ذكرت وكالات أنباء أن العديد من سكان بغداد شكوا ليل الاثنين الماضي من رائحة كريهة خنقت مناطقهم، مشيرة إلى أن السكان وصفوا الرائحة بأنها أشبه برائحة الكبريت، وانها صادرة عن دخان خيّم على مناطقهم.
ونقلت وكالات الأنباء عن مصادر محلية في العاصمة، قولها أن “هذه الحالة تتكرر بين حين وآخر، وأن الدخان ناتج عن حرق المطامر الصحية في موقع معسكر الرشيد”.
وتساءل العشرات من المدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، عن مصدر تلك الرائحة، في حين لم يصدر عن الجهات الحكومية المعنية أي توضيح.
وفي اليوم التالي، كتب المتنبئ الجوي صادق عطية على صفحته في فيسبوك: “خَرائِط التلوثَ البيّئي تشير الى زيادة في كميات ثاني اكسيد الكبريت في اجواء بغداد البارحة. حيث بلغت حوالي 60 ملغم/ متر²”، مضيفا أن “حرق الوقود الأحفوري يعتبر المصدر الأوّل لثاني أكسيد الكبريت، إذ يصل التلوّث الناجم عنه إلى مستويات خطرة بالقرب من المحطّات التي تعمل على الفحم ومن مصافي النفط وفي المناطق ذات الطابع الصناعي”.
وأشار عطيّة إلى ان “استنشاق ثاني أكسيد الكبريت يزيد من خطر التعرض لمشاكل صحيّة كالسكتة الدماغيّة وأمراض القلب والربو وسرطان الرئة والوفاة المبكّرة. كما أنّه يؤدّي إلى صعوبة في التنفس، خاصةً للذين يعانون حالات مزمنة”.
وكثيرا ما يشتكي بغداديون من انبعاثات غازية ناتجة عن حرق النفايات في موقع معسكر الرشيد، وغيره من مواقع الطمر الصحي. في الوقت الذي يُحذر فيه خبراء في البيئة والصحة، من خطورة تلك الانبعاثات على صحة المواطنين لما تحمله من مواد سامة مسرطنة.
ويقوم عدد من العاملين في مهنة جمع المواد المعدنية، ممن يُطلق عليهم “النباشة”، بحرق المطامر الصحية لتسهيل العثور على تلك المواد، الأمر الذي يُخلف أدخنة كثيفة تنقلها الرياح إلى المناطق المأهولة بالسكان.
فيما يضطر سكان بعض الأحياء السكنية إلى التخلص من النفايات عبر حرقها، في ظل ضعف الجهد الخدمي الحكومي.
وفي العام 2023 تصدرت بغداد المدن العربية بمستوى تلوث الهواء، وحلّت في المرتبة 13 عالميا، بمعدل تلوث تجاوز 10 أضعاف القواعد الإرشادية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
ووفقاً لبيانات صادرة عن شركة “IQAir” لتكنولوجيا جودة الهواء السويسرية، لا يزال تلوّث الهواء يمثّل أكبر تهديد للصحة البيئية في العالم. ويتسبّب التعرّض لتلوّث الهواء في حالات صحية عديدة قد تتفاقم، تشمل على سبيل المثال، أمراض الربو، والسرطان، وأمراض الرئة، وأمراض القلب، والوفاة المبكرة.
ولمواجهة هذا التلوث والحد من آثاره الخطيرة، يرى اختصاصيون أن المطلوب هو زيادة المساحات والأحزمة الخضراء داخل العاصمة وما حولها، وتشديد الرقابة على مخلفات الغازات والأبخرة المضرة بالبيئة والملوثة للهواء من مصانع ومعامل ومركبات، والعمل على تنظيم التوسع والتخطيط العمراني والسكاني داخل المدن بشكل يضمن عدم الضغط الكبير على منظومات البنى التحتية التي تعاني أصلا التقادم والاستهلاك، والتي هي بحاجة لتحديث وإعادة ترميم وبناء.