نظم أهالي قرية “أبو مغيرة” في قضاء ابي الخصيب جنوبي البصرة، السبت الماضي، وقفة جماهيرية احتجاجا على المسار المحدد لمشروع الطريق الحولي الرابط بين مناطق عدة في المدينة، والذي من المقرر تنفيذه في الفترة القادمة، مبينين أن الطريق سيمر بقريتهم الزراعية التي تضم بساتين كثيفة مليئة بأشجار النخيل المثمرة، مما تبقى من نخيل البصرة الذي أبادته الحروب أو جرفته الآليات في سياق ظاهرة تجريف الأراضي الزراعية وتحويلها إلى سكنية.
ووفقا لما أفاد به محافظ البصرة أسعد العيداني في حديث صحفي سابق، فإن الطريق الحولي سيبدأ من محوّل مطار البصرة الدولي ويتجه جنوبا بموازاة المدينة وصولاً إلى طريق الزبير، ثم يتجه شرقاً ليعبر شط البصرة باتجاه شط العرب ليؤمن الوصول إلى كافة المناطق في الجهة الشرقية، ثم يتجه شمالاً وغرباً ليعبر نهر دجلة، وبعدها إلى قضاء الهارثة، وصولا إلى المحول الأساسي في مطار البصرة، والمؤدي إلى بغداد.
وكانت “طريق الشعب” حاضرة في الوقفة الاحتجاجية لأهالي “أبو مغيرة”. فالتقت بعدد من المحتجين، وكان بينهم المواطن عبد الحسين عبد علي، الذي أكد أنهم ليسوا ضد المشروع مطلقا، لكنهم ضد مساره، مبينا أن “الطريق سيمر في منطقة زراعية مليئة ببساتين النخيل المثمر، والتي تشكل رافدا بارزا بأصناف جيدة من التمور لأسواق البصرة والوطن”.
وأكد محتجون عديدون لـ”طريق الشعب”، أنهم يسكنون في هذه القرية أبا عن جد منذ نحو 400 عام، موضحين أن الأراضي التي سيمر فيها الطريق، سواء في قريتهم أم في قرى أخرى ضمن القضاء، قسم منها أملاك صرفة للسكان، وقسم آخر أملاك وقفية يجري فيها استثمار زراعي، لذلك أن مرور الطريق في هذه البساتين، سيفرض إزالة مساحات كبيرة منها، إضافة إلى المنازل التي تقع على الأجزاء المشمولة بمسار الطريق.
من جانبه، ذكر المواطن المحتج محمد ثامر الأحمد، أن أهالي القرية ومعهم جميع أهالي البصرة، فرحون بمشاريع الإعمار والخدمات التي تُنفذ، كونها تصب في المصلحة العامة، مستدركا “لكننا نختلف مع الحكومة المحلية في مشروع الطريق الحولي، كونه سيضر بنا كثيرا”.
وطالب المواطن بتغيير مسار الطريق وتحويله إلى مكان آخر “فنحن نسكن في هذه القرية منذ مئات السنين. هي محل سكننا وبساتينها مصدر معيشتنا، ونحن لا نمتهن غير الزراعة، وحتى أولادنا تخرجوا في الجامعات بتخصصات زراعية”.
إلى ذلك، قال الشيخ علي العجر، أحد سكان القرية، أن “القرية تسكنها قرابة 3 آلاف عائلة، بحدود 30 ألف نسمة. وهؤلاء الناس من الصعب عليهم مغادرة قريتهم والانتقال إلى مناطق أخرى، لعدم توفر الإمكانيات لديهم”.
ونوّه في حديث لـ”طريق الشعب”، إلى ان “هذه القرية تمثل رئة أبي الخصيب والمناطق القريبة. فهي تزود المنطقة بالهواء النقي، نظرا لما تضمه من بساتين كثيفة”، مبينا أنه “بالإمكان تحويل مسار الطريق الحولي الى مكان آخر. إذ يمكن استثمار شارعين بديلين، الأول على طريق السيد حامد والثاني على طريق معمل الأسمدة الكيمياوية القديم”.
ويأمل المحتجون من الحكومة المحلية سماع أصواتهم، ودراسة المشروع بدقة قبل تنفيذه، بما لا يتسبب في أي ضرر للسكان وبساتينهم.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحتج فيها قرى في أبي الخصيب على مشروع الطريق الحولي. فقد سبق ان خرج أهالي قرى النزلة وكوت فريح وكوت الحمداني، في وقفة احتجاج أمام مبنى قائم مقامية القضاء، طالبوا فيها بتغيير مسار الطريق وإبعاده عن منازلهم وبساتينهم. ووقتها وعدهم القائم مقام بإيصال مطالبهم إلى الجهات المعنية في الحكومة المحلية، من أجل النظر فيها ومتابعة حلها بالشكل الذي يرضي جميع الأطراف.
وكان محافظ البصرة قد ذكر في تصريح صحفي سابق، أن مشروع الطريق الحولي يعد من أهم المشاريع الإستراتيجية الحيوية التي ستشهدها البصرة، واصفا إياه بـ”الحلم”. فيما بيّن ان المشروع يلتف حول البصرة بكل الاتجاهات وبتدفق انسيابي حر من خلال تقاطعات متعددة المستويات ودون أي عوائق وضمن السرعة الآمنة، مشيرا إلى ان المشروع يهدف إلى التخفيف من الازدحامات في المناطق الحضرية داخل المدينة، ويحد من الاختناقات المرورية وحوادث السير والانبعاثات الضارة بالبيئة، ويحسّن الاتصال والتنقل ما بين البصرة والمدن الأخرى.
وأوضح ان طول الطريق يبلغ حوالي80 كيلومترا وعرضه يصل إلى 220 متراً، وانه سيتضمن مسارب عديدة في كل اتجاه، إضافة إلى طرقات خدمية بطول 140 كيلومترا، إلى جانب مسارات للدراجات الهوائية ومساحات مخصصة لأرصفة المشاة والتشجير والإنارة.