اخر الاخبار

تتفاقم عاما بعد آخر، ازمة العراق المائية، ما يضع مستقبل البلاد البيئي والاقتصادي تحت تهديد مباشر؛ فرغم تساقط الأمطار الموسمية بكميات كبيرة، لا تزال الحكومات المتعاقبة عاجزة عن تبني سياسات فعالة لإدارة هذه الموارد الحيوية.

سوء إدارة الحكومات المتعاقبة لملف المياه، وعدم تنفيذ مشاريع استراتيجية مثل بناء 36 سدًا لحصاد مياه الأمطار، يعكس قصورًا كبيرًا في التخطيط والاستجابة للتحديات المناخية والبيئية، بحسب مختصين.

 وعلى الرغم من توفر فرص الاستفادة من الأمطار الموسمية، إلا أن السياسة المائية المتبعة ما زالت بعيدة عن التوجهات المستدامة والفعّالة، ما يجعل العراق في مواجهة صعبة مع أزمة شح المياه، خصوصاً في فصل الصيف.

وتشير احصاءات وتقارير مختلفة، إلى أن العراق يفقد ما يقارب 11 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، نتيجة سوء الإدارة وعدم وجود مشاريع حصاد المياه مثل السدود والخزانات. كما أن عدد السدود الحالية لا يغطي سوى جزء بسيط من احتياجات البلاد مقارنة بالتوسع السكاني والزراعي.

توجيه مياه الأمطار الى الأنهار!

وكشف وزير الموارد المائية عون ذياب عن إسهام الأمطار الغزيرة التي هطلت مؤخراً على البلاد بتعزيز المخزون المائي بنصف مليار م3.

وتابع ان "حجم الفراغ الخزني في سدود العراق وخزاناته وبحيراته المنتشرة من جنوبه إلى شماله، وصل إلى ما يقارب 100 مليار م3، وهو ما دعا الوزارة إلى تقليل الإطلاقات المائية ضمن سدي الموصل وحديثة"، مشيرا الى ان "الوزارة وجهت كميات المياه الكبيرة التي هطلت مؤخرا على البلاد، باتجاه نهري دجلة والفرات، إذ تم الخزن في بحيرات اصطناعية في مقدم السدود بهدف توزيعها بين المحافظات".

أفضل موسم شتوي

المستشار السابق في وزارة الموارد المائية، عادل المختار قال لـ"طريق الشعب"، انه "يجب على الدولة الاستفادة من مياه الامطار بصورة جدية، وعلى اقل تقدير على مستوى توفير رية المزروعات للموسم الشتوي، حيث يكون الاعتماد الاكبر على الامطار ان وجدت او على المياه السطحية، وعليه فان مياه الامطار التي تسقط يمكن الاستفادة منها بمختلف الاشكال".

وعن الخزين الاستراتيجي قال ان "مياه الامطار تذهب الى سدود الخزن، بينما بلغت كمية الخزين الفعلي الان بحدود 15 مليار متر مكعب، وهذا بحد ذاته يعد افضل موسم شتوي تدخله كمية خزن".

وأضاف المختار ان "الاستفادة من مياه الامطار لا يعني اغفال الاهتمام بقضايا ملف المياه، فالأصل هو الاعتماد على الايرادات من دول الجوار، فمن تركيا سنويا يأتينا منها بحدود 40 مليار متر مكعب، فيما وصل العام الجاري اكثر من 55 مليار متر مكعب"، مضيفا أن "هذا الرقم الضخم جداً، لم نستطع ان نستغله بالشكل الامثل والصحيح، واستطعنا ان نخزن بحدود 21 مليار متر مكعب فقط، بينما ذهب الباقي نحو الزراعة، حيث يستهلك هذا القطاع الكمية الاكبر من المياه".

وشدد على "ضرورة اعادة النظر بالسياسة الزراعية لأنها تستهلك كميات مياه كبيرة".

وفيما يخص سدود الحصاد قال المختار ان هناك فرقا بين الاقوال والافعال، فالمقرر والمتفق عليه كان انشاء 36 سدا لحصاد المياه. لكننا لم ننفذ حتى الان ربما سوى سد واحد على ارض.

تحد آخر

وبموازاة ذلك، قال خبير السياسات المائية رمضان حمزة ان "زخات مياه الامطار لن تحل مشكلتنا المائية، واننا نواجه اليوم تحدياً اخر متمثلا بالسيول الجارفة".

واوضح في حديث مع "طريق الشعب"، ان التغيرات المناخية غيرت سياق الامطار من امطار خائدة الى امطار وميضية كثيفة، وتخلف سيولا جارفة، تأخذ ما تأخذه في طريقها"، مشيراً الى ان سدود الحصاد المائي هي احد الحلول لتصريف هذه المياه.

ونوه الى انه "كان المجرى شديد الانحدار، فبالإمكان انشاء مهارب فيضانية، وتحويلها الى مناطق اخرى"، مشدداً على "حاجتنا الى هذه المهارب الفيضانية، حيث كان لدينا واحد منها عندما كان يفيض نهر دجلة في الماضي".

واكد حمزة ان هذه "هي فرصة العراق لتعزيز الخزين الاستراتيجي، وتمنع انجراف الترب الزراعية سواء في شرق البلاد او غربها او شمالها، فهذه الامطار تكون شديدة وقوية في فترة زمنية قصيرة، وتجرف كل ما في طريقها".

واكد ضرورة ان "الترب الزراعية التي تجرف لا تعوض، لذا يجب تنظيم مجاري السيول بدءا من الحدود حتى المصبات، وتقسيمها حسب الطوبوغرافية، فالسيول ستكون كثيرة في المنطقة، لذا لا بد من انشاء المهارب الفيضانية التي ستكون اشبه بالمستنقعات وتستمر لمدة عام، حيث يمكن الاستفادة منها في تغذية المياه الجوفية وتلطيف الاجواء حيث تقلل من درجات الحرارة".

ودعا في ختام حديثه الى "انشاء المزيد من سدود الحصاد، لأننا بحاجة الى مئات السدود حسب الطبوغرافية، بحيث يمكننا تحقيق اقصى استفادة من هذه المياه والسيول في تعزيز الخزين والري التكميلي للزراعة".