة تعاني منها المرأة العراقية في وقت تشهد كل بلدان العالم والتجمعات البشرية تحولا نحو العدالة والمساواة وتمكين المرأة، أضف لذلك أن الخوض في قوانين ومشروعات لا تحتل مراتب متقدمة من أولويات مشاكل المجتمع مقارنة بالفقر والبطالة والسكن والتراجع الأمني والاقتصادي والحريات العامة ومكافحة الفساد وكثير من المشاكل والقوانين التي تنتظر الحل والتحديث بما يسهم في تعزيز رفاهية المجتمع ، يبقى الخوض في تلك القوانين والتفصيلات الثانوية امراً يبين مقدار الفجوة بين الشعب وممثليهم في السلطة التشريعية وانعزالهم تماما إلا بما يخدم مصلحتهم وعقدهم العقلية وتوجهات كبارهم .

عرض مقالات: