اخر الاخبار

لم يبرحْ العراق ذيل قائمة المؤشرات العالمية في مختلف القطاعات، وقد اعتاد العراقيون على تلك الأرقام المأساوية التي تخص قضايا التعليم والصحة والمعيشة وحرية المرأة والتعبير وغيرها.  ويعزو العديد من المختصين والمراقبين هذه الحالة إلى أسباب كثيرة، تقف في مقدمتها ظاهرة الفساد التي تجذرت في بنية الدولة، فضلا عن سوء الإدارة وغياب التخطيط، وتداعيات نظام المحاصصة الطائفية.

تراجع اقتصادي مؤسف

ويقول الاقتصادي عادل عبد الزهرة: إنّ أسباب تراجع العراق في المؤشرات الدولية هو “نتيجة حتمية لمنهج المحاصصة والفساد”.

ويضيف عبد الزهرة في حديث لـ”طريق الشعب”، أن الوضع الاقتصادي يمثل عاملا مهما في هذا الجانب “كون اقتصاد البلد بقي على طابعه الريعي. وقد تسبب هذا التوجه في إهمال القطاعات المؤثرة كالزراعة والصناعة والسياحة، والاعتماد على النفط وحده مصدرا للدخل برغم ذبذبة الاسعار. فكل ذلك يتطلب تنويع القاعدة الاقتصادية والانتاجية وتفعيل القطاعات التي تساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني”.

ويضيف المتحدث قائلا: إن “تحسين وضع العراق ومواقعه على لوائح المؤشرات العالمية مرهون بإحداث تغييرات جذرية واصلاح الاوضاع السياسية والاقتصادية، واعتماد مبدأ المواطنة بدلا من المحاصصة الطائفية، واقامة العدالة الاجتماعية والمساواة، وهو ما لا يمكن ان تحققه المنظومة السياسية الحالية التي تتميز بسوء الادارة والتخطيط”.

فساد مستشر

وفي السياق ذاته، يتحدث الناشط محمود طارق، عن خطورة ملفات الفساد المالي والإداري وغياب الرقابة على هذا الجانب. وقال طارق لـ”طريق الشعب”، إنّ “الاخبار اليومية التي تتعاطى معها وكالات الانباء والمحطات الفضائية وغيرها، تجعلنا لا نستغرب من تصنيف بغداد كأسوأ عاصمة للعيش بسبب تردي الخدمات التي تكاد تكون معدومة”.

ولفت إلى أن “هذه المؤشرات تعري المنظومة السياسية الماسكة بالسلطة، وتكشف لنا مدى فشلها على مدار 18 عاما”.

ويحمّل الناشط حكومات ما بعد العام 2003 مسؤولية تراجع العراق في المؤشرات العالمية، مشيرا الى انها جعلت البلاد “فريسة للجهات الخارجة عن القانون، وبالتالي أضعف ذلك الدولة وتدهور وضعها الأمني”.

معايير كثيرة

من جانبه يقول، رئيس جمعية المواطنة لحقوق الانسان، محمد السلامي ان أحد أسباب تسيد العراق ذيل التصنيفات العالمية هو أن البلد لم يغادر المرحلة الانتقالية حتى الان: من نظام ديكتاتوري فاشي إلى أجواء يمكن التحدث عنها تحت اسم الديمقراطية.

ويضيف أن “سيادة القانون أبرز المعايير في تقييم الدول بالمؤشرات العالمية، فعندما لا يكون هناك تطبيق للقانون، ولا أمن ولا معاقبة للمجرمين، ان اسم العراق لا ينفك عن الترتيب المتأخر في تلك التصنيفات.

ويلوح السلامي الى وجود تأثيرات دولية في بعض الأحيان على جعل العراق في هذا الموقع أو ذاك، ولكن بنفس الوقت توجد منظمات رصينة، لديها معايير محددة، وتتعاطى مع البلد بوضعه الحقيقي، وتضعه في مرتبة مستحقة.

ولا يشكك السلامي في التصنيفات الخاصة بوضع المرأة في البلد، ومجانية التعليم، ووضع الطفل، والرعاية الصحية، وحقوق الانسان، “جميع هذه المعايير هي مهنية”.

إحصاءات واستبيانات

ونوه رئيس جمعية المواطنة، الى ان “المنظمات الدولية تعتمد على المعلومات التي تنشر علنا، مثلا إحصاءات وزارة التخطيط إضافة للمعلومات التي تنشرها المؤسسات والجهات الحكومية المعنية، وبعض الأحيان لديهم معلومات مباشرة تتم من خلال مراسلتهم المؤسسة  المعنية وعمل استبيانات”.

وبيّن انه “في العراق توجد مؤسسات متخصصة في هذا المجال، الا ان خبرتها قليلة، لأنها نشأت ما بعد عام 2003، وعملها غالبا ما يتصف بالعشوائية، ولا تكون دقيقة في معلوماتها، إضافة للضغوط التي تتعرض لها المؤسسة، وسطوة رئيس المنظمة اذا ما كان حزبيا أو غير مهني”.

واستدرك بالقول ان “عدم توفير الحقوق الدستورية التي جاءت في الباب الثاني من الدستور العراقي عام 2005، مثل حق العيش الكريم وحق السكن وغيرهما، بسبب الفساد أو عدم التنمية، يعد مخالفة دستورية، خصوصا ان هناك حقا يسمى بـحق التنمية المستدامة، والذي ينص على توظيف كافة الإمكانيات للدولة وتوزيع الناتج الوطني، بشكل متساوٍ على كافة شرائح المجتمع، وهو أيضا ما يؤثر على وضع العراق في المؤشر العالمي”.

وتابع قائلا “ليس هناك عقوبات مباشرة بسبب عدم توفير هذه الحقوق، لكن المجتمع يمكن ان يضغط على البرلمان ويفرض عليه تشريع القوانين التي تضمن حقوقه مثل حق التنمية والعمل والسكن التي تأتي عبر الزمن”.

عرض مقالات: