اخر الاخبار

انتقد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي قيام وزارة النفط العراقية بتحويل جميع الحقول النفطية والرقع الاستكشافية والأنشطة الاستخراجية إلى الاستثمار الأجنبي عبر عقود الشراكة، في وقت يتم فيه إقصاء الجهد الوطني من هذه العمليات.

وذكر المرسومي الوزارة بتصريحاتها السابقة التي رفضت فيها هذا الشكل من العقود “الشراكة” المعمول بها في إقليم كردستان.

عقود الشراكة

وقال المرسومي لـ”طريق الشعب”، إن “عقود الشراكة هي شكل من أشكال عقود الامتياز التي تم تطبيقها في العراق خلال العهد الملكي”، مشيرًا إلى أن “هذه العقود تمنح المستثمر صلاحيات كبيرة، حيث يتولى تحديد مستوى الإنتاج والتكاليف وطبيعة التكنولوجيا، فضلاً عن التحكم بكمية الصادرات النفطية”.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أن “هذا الشكل من العقود يمثل نوعًا من الهدر، ومن المحزن أن البلد يتحول كل حقوله النفطية وكل رقعة استكشافية وكل أنشطته الاستخراجية للاستثمار، وفي الوقت ذاته يتم إقصاء العنصر الوطني من أداء هذا الدور”.

وأشار إلى أن “هذا النوع من العقود انتقدته وزارة النفط في وقت سابق، ولكن الوزارة (اختلقت) تسمية جديدة بعنوان مشاركة الأرباح، والحقيقة هي مشاركة في الإنتاج. في هذه العقود، الشركات لن تأخذ النفط بل الأرباح فقط، وهذه تسمية جديدة يراد منها التغطية على الفحوى الحقيقية لهذه العقود”.

وأضاف المرسومي، أن “هذا النمط من العقود يُفضل في الحقول النفطية المغمورة تحت المياه وصعبة الاستخراج والتكوينات الجيولوجية المعقدة، ولكن في الحقول الأخرى تتم عادة تفضيل عقود الخدمة”.

ونوه إلى أن “نموذج عقود الشراكة المعمول به في كردستان يتضمن أن تذهب 56% من الإيرادات إلى الشركات النفطية الأجنبية و44% إلى الحكومة”، مشيرًا إلى أن “حكومة كردستان لديها أعذارها، حيث إن طبيعة الحقول صغيرة والتكوينات الجبلية والجيولوجية معقدة، وهناك صعوبات في عملية الاستخراج”.

الالتزام باتفاق أوبك

وتابع المرسومي، أن “الحقول النفطية الجديدة تحتاج إلى وقت، وعندما تصل إلى مرحلة الإنتاج يجب على العراق الالتزام باتفاقاته مع هذه الشركات. بمعنى أنه قد لا يستطيع تخفيض الإنتاج وقد لا يستطيع أيضًا الالتزام بحصة أوبك، إلا إذا قرر تخفيض حصة إنتاجه في حقول الجهد الوطني، وهذه الحقول بمعظمها ستحال إلى الاستثمار الأجنبي. وبالتالي، إذا لم تدخل هذه الحقول والرقع الاستكشافية للعمل بالشكل الدقيق في المستقبل، سيواجه العراق مشاكل مع الشركات الأجنبية”.

وأوضح، أنه “لنفترض أن الشركات استطاعت رفع الإنتاج إلى 6 ملايين برميل وحصة العراق من أوبك 4 ملايين و650 ألف برميل، ففي هذه الحالة ستحدث مشكلة بين الحكومة العراقية والشركات حول هذا الفائض”.

وعاد المرسومي للتذكير بجولات تراخيص النفط، مبينًا أنه “عندما قرر العراق تخفيض الإنتاج في جولات التراخيص عام 2020، قام بدفع الفرق كون الشركات غير ملزمة وتريد أرباحًا صافية عن كل برميل نفط خام منتج في الحقول، وبالتالي تحصل الشركات على الربح بغض النظر عن أي شيء، وعقود المشاركة الحالية تذهب بنفس الاتجاه”.

وأنهى بالقول إن “الحكومة، حتى وإن فكرت في تطوير الإنتاج، يفترض أن يكون ذلك من خلال الشركات الوطنية كونها تعطيها مرونة في تخفيض الإنتاج دون التعرض للغرامات”.

خلافات مع شركات النفط

وفي 24 أذار الماضي، دخلت وزارة النفط الاتحادية في خلافات مع شركات النفط الأجنبية العاملة في إقليم كردستان، لاسيما بشأن نوعية العقود المبرمة مع حكومة الإقليم. وتحدثت عن ضرورة دراستها بما يتلاءم مع القانون والدستور، فضلاً عن ضرورة تطابقها مع قانون الموازنة العامة لسنة 2023، الذي نص على احتساب كلف الإنتاج والنقل بما يساوي المعدل الذي تدفعه الوزارة في عقودها، حيث يبلغ معدل كلفة الإنتاج (6.9$ للبرميل).

لكن وزارة النفط عادت بعد شهرين في 11-13 مايو، وأطلقت الجولة الخامسة التكميلية والسادسة، واعتمدت فيها عقود الشراكة ذاتها المعمول بها في إقليم كردستان.

من الخدمة الى المشاركة

من جانبه، قال عضو لجنة النفط والغاز علي المشكور في تصريح صحفي إن هناك استغرابًا من جولة التراخيص النفطية الأخيرة التي سجلت انتقالًا من نمط عقود الخدمة مع المستثمرين الأجانب إلى صيغة عقود الشراكة، بينما كان هذا هو المأخذ الأساسي في الخلاف مع كردستان حول عقود الشركات.

وأشار إلى أن ذهاب الحكومة نحو عقود الشراكة يشكل مفارقة نظرًا لحجم السلبيات والاعتراضات التي تحدثت عنها الحكومة تجاه تعاقدات حكومة كردستان، مطالبًا بالإيضاح حول المستجدات أو وجهات النظر التي تغيرت لكي نتجه نحو عقود الشراكة.

وأوضح النائب أنه “لو كان العراق دولة فتية أو غير غنية، لكان الذهاب نحو عقود الشراكة منطقيًا، لكن كدولة تملك إمكانيات كونها ثاني منتج نفط في أوبك، فهذا مستغرب”.

اللافت للنظر أن إبرام هذه العقود يأتي بالتزامن مع قرارات أوبك المتعلقة بتخفيض الإنتاج، فضلاً عن أن مثل هذه العقود ينبغي أن تكون في أماكن الاستخراج الصعبة. وهنا، ليس لدينا مثل هذه الصعوبات، فضلاً عن ضرورة أن تكون هناك شفافية وإعلان كل تفاصيل هذه العقود للرأي العام.

مع الإشارة إلى أن الحكومة قالت في وقت سابق إن العقود المشابهة التي أُبرمت في الإقليم تتنافى مع الدستور، بينما هي توقع عقودًا حاليًا بنفس الصيغة التي اعترضت عليها سابقًا، حيث تماثل عقود الشراكة بالإنتاج مع عقود الشراكة بالأرباح، بحسب رأي خبراء نفطيين.

عرض مقالات: