أصدرت محكمة التمييز الاتحادية مؤخرًا قرارًا في دعوى إحدى العاملات في القطاع الخاص ضد رب عملها، الذي امتنع عن منحها مكافأة نهاية الخدمة بعد سنوات طويلة من العمل.
عاملة تطالب بحقوقها
وأوضحت المحكمة في قرارها، الذي اطلعت عليه "طريق الشعب"، أن "المدعية عملت لدى المدعى عليه منذ عام 1999 حتى استقالتها في عام 2022. وعندما طلبت صرف مكافأة نهاية الخدمة، رفض المدعى عليه ذلك دون أي سند قانوني".
كما أشارت المحكمة إلى أن "محكمة العمل أصدرت حكمًا في 28 نيسان 2024 برد دعوى المدعية، مما ألزمها بدفع الرسوم والمصاريف وأتعاب المحاماة". وأضاف القرار أن "المدعية لم تقبل بالحكم وطعنت فيه تمييزًا، مطالبةً بنقضه للأسباب المذكورة في لائحة وكيلها".
قرار محكمة التمييز
وأكد القرار أن "المدعية تستحق مكافأة نهاية الخدمة وفقًا لأحكام المادة 45 من قانون العمل رقم 37 لسنة 2015، وأنه كان يجب على محكمة العمل عرض القضية على خبير قضائي أو أكثر لتقدير التعويض المناسب، خاصة وأن خدمتها تجاوزت العام. لذا، تقرر نقض الحكم وإعادة الدعوى إلى محكمة العمل للسير فيها".
عاملة تشكو من انتهاكات أرباب العمل
تعتبر المدعية واحدة من آلاف عمال القطاع الخاص الذين يعانون من عدم إنصاف أرباب العمل بسبب ضعف الرقابة القانونية.
تقول سارة ليث، وهي عاملة في أحد المراكز التجارية، إنها تتقاضى راتبًا شهريًا قدره 400 ألف دينار مقابل 12 ساعة عمل يوميًا. وتذكر لـ"طريق الشعب" أن "صاحب العمل سرح العديد من العاملين دون تعويض، رغم أن الكثير منهم يعملون منذ سنوات عديدة وهم غير مشمولين بالضمان الاجتماعي للعمال".
وعن سبب عزوف العمال عن رفع الدعاوى القانونية، تفيد سارة أن "رفع الدعوى يتطلب تكاليف مالية كبيرة، ومعظم العمال يتقاضون أجورًا بسيطة، أو تم الاستغناء عن خدماتهم، مما يجعلهم يعانون من ضعف الإمكانيات المادية". وتضيف أن "حسم القضايا القانونية يستغرق وقتًا طويلاً، مما يجبر العمال على سحب الدعاوى والبحث عن فرص عمل جديدة".
زخم الدعوى القانونية
من جانبه، أكد المحامي المختص في الشأن العمالي، مصطفى قصي، لـ"طريق الشعب"، أنه "بعد إقرار قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال، زاد إقبالهم على رفع القضايا ضد انتهاكات أرباب العمل للمطالبة بحقوقهم المالية".
كما أشار إلى أن "عدد الدعاوى التي تستقبلها محكمة الرصافة يتجاوز 2000 دعوى سنويًا، مما تطلب فتح محكمة أخرى في الكرخ، ولكن لا يسمح بتحويل الدعاوى من محكمة الرصافة إليها، مما يؤدي إلى زيادة الزخم في المحكمة الأخيرة".
ونبه المحامي قصي إلى أن "عدد قضايا العمل لا يتناسب مع حجم الانتهاكات التي يتعرض لها العمال"، مشددًا على "ضرورة توعية العمال بقانون العمل والتنظيم النقابي لضمان حصولهم على حقوقهم". وحول تأخير حسم قضايا العمال، أشار إلى "حجم الضغط الذي تعاني منه محاكم العمل، مما يستدعي توسيع فروعها".
تأخير في حسم القضايا
بدوره، أفاد الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق، عدنان الصفار، أنه "رغم التأكيد القانوني على أن قضايا العمال يجب أن تُنجز بسرعة، إلا أن الواقع يخالف ما ينص عليه قانون العمل الحالي". وأضاف في حديثه مع "طريق الشعب" أن "التأخير في حسم قضايا العمال أثر سلبًا على مواقف العديد منهم في رفع الشكاوى القانونية ضد أرباب العمل لاستعادة حقوقهم".
وأشار الصفار إلى تشكيل محكمة العمل، موضحًا أن المحكمة كانت ثلاثية قبل أن تعترض المحكمة الاتحادية، مما أدى إلى إلغاء عضوية ممثلي العمال وأصحاب العمل بحجة عدم قانونيتها.
وفيما يتعلق برسوم إقامة الدعوى، ذكر الصفار أن "المادة 66 من قانون العمل تعفي العمال والنقابات من دفع الرسوم، كما تؤكد الفقرة الثالثة من المادة ذاتها أن قضايا العمل تعتبر دعاوى مستعجلة". ورغم ذلك، أشار إلى أن ما يتعرض له العمال يتنافى مع قانون العمل، رغم حرص محكمة العمل على حسم القضايا لصالحهم. ويرى الصفار أن ارتفاع عدد قضايا العمال "يعكس تزايد الوعي بين العمال الذي يتطور مع مرور الوقت".
وزارة العمل تتحمل المسؤولية
وعن رسوم محكمة العمل، دعا الصفار إلى ضرورة دعم إجراءات المحكمة إداريًا من قبل الحكومة، لتمكين العمال من رفع الشكاوى القانونية، وبالتالي تقليل الانتهاكات. وأكد على أهمية تعزيز الرقابة القانونية والحكومية على سير العمل في شركات القطاع الخاص لمنع أي تجاوزات قانونية.
في الختام، حمل نائب الأمين العام لاتحاد نقابات عمال العراق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية مسؤولية استمرار أرباب العمل في تجاهل البنود القانونية لقانون العمل، مما يسلب حقوق العمال دون تعويضات مناسبة.