اخر الاخبار

دفعت الظروف الاقتصادية والسياسية والحروب المتتالية التي مر بها العراق منذ عام 2003 إلى تفشي ظاهرة نزول الأطفال إلى الشوارع. إذ أن العديد من هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبات في الحصول على التعليم بسبب الفقر وعدم الاستقرار. بينما تستغلهم العصابات المنظمة كوسيلة لتحقيق مكاسب مالية غير مشروعة.

أزمات متعاقبة

قالت الباحثة الاجتماعية بلقيس الزاملي، أن "الواقع الاجتماعي للأطفال في العراق يشهد تحديات جسيمة ومأساوية، نتيجة للأزمات المستمرة في البلاد. فقد خلفت الحروب الطائفية والصراعات أعداداً كبيرة من الشهداء والقتلى، ما أدى إلى فقدان العديد من العوائل لمعيلها أو عدم قدرة الآباء على إعالة أسرهم بسبب العاهات المستديمة التي تعرضوا لها وغيرها من التداعيات".

وأضافت لـ "طريق الشعب"، أن "الأزمات المتعاقبة خلقت فجوة بين طبقات المجتمع، انعكست سلبا على الطفولة، وأصبحت الحكومات المتعاقبة بعد العام 2003 تركز بشكل رئيس على مشاكلها وصراعاتها السياسية، وتجاهل الجانب الاجتماعي والاقتصادي وتفاقم الأوضاع. كما نجد ارتفاعا مقلقا في حالات الطلاق".

وذكرت، ان "العصابات المسلحة أسهمت في تعميق معاناة الأطفال، حيث تتاجر بهذه الفئة الضعيفة وتستغلهم في الاستجداء في الطرقات، مستفيدة من الأموال التي يجلبها هذا النشاط غير القانوني".

وطالبت بتكاتف الجهود الحكومية والمجتمعية لمعالجة الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية والعمل على حماية الأطفال من الاستغلال والتهميش. وحذرت من اهمال هذه الشريحة: ستكون له نتائج وخيمة على المجتمع.

استيراد متسولين

الباحث الاقتصادي عبد السلام حسن حسين يقول إن العراق يواجه ظاهرة خطرة تتعلق باستيراد المتسولين من الاطفال، التي تشكل تهديدًا كبيرًا على الاقتصاد والمجتمع العراقي.

ويضيف حسين خلال حديث مع "طريق الشعب"، قائلاً: "نحن أمام واقع مؤلم حيث أصبح العراق بلدًا يستورد المتسولين، وهذا أمر مؤسف ومؤذٍ للعراق".

وأضاف حسين، أن "هناك العديد من الثغرات القانونية والاستغلال الذي يمارسه السماسرة في إدخال هؤلاء المتسولين إلى البلاد بشكل غير شرعي"، مشيرا إلى أن "هذه الظاهرة تشكل جزءًا من مشكلة أعمق تتعلق بضعف الرقابة الحكومية والاختراقات في الأجهزة الرسمية".

وأكد حسين، أن هناك إمكانية لانتشال الأطفال من معاناتهم،

وتحدث حسين أيضًا عن انتشار ظاهرة التسول بطرق إجرامية، محذرًا من خطورة عدم معالجة هذه الظاهرة، وأوضح "اليوم، أصبح المتسول عندما لا تعطيه المال، يتوقع أن يعتدي عليك". وذكر حادثة شاهدها شخصيًا في نفق الشرطة بالعاصمة بغداد، حيث تعرض شخص للاعتداء بسبب عدم تقديم المال لأحد المتسولين.

ودعا حسين الحكومة إلى تبني سياسات رقابية صارمة لمعالجة هذه الظاهرة، مشيرًا إلى أن اعتماد طرق علاجية خاطئة يسهم في تفاقم المشكلة.

واختتم حسين بالتأكيد على أهمية التعاون المشترك بين "المواطنين والحكومة لمعالجة هذه القضايا الملحة".

ضعف سيادة الدولة

تقول الناشطة إلهام قدوري، أن الأطفال في العراق يواجهون ظروفًا بالغة الصعوبة منذ عام 2003، اثرت سلبًا على حياتهم ومستقبلهم.

ويضيف، أن هذه التحديات تشمل ارتفاع معدلات البطالة، انتشار الأمراض، وزيادة معدلات الفقر والامية والحرمان من التعليم والصحة المجانية، ما ادى إلى تدهور أوضاع العائلات العراقية وخاصة الأطفال.

وتشير قدوري خلال حديثها لـ "طريق الشعب"، إلى ظاهرة تزايد أعداد الأطفال المتسولين في الشوارع، محذرة من أنهم غالبًا ما يكونون تحت سيطرة عصابات إرهابية منظمة، لافتة الى أن هذا الوضع يتزامن مع زيادة معدلات التسرب من المدارس وتعاطي المخدرات بين الأطفال، وهي مشكلات تفاقمت بسبب ضعف سيادة الدولة وغياب القيادة الوطنية الصادقة.

وتعتقد قدوري أن هذه الظروف بأنها تنشئ أطفالًا غير قادرين على العيش بصورة سليمة، ما يجعلهم عرضة للانحراف ويسهل تجنيدهم من قبل المنظمات الإرهابية في المستقبل.

كما تذكر أن هذه المشكلات تُقارن بتحديات أخرى مثل المحاولات الخجولة لتعديل المادة 57 من قانون الأحوال الشخصية المتعلق بحضانة الأطفال، واباحة تزويج القاصرات.

عرض مقالات: