في ظل سياسة وجهود القوى المتنفذة في السلطة، الرامية الى تعزيز الجهل والتخلف، وبالتزامن مع غياب مختلف اشكال الدعم الحكومي للشباب والثقافة، شهدت مدينة الثورة، اخيراً، مبادرة ثقافية تعد الاولى منن نوعها بعد طول انتظار.
ونظم عدد من شباب مدينة الثورة (الصدر)، مهرجانا ثقافيا احتضنته ساحة مظفر، بهدف إحياء الروح الثقافية وتعزيز الوعي بين الشباب، وكرد فعل على الصورة النمطية السلبية التي يصار الى ترسيخها عن مدينة الثورة، وللتأكيد على دورها كوعاء حضاري مليء بالطاقة الإبداعية.
توزيع الكتب بالمجان وتنظيم الندوات الثقافية ليست سوى بعض الأنشطة، التي اكد المنظمون لهذا الحدث، انها انطلاقة نحو توسعة الانشطة الثقافية على اساس برنامج متكامل لمحاربة التخلف والجهل في المجتمع.
واستهل المهرجان فعالياته، بكلمة القاها مسؤول التجمع، ومن ثم ندوة ثقافية عن المدينة وتاريخها، وعمل مسرحي عن القضية الفلسطينية، قبل الشروع بتوزيع الكتب المجانية على الحضور.
نملك برنامجاً ثقافيا متكاملاً
عضو اللجنة المنظمة للمهرجان، فرات علي قال انه "في الآونة الاخيرة، ترسخت صورة نمطية خاطئة عن مدينة الثورة وهي صورة سلبية، وكان من واجبنا عكس الصورة الايجابية والحقيقية عن المدينة وناسها. لدينا الادباء والشعراء والاساتذة، والمثقفون وقراء الكتاب".
واشار الى ان "المبادرة تهدف للحث على القراءة. لا يخفى على احد واقع المدينة الاقتصادي المنهار، والذي يمنع الشباب من شراء واقتناء الكتب. وعليه قررنا توزيع الكتب على الشباب بالمجان".
واوضح في حديثه مع "طريق الشعب"، أن هذه "المبادرة، تأتي ضمن سياق انشطة ثقافية اخرى سبقتها امتدت على مدى اكثر من شهرين، وتخص الندوات الثقافية وتلك المتعلقة بالمخدرات واخرى عن فلسطين واخيراً تعديل الدستور".
وتابع قائلاً ان "فريق تجمع بغداد الخدمي ومنتدى الركن المعرفي بذلوا جهودا مضنية في سبيل توفير الآلاف من الكتب للشباب"، مؤكداً ان "الهدف الاساسي هو إحياء الروح الثقافية بالمدينة".
وكشف عن ان هناك "برنامجا ثقافيا متكاملا نتبناه ونسعى لتحقيقه وعكسه على أرض الواقع. وعلى رأس الأولويات هو إعادة إحياء المكاتب المدرسية. إذ نفتقد المكتبات في مدارسنا ولم تعد تلعب دورها المفترض، وعليه سنعمل على تفعيل الجانب الثقافي بالمدارس، من خلال انشاء مكتبات وبالتعاون مع وزارتي التربية والثقافة، بالاضافة الى انشاء او اقامة بعض الندوات او الورش للتحفيز على القراءة واهمية القراءة بالمدارس".
واكد ان "الفريق تطوعي ويعمل بتمويل ذاتي وغير تابع لأي جهة، ولا لجهة سياسية. كل الجهود ذاتية".
أين الدعم الحكومي؟
الناشط حسن وجيه، وصف الفعالية بأنها "حدث فريد من نوعه، وخصوصاً في هذه المدينة التي تفتقد مثل هذه الفعاليات الثقافية لدعم الطاقات الشبابية"، مبينا ان المدينة "لديها خصوصية في هذا الجانب، فهي معبأة بالطاقات الشبابية الناشطة والفاعلة في مختلف المفاصل، ولكن غياب الدعم والتهميش يلعب دورا في طمس هذه الامكانيات والطاقات".
واكد وجيه، ضرورة وأهمية "ادامة زخم هذه الفعاليات التي تدعم وتمكن الطاقات الشبابية وتحث على القراءة وتدعم الجانب الثقافي وتعززه، فشباب المدينة متعطشون للثقافة بمختلف شرائحهم، من شعراء وكتاب وادباء ومواطنين بسطاء".
وانتقد وجيه في سياق حديثه "غياب مختلف اشكال الدعم الحكومي للشباب خصوصاً في الجوانب الثقافية، لعل ابسط الامثلة هو غياب المنتديات الشبابية، برغم أهميتها البالغة ودورها الذي يفترض ان تلعبه".
حاضنة لحملة الفكر المستنير
عضو منتدى الركن المعرفي، علي موري قال ان هذا المهرجان "يأتي ليجدد رح الثقافة والمعرفة في قلوب ابناء مدينتنا، وهو خطوة هامة نحو تعزيز الوعي ونشر الفكر المستنير وترسيخ الثقافة ونشرها"، مبينا ان هناك "حاجزا فاصلا بين المثقف والمجتمع ولأسباب كثيرة، ونعتقد اننا يمكن ان نكون حلقة الوصل التي تربط وتقوي هذه العلاقة".
واكد في حديث مع "طريق الشعب"، ان "هذه الفعالية الثقافية ليست الاولى ولن تكون الاخيرة، وسنعمل بجهد على ان نكون حاضنة لحملة الفكر المستنير والتقدمي، وداعمين للشباب وطاقاتهم الابداعية، ولن ندخر جهداً في توسعة مدارك شبابنا ورفع مستوى وعيهم وترسيخ الثقافة وتعزيزها في صفوفهم".
وبين ان "مثل هذه الفعاليات تكتسب اهميتها في كونها محطة لتلاقح الافكار ومناقشة المشاكل، فهي سلاح فعال لمحاربة التخلف والجهل، و هذه الفعالية ستكون سنوية ثابتة. وزعنا 7000 كتاب ونطمح الى توزيع 15 الف كتاب في الفعالية القادمة".