يسجل العراق سنويًا قرابة 140 يومًا كعطلات رسمية وغير رسمية ترتبط بالمناسبات المختلفة، بالإضافة إلى يومي الجمعة والسبت من كل أسبوع. وتعتبر مسألة العطل الرسمية الكثيرة، احد عوائق الحياة العامة، خاصة في ما يتعلق بتقديم الخدمات الحكومية والتعليمية.
ويمنح القانون العراقي حكومات المحافظات الحق في إعلان عطلات خاصة، مما يؤدي إلى تكرار ذلك لأسباب مختلفة، لا سيما في المناسبات الدينية.
وبرغم هذا، لا يتم تعويض ساعات العمل المفقودة.
تأثير سلبي على موازنة البلد
وأعربت النائبة السابقة، ريزان شيخ دلير، عن قلقها إزاء تزايد عدد العطل وتأثيرها السلبي على ميزانية الدولة وحياة المواطنين اليومية.
وقالت دلير، أن الوضع الحالي يزيد من العبء على المواطنين الذين يحتاجون إلى استمرارية الخدمات الحكومية، مثل المحاكم والدوائر الخدمية. وتطرقت إلى أن بعض الفترات والمناسبات الدينية، تتسبب في توقف الدوام الرسمي لمدة قد تصل إلى 40 يوماً في بعض المؤسسات، ما يؤخر تلبية احتياجات المواطنين ويعطل الاقتصاد.
وأضافت دلير لـ “طريق الشعب”، أن “العديد من العطل الرسمية تُعطى نتيجة مجاملات سياسية”.
وأكدت أن كثرة العطل تتسبب في تأخير معاملات المواطنين في الدوائر الحكومية، خاصة في المحاكم، ما يترك المواطن في وضع صعب.
وأشارت دلير إلى أن “العدد الكبير من العطل يصيب المؤسسات الحكومية والتعليمية بالشلل، حيث تُعاني المدارس من صعوبة في إكمال المناهج الدراسية”، مبينة أن ما يتلقاه الطلبة والتلاميذ خلال العام الدراسي غير كافٍ لتطوير مهاراتهم بسبب هذه العطل المتكررة.
وتحدثت دلير عن التباين في عدد أيام العطل في العراق مقارنة بالدول الأخرى.
ودعت إلى تقليص عدد أيام العطل بما يتماشى مع حاجة الاقتصاد إلى حركة العمل المستمرة.
وأوضحت دلير أن تنوع المكونات الدينية والعرقية في العراق يزيد من صعوبة وضع جدول موحد للعطل الرسمية، مما يؤدي أحياناً إلى شعور بعض المكونات بالتمييز.
وذكرت، أن المكونات غير المسلمة قد تشعر بالظلم نتيجة عدم التوازن في عدد أيام العطل الممنوحة لهم مقارنةً بالعطل الإسلامية، داعية إلى إعادة النظر في هذا الموضوع لتحقيق العدالة.
واختتمت دلير حديثها بحث البرلمان على تعديل القوانين المتعلقة بالعطل الرسمية، مؤكدةً أن المجتمع بحاجة إلى تقليل عدد العطل وتشجيع العمل لرفع مستوى الإنتاجية، مع ضرورة استجابة الحكومة لمطالب المواطنين في تقليل العطل وضمان انتظام العمل في القطاعات الحيوية.
تراجع مستوى الخدمات
استعرض الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، الأثر المالي الكبير الذي تحمله العطل الرسمية وغير الرسمية على الاقتصاد العراقي. ووفقاً لما ذكره المرسومي، فإن العطل في العراق تشكل عبئاً مالياً هائلاً على الدولة وتعد واحدة من العوامل التي تؤدي إلى تراجع مستوى الخدمات والتنمية.
ويقول المرسومي لـ “طريق الشعب”، أن “العراق يتمتع بعدد كبير من العطل الرسمية يصل إلى 104 أيام سنوياً، وهذا يشمل أيام الجمعة. بالإضافة إلى ذلك، هناك 16 يوماً من العطل الرسمية المثبتة بموجب تشريعات البرلمان العراقي. تكلف هذه العطل الاقتصاد العراقي نحو 4 تريليونات دينار سنوياً”.
ويضيف انه “إلى جانب العطل الرسمية، هناك عطل غير رسمية يقررها المحافظون بناءً على اجتهاداتهم، وغالباً ما تكون هذه العطل مرتبطة بظروف الطقس أو مناسبات محلية أخرى، وفي بعض الأحيان تكون لأغراض انتخابية”.
ويُقدر عدد العطل غير الرسمية بحوالي 20 يوماً سنوياً، ما يضيف تكلفة إضافية تصل إلى 5 تريليونات دينار على الموازنة العامة للبلد”.
ويذكر، أن مجموع تكلفة العطل في العراق، سواء الرسمية أو غير الرسمية، يعادل تقريباً ميزانية دول مثل سوريا، مشيرا الى أن هذه العطل تؤثر سلباً على الاقتصاد العراقي حيث تعطل سير العمل في المؤسسات الحكومية وتحد من مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
ويرى المرسومي ضرورة التزام مجلس الوزراء بالعطل الرسمية فقط، دون إعطاء المزيد من العطل بناءً على اجتهادات محلية غير مستندة إلى تشريعات البرلمان. كما يدعو إلى تقنين العطل بما يتناسب مع الاحتياجات الاقتصادية والتنموية للبلاد.
ويؤكد، ان “العطل في العراق، سواء الرسمية أو غير الرسمية، تفرض تكاليف ضخمة على الاقتصاد وتؤثر سلباً على الخدمات العامة”.
٣٤ مليار دينار لليوم الواحد!
وفي السياق، يقول الخبير الاقتصادي إبراهيم الشمري أن “كثرة العطل الرسمية وغير الرسمية في العراق تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد الوطني وعلى تقديم الخدمات للمواطنين”.
وأوضح الشمري لـ “طريق الشعب”، أن “العراق يشهد عددًا كبيرًا من العطل الرسمية بالإضافة إلى عطل إضافية تُقر من قبل المحافظات، ما يفاقم من التحديات التي تواجه البلاد مع اقتراب فصل الشتاء الذي يتميز بتكرار انقطاعات الطاقة وسوء الأحوال الجوية.”
وأشار الشمري، إلى أن هذه العطل تؤدي إلى تأخير كبير في إنجاز معاملات المواطنين وتعطيل تقديم الخدمات الحكومية، موضحًا أن الدولة تتحمل تكاليف ثابتة، من بينها رواتب الموظفين، حتى خلال أيام العطل.
وأوضح، أن “كل يوم عطلة يتسبب بخسارة تقدر بحوالي 34 مليار دينار عراقي، وهي مبالغ ضخمة يمكن استغلالها في عمليات التنمية الاقتصادية”.
وأضاف، أن “هذا الوضع يضع ضغوطًا كبيرة على الميزانية العامة للدولة ويحد من قدرتها على تمويل المشاريع التنموية الضرورية، مؤكدًا أن تقليل عدد العطل وإدارة الطاقة بشكل أكثر كفاءة سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد العراقي”.